بقلم : محمد الحمادي
إذاً وساطة الكويت مرفوضة ولا مجال للحديث عنها! هذا ما يبدو واضحاً من سلوك القيادة القطرية التي ما أن تسلمت مطالبات الدول الأربع المقاطعة، ليلة الجمعة، حتى قامت بتسريبها بعد سويعات قليلة لوكالات الأنباء العالمية، وقبل ذلك قام أحد المغردين المقربين من دوائر إدارة هذه الأزمة بالتغريد ساخراً من وصول المطالبات «بعد إلحاح أميركي.. الحمام الزاجل وصل»، مع العلم أن من أوصل المطالبات، هما اثنان من رجالات الكويت المحترمين، وهما مبعوثا الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت، وكانا يستحقان التقدير والاحترام بدلاً من هذا الغمز واللمز الصبياني، والأهم من ذلك هو التشكيك فيمن وراء الوساطة والإشارة إلى أن وراءها الولايات المتحدة، مع أن الكل يعرف أن تلك القائمة هي مطالبات الدول الأربع، والوسيط الوحيد، دولة الكويت الشقيقة، فَلِمَ الإصرار على إقحام أميركا في الأزمة، وهي التي قالت أكثر من مرة، إن الخلاف الخليجي شأن داخلي لا تتدخل فيه؟ وأكدت ذلك من جديد أمس، على لسان السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، شون سبايسر الذي قال إنه فيما يخص الدول الأربع المشاركة في مقاطعة قطر، «نعتقد أنها مسألة عائلية يجب عليهم هم حلها»، مضيفاً: «هذا شيء هم يريدونه ويجب أن يحلوه بأنفسهم».
ما حدث البارحة من تسريب جديد يؤكد المؤكد، وهو أن القيادة القطرية مصرة على موقفها، ولا تريد مصالحة من أي نوع، وأنها قبلت مرغمة بوساطة أمير الإنسانية، الشيخ صباح، حفظه الله، حتى لا تظهر بمظهر المتمسك بموقفه الذي لا يبدي أي مرونة لحل الأزمة، متجاهلاً كل المطالب المشروعة لدول الجوار الخليجية، مصراً على الاستقواء بالجوار الفارسي!.
من جديد نقول لقطر ما تريده الدول المقاطعة، وهو ببساطة... نريد قطر الأصيلة، قطر من دون أكاذيب الإخوان، قطر من دون اختراق إيران، قطر من دون دعم الإرهاب، قطر التي تخاف على مجلس التعاون الخليجي، والتي تهمها مصلحة وطنها العربي، قطر ما قبل التسريبات، وما قبل المكالمات التآمرية، قطر التي تعرف من هو عدوها وعدو شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي، وعدو الدول العربية، قطر التي لا تتعامل مع المتناقضات، وإنما تتمسك بالشفافية والوضوح، قطر التي تعرف أن خير أرضها وشعبها بتمسكها بوجودها مع دول الخليج، وليس بالذهاب إلى طهران أو أنقرة أو واشنطن، قطر التي تستقوي بشقيقاتها دول الخليج والدول العربية ولا تستقوي بالغريب، قطر التي لا تعين الغريب والمتربص بالقريب وبالجار وبأبناء العم، قطر التي لا تعطي أموالها وتفتح خزائنها لمن يتسبب في زعزعة أمن جيران قطر أو ارتكاب جرائم القتل والتدمير في حق البشر، قطر التي لا تأوي من يشكل وجودهم في دول الخليج وبين شعوبها خطراً على أمن واستقرار قطر والدول المحيطة بها.
بصيغة أخرى بعيدة عن السياسة وبعيداً عن الدبلوماسية، هذه هي المطالبات الجماعية التي تقدمت بها الدول المقاطعة، فهل تبدو مطالبات صعبة وتعجيزية؟ أو هل تبدو تدخلاً في سيادتها أو تعدياً على كبريائها بأي وجه من الوجوه؟! قد يكون لدى قطر بعض الوقت للتفكير والإجابة عن هذا السؤال دون الحاجة إلى تسريب جديد.