بقلم : محمد الحمادي
لم نتخيل ونحن نعيش على الضفة الأخرى للخليج العربي أن يأتي اليوم الذي يردد فيه الإيرانيون في احتجاجات معلنة وبصوت عال: «الموت لخامنئي»، وهو مرشد الثورة في إيران، ولكن هذا ما رأيناه منذ أيام ولا يزال مع استمرار الاحتجاجات في مدن إيران، فهل يدرك النظام ماذا يعني ذلك؟
لا يبدو أن النظام يدرك ما يحدث، وهذا ما يجعلنا نتوقع أن يزداد قمع النظام الإيراني للمحتجين خلال الأيام المقبلة، وستكون المواجهات أكثر عنفاً وقسوة، فبعد خمسة أيّام من استمرار الاحتجاجات في عشرات المدن الإيرانية ووصولها إلى العاصمة، وتجدد اندلاعها في وسط طهران.. لا يبدو أن أجهزة وقيادات النظام في إيران قادرة استيعاب ما يحدث في الشارع، فبدلاً من أن يتجاوب النظام ويتفاعل مع مطالب الشعب اختار مواجهة المواطنين وقمعهم وقتلهم، وهذا قد لا يكون مستغرباً من نظام تعوّد على مدى أربعة عقود أن يأمر فيطاع، وأن يتكلم فيسمع
الشعب، وأن يطلب فينفذ الجميع بلا تردد، وبالتالي لا يرى الناس إلا ما يريده الملالي، أما اليوم وقد تغيرت الحال وأصبح الناس يَرَوْن كل شيء وأي شيء ويقولون ما يريدون، فإن النظام المستبد لم يعد قادراً على التعامل مع من خرجوا عن السمع والطاعة، بل وأصبحوا يحرقون صورة الخميني والمرشد الأعلى للثورة وصورة رئيس الجمهورية.. فماذا بقي من هيبة هذا النظام!
فمن الذي سيقف بجانب النظام الإيراني اليوم؟ هذا النظام الذي خسر كل محيطه العربي وغير العربي والذي عبث بأمن واستقرار دول المنطقة بلا استثناء؟ هل ستقف معه الميليشيات التي دعمها في الدول العربية، أم ستقف معه أنظمة على وشك السقوط، أو أنها سقطت فعلًا؟!.. مع الأيام سيكتشف النظام أنه وحيد جداً جداً جداً.
من حق الشعب الإيراني أن يغضب، فمغامرات نظام الملالي في الخارج نتيجتها أصبحت صفراً، بل بالسالب، فالخسائر المادية والمعنوية أكبر بكثير من الانتصارات الوهمية التي يتحدث عنها قاسم سليماني ليخدع شعبه وليرفع معنويات جنوده في الميدان، وبالتالي فإن التجاوب مع الشعب هو الخيار الأفضل الآن.
أمام نظام إيران فرصة أخيرة لينجو من هذا الوضع، وذلك بأمرين، الأول أن يتوقف عن قمع مواطنيه المحتجين وأن يصالح شعبه ويحقق مطالبه العادلة والمشروعة، والأمر الآخر أن يتحول إلى دولة تحترم القوانين والأعراف الدولية، ويخلع عباءة الثورة وتصديرها، وينسحب من دول المنطقة ويوقف نشاطه التخريبي في دول الجوار، وألّا يدعم الجماعات الإرهابية.. إذا نجح النظام في فعل ذلك، وبأسرع وقت ممكن فقد ينجو من مصير بات محتوماً.. والسؤال هو: هل يمكن لهذا النظام أن يستوعب في أيّام قليلة ما لم يستوعبه طوال سنوات وما رفض أن يستمع إليه من الأصدقاء والحلفاء؟