بقلم : محمد الحمادي
أخيراً تم الكشف عن الوثائق التي تؤكد توقيع قطر وموافقتها على مطالب أشقائها الدول الخليجية، وذلك قبل أربعة أعوام، فقد كشفت قناة «سي إن إن» الأميركية أمس عن وثائق سرية للاتفاق الشهير بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقطر عام 2013، وكذلك الاتفاق التكميلي عام 2014 اللذين يجعلان قطر اليوم متهمة أمام دول مجلس التعاون الخليجي بأنها انتهكت اتفاقية الرياض وما سبقها من اتفاقيات، وأنها تهربت مما التزمت به بقية الدول.
وتكشف الوثائق أن دول المجلس بما فيها دولة قطر وقعت على أن تلتزم بالعديد من الأمور ومنها «منع كافة الأنشطة والتنظيمات الإرهابية المناهضة لدول الخليج العربي ومصر مثل جماعة الإخوان الإرهابية»، وهذا ما لم تلتزم به قطر، وهو ما أوصلنا إلى قرار المقاطعة، وهو ما جعل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يتنقل هذه الأيام بين دول المنطقة بحثاً عن حل ضائع، وبلا شك أن الكشف عن هذه الوثائق في هذا التوقيت سيسهل كثيراً من مهمة الوزير ويجعله يتحرك على بينة ويتجاوز المطبات والحجج التي تدعيها الحكومة القطرية، فهذه الوثائق تفند بما لا يدع مجالاً للشك ادعاء قطر بأن قرار المقاطعة كان مفاجئاً، كما أنها تنفي تماماً ادعاء قطر بأن الدول المقاطعة لم تحاورها وتكشف في الوقت نفسه سبب رفض الدول المقاطعة التفاوض مع قطر حول المطالب.
كما تكشف الوثائق أن المطالب الثلاثة عشر التي استخفّت بها قطر، ورفضتها كانت على دراية بتفاصيلها منذ سنوات وأنها تهرَّبت من تنفيذها على الرغم من إقرارها بها وتوقيع أميرها عليها، أما سبب إعادة الدول الخليجية تقديمها للمطالب فهو أنها كانت تريد إعطاءها فرصة جديدة وأخيرة للالتزام والوفاء بتعهداتها، لكنها اختارت الرفض ونقض العهد.
من يقرأ الوثائق التي نشرت بالأمس يلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي صاغت بنود اتفاق الرياض بحيث تكون سارية على الجميع، وألّا يكون واضحاً أنها موجّهة ضد قطر، وذلك احتراماً وتقديراً لمن تعتبرهم أشقاء، فتحملت جميع الدول المسؤولية وكتبت الاتفاق بصيغة الجمع، ومن ثم حفظت الاتفاق ليكون سرياً لم يره أحد منذ أربعة أعوام، وكل ذلك تم من أجل قطر.
هل تعرف قطر لماذا لم تقم الدول المقاطعة بكشف هذه الوثائق منذ اليوم الأول للمقاطعة، بل وحتى قبل قرار المقاطعة؟ لا أعتقد أنها تعرف أو تستوعب مثل هذه الأمور، فأشقاؤها من دول الخليج اعتبروا هذه الوثائق بين أشقاء وأخوة، وأن الالتزام الشفهي أكبر وأقوى من أي وثيقة، كما أنها توقعت أن قطر بعد المقاطعة ستراجع حساباتها، وتكتشف بنفسها أنها لم تلتزم باتفاقها مع الأشقاء، وبالتالي تتراجع وتعود إلى صوابها، لكن الدول اكتشفت أنها كانت مخطئة، والدليل أن قطر بدل أن تتعاون قامت باتهامها بمفاجأتها بالمقاطعة، وادعت أنها لا تعلم عن المطالب شيئاً، وتوجهت بهذا الخطاب إلى الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، الذي صدق هذه الادعاءات وتعاطف مع قطر، لذا كان لابد للدول المقاطعة أن تكشف للعالم بأن قطر لا تقول الحقيقة، فضلاً عن أنها لا تلتزم بالمواثيق والعهود، والدليل هي هذه الوثائق.