بقلم : محمد الحمادي
يمكن اعتبار يوم أمس يوماً تاريخياً في الحرب الإنسانية على الإرهاب، فاجتماع 41 دولة إسلامية في المملكة العربية السعودية ضمن الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يعتبر أكبر تجمع دولي لمحاربة الإرهاب، والحقيقة أن أغلب دول هذا التحالف عانى الإرهاب واكتوى بنار الإرهابيين، لذا فإن حربها على الإرهاب ستكون حرباً قائمة على معرفة مسبقة، وهذا التحالف في اجتماعه بالأمس أعطى مؤشراً يدعو للتفاؤل، وهو أنه لم يركز فقط على مواجهة الإرهاب عسكرياً وأمنياً، وإنما تكلم عن هذه المواجهة فكرياً وإعلامياً وتنموياً، وهذا ما ذكره وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع معالي محمد البواردي، حيث أعطى رؤية جديدة لمكافحة الإرهاب عندما قال إنها معركة تنموية، فهذه هي الحقيقة التي يجب أن تقتنع بها الدول وكل من يريد محاربة الإرهاب.. فما يريده الإرهابيون هو الدمار والتخريب والفوضى والخوف، وما نريده جميعاً، وما يريده العالم، و البشرية كلها، هو التقدم والتنمية والتطور والإنجاز والأمن والأمان والرفاهية لشعوبها، لذا فإن حربنا حرب وجودية مع قوى الظلام التي تريد أن تعيد البشرية إلى عصور الجهل والتخلف.
أما ما ذكره محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام في مملكة الأردن خلال اجتماع يوم أمس، فهو مهم جداً ويأخذنا إلى نقطة رئيسية عندما قال: يجب تعزيز الإعلام المهني والباحث عن الحقيقة لمواجهة الإرهاب، فالحقيقة التي أصبحت واضحة أن قوى التطرف والإرهاب استغلت الإعلام أسوأ استغلال، بل واستغلت نقاط الضعف في وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلام الجديد، وتسللت من خلالها لتبث رسائلها المتطرفة وتجنّد الشباب بعد أن تخدعهم بمختلف الطرق والأساليب، وللأسف أنها نجحت في ذلك.
دور الإعلام أصبح مهماً، فمعركتنا مع الإرهاب هي معركة عقول وأفكار وصور وكلمات - إلى جانب أنها عسكرية في الميدان - لذا فإن الدول المشاركة في هذا التحالف يجب أن تتعاون في وضع خطة إعلامية متطورة ودائمة وواضحة الرسائل والأهداف لمواجهة الإرهاب، وتستفيد من عشرات، بل مئات القنوات التلفزيونية والصحف والإذاعة التي تضمها، فضلاً عن آلاف المواقع الإلكترونية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي يفترض الاستفادة منها للكشف عن الإرهاب والإرهابيين وملاحقتهم والرد عليهم، وكشف الإشاعات وفضح الأخبار الكاذبة التي تبثها لإثارة الرأي العام الداخلي، ولتضليل الرأي العام العالمي في الخارج.
وفي دولنا العربية نحن محظوظون جداً، حيث نمتلك كفاءات إعلامية شابة وطموحة تريد أن تعمل من أجل وطنها وأمتها، ومن أجل الأمن والسلام والاستقرار، وهي ضد تلك الأفكار المتطرفة والعنيفة، وضد الإرهاب بكل أشكاله.
وبالأمس قام الشيخ منصور بن زايد بتكريم 100 شاب وشابة من الشباب العرب المتميزين والمبدعين في مجال الإعلام، شباب طموح ومبتكر ويمتلك المهارات والأدوات التي تجعله أداة قوية في محاربة الإرهاب ومواجهة الأفكار المتطرفة.
وهذه المبادرة التي انطلقت العام الماضي في دولة الإمارات تحت مسمى «القيادات الإعلامية العربية الشابة»، نجني ثمارها اليوم، وهي استثمار حقيقي في الإنسان، وهي من ضمن معركتنا التنموية ضد الإرهاب، فهؤلاء الشباب شاركوا في 60 جلسة عمل منها 47 ورشة تدريبية و13 زيارة ميدانية ولقاءات خاصة مع أكثر من 30 متحدثاً رسمياً شاركوا الشباب آراءهم وخبراتهم.. وهذا هو الاستثمار الحقيقي، والإجراء العملي لمحاربة الإرهاب.