بقلم : محمد الحمادي
أربعون يوماً مضت على الأزمة الحالية مع قطر، وقد سمعنا ورأينا من قطر ما يكفي، وحصلت الحكومة القطرية على الفرص الكافية، وبدل أن تتجاوب مع تلك الفرص، رأيناها تستمر في رفضها وعنادها، بل وصعّدت من قراراتها وإجراءاتها التي يرفضها أشقاؤها الخليجيون والعرب.
بعد كل ما حدث، وبعد أن تأخر العرب في اتخاذ موقف ضد قطر لأكثر من عشرين عاماً.. وبعد الصبر عليها ثلاث سنوات، تم اتخاذ القرار التاريخي وهو قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية وإغلاق الحدود والمجال الجوي والبحري أمام الحركة القطرية، وكان هذا آخر الدواء، ولكن وبمجرد اتخاذ هذا القرار، صرخت قطر من ألم المقاطعة، وأرادت أن «تفهم»، وطلبت «الحوار»، فكانت الدول كريمة معها، فأعادت عليها مطالبها، وأعطتها فوق كل الفرص السابقة مهلة أخيرة دامت عشرة أيّام لتعود إلى صوابها، وتنفذ ما التزمت به في اتفاق الرياض 2014، إلا أن كل ذلك لم يأت بفائدة أو نتيجة، فاستخفّت قطر بالمطالب الـ13، بل ولم تحترم الوساطة الكويتية وكان ردها عليها غير لائق، وبذلك تكون الدول العربية والخليجية قد استنفدت كل الحلول والفرص التي منحتها لقطر من أجل رفع المقاطعة وعودة الأمور كما كانت.
ومن الواضح أن أزمة قطر قد استهلكت الوقت والجهد من جميع مؤسسات الدول المقاطعة، سواء الدبلوماسية، أو الاقتصادية، أو الأمنية، أو الإعلامية، وكان لابد من ذلك في المرحلة السابقة حتى لا تكون لقطر حجة، فقد عمل الجميع من أجل حل الأزمة، إلا أن قطر رفضت ذلك.
وبعد كل ذلك، نقول يكفي مضيعة للوقت والجهد، ويجب أن نحدد الوقت الذي نعود فيه إلى اليوم السابق للخامس من يونيو الماضي، وتعود الأمور كما كانت عليه من عمل من أجل الأوطان والإنسان، مع فارق واحد بسيط، وهو إلغاء قطر من حساباتنا واهتماماتنا، فوجودها على الخريطة هو الوحيد الذي يثبت بقاءها حولنا، أما هي فيجب ألا تنال اهتمام الدول وتركيزها أكثر، ويجب أن نعود للتركيز على بناء أوطاننا والاستمرار في التنمية والتميز والابتكار، والعمل من أجل الخير للجميع، ومن أجل مستقبل شعاره الأمل والسعادة والسلام، وفيما يخص عبث قطر، فهناك رجال في هذا البلد وفي الدول المقاطعة، يعملون من أجل محاربة الإرهاب، وهناك رجال يتصدون لمؤامرات الجار الذي كان عزيزاً، وهناك مؤسسات تهتم بمواجهة التحديات الخطيرة والجدية.
لم نتعود على المهاترات وعلى الألاعيب الصبيانية، ولا نريد أن نتعامل مع من امتهنوا التناقض واللعب على الحبلين، ولا نريد أن نضيع وقتنا في الرد على العقول الصغيرة، ولا نقبل أن نتحاور مع أشخاص مغيبين يرددون كالببغاوات ما يقال لهم وما يسمعونه.. فكل ما هو مطلوب من الدول المقاطعة أن تعلن استراتيجيتها بعد فراق قطر في المرحلة المقبلة، وقد تكون أبسط استراتيجية يتم إعلانها في تاريخ البشرية، لكنها الأهم ومفادها «الباب اللي يجيك منه الريح سدّه واستريح».
ويشهد العالم على أن الدول المقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، عملت كل ما بوسعها لتعود قطر إلى صوابها في هذه الأزمة وقبلها، لكنها رفضت وعاندت واستكبرت واستقوت بالغريب والأجنبي، ولم تترك للعرب خياراً غير الفراق ليتجنبوا أذاها.