بقلم : محمد الحمادي
قطر تخسر أصدقاءها وتنكشف أمامهم وتفقد مصداقيتها، وينكشف زيف ادعاءاتها يومياً بمجرد جلوس المسؤولين الغربيين والوسطاء مع المسؤولين في الدول المقاطعة، فمنذ أيام كان وزير خارجية الولايات المتحدة، وبعده الوزيران البريطاني والألماني، وأمس وزير خارجية فرنسا الذي يعود إلى عاصمة النور حاملاً ملفات دسمة، ستكشف له الكثير من الحقائق حول ممارسات الدوحة ودعمها للإرهاب وإضرارها بمصالح جيرانها وتأزيم الأوضاع في هذه الدول، ملفات مخزية، وغسيل «قذر» لم تشأ الدول المقاطعة «نشره» أمام العالم، ولكن العقلية القطرية المتحجرة، وكذب بعض المسؤولين في قطر، دفعا الدول إلى تقديم ما لديها لتؤكد سلامة موقفها وشرعية مقاطعتها.
وطوال أزمة المقاطعة التي تدخل أسبوعها السادس، لم نسمع من قطر إلا الكلام والتصريحات الإعلامية الغريبة على جميع المستويات، وهي التي زادت الأزمة تعقيداً، وأول وأغرب تلك التصريحات ما شدد عليه الشيخ تميم بن حمد عندما قال: إن «إيران تمثل ثقلاً إقليمياً وإسلامياً، لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى، تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها»، وكان هذا التصريح هو الذي قصم ظهر البعير، وأشعل فتيل الأزمة الحالية، ودفع الدول العربية والخليجية لاتخاذ قرار بمقاطعة قطر، فهذا تباين كبير في مواقف الدول العربية وقطر تجاه إيران التي تعتبرها أغلب الدول العربية خطراً على المنطقة، ورأس الإرهاب في العالم.
ومن تلك التصريحات الغريبة للمسؤولين القطريين، ما صرح به وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر صحفي في إيطاليا، رداً على أسئلة الصحفيين حول علاقة قطر بالإرهاب، ليفجر القنبلة التي فاجأت الجميع، وقال «إن بلاده هي أقل دولة في قائمة تمويل الإرهاب».
وبالأمس خرج إعلامي قطري ليقلل من دور المملكة العربية السعودية في تحرير الكويت، وهو نفسه الذي بدأ مغالطاته منذ بداية الأزمة عندما زعم أنَّ السعودية، تمنع المعتمرين القطريين من دخول أراضيها، وأراضي المسلمين المقدّسة، وأنهى مزاعمه منذ أيام بالإساءة إلى شخص الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، في حرب تحرير الكويت عام 1990، فقال «إن الملك فهد كان يخشى أن تكون السعودية بعد الكويت»، مؤكداً دور القوات الأميركية في تحرير الكويت في إشارة للتقليل من الدور السعودي! فيبدو أن الشعب القطري لديه مشكلة في معرفة تاريخ المنطقة جيداً، ولديه معلومات مغلوطة عنها، ويعيش على الأوهام والخزعبلات، وهذا ما قد يفسر سبب ابتعاد القطريين عن دول الخليج في قراءتها للواقع.
وقبل يومين خرج «سفيه» من قطر ليقول إن الإماراتيين يغارون من القطريين، وهذا هو تفسيره للمقاطعة الحالية، أما تحليله العبقري لسبب الغيرة فهو أن الإماراتيين كانوا يعانون عقدة نقص، لأنهم كانوا يعملون «خدماً» عند القطريين قبل النفط! والكل يعلم أن إماراتياً أو إماراتية واحدة لم يعمل خادماً في قطر أو غيرها، وصحيح أن الإماراتيين عملوا قبل ظهور النفط في دول الخليج، وليس في قطر فقط، فقد كانوا يعملون في الكويت والسعودية وقطر لكسب الرزق الحلال بعرق جبينهم، يبدو أن التخمة المالية المفاجئة أفقدت بعض القطريين صوابهم، وأفقدت بعضهم الآخر ذاكرتهم.
ومثل هذه التصريحات وغيرها يكشف التوجهات والسياسات القطرية.