بقلم : محمد الحمادي
منذ يومين اجتمع العشرات من القادة الدينيين العالميين في عاصمة الولايات المتحدة «واشنطن دي سي»، وعلى بعد عشرات الأمتار من البيت الأبيض والكونجرس الأميركي، جلس قادة الأديان السماوية الثلاثة، الإسلامية واليهودية والمسيحية تحت قبة واحدة، والهدف هو بناء الحوار والتعاون بين الأديان، ووضع حد للخلافات، وكان يبدو أنه لقاء تاريخي للأديان السماوية، ولقاء مهم في هذا التوقيت المهم الذي أصبح الدين وقوداً للصراع، وكان السؤال المهم الذي طرحه أكثر من واحد من المتحدثين، هو هل نستطيع تحويل الدين إلى «حل» بدلاً من اعتباره مشكلة ومادة للصراع والخلاف والاختلاف، بل والحروب أحياناً؟ وهذا سؤال جوهري، خصوصاً أنه بدا أن المشاركين في اللقاء يريدون الخير والسلام، ويسعون إلى نشر المحبة، وهذا هو حقيقة ما تدعو له الأديان جميعاً.
وبدا لي وكأن القادة الدينيين يريدون أن يتحملوا مسؤولياتهم في ضمان ألا يتم تحريف تعاليم الأديان التي ينتمون إليها، بحيث تستغل للتفرقة والخلاف، وإنما عليهم أن يعملوا كثيراً لنشر قيم المحبة والتسامح والسلام.
في واشنطن، اجتمع القادة الدينيون، وأعلنوا عن إنشاء تحالف من أجل الخير، كما كان في حلف الفضول قبل ألف وأربعمائة عام، والذي قام على أساس قيمي وليس دينياً أو عرقياً، وذلك من أجل نصرة المظلوم، ومساعدة المحتاجين من دون النظر إلى أديانهم وأجناسهم وأصولهم ومعتقداتهم.
نقلا عن الاتحاد
وهذا ما يمكن اعتباره خطوة تاريخية مهمة تحسب لرجال الدين من أقطاب الديانات الكبرى في العالم، أديان العائلة الإبراهيمية اليهودية والمسيحية والإسلام الذين حضروا الاجتماع، وتحسب لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي قام بتنظيم هذا الاجتماع، كما أن هذا الاجتماع يعتبر مصدر إلهام، ونموذجاً لما يمكن أن يحققه المجتمع المدني من إنجازات إنسانية عندما تتعاون المؤسسات الدينية ورجال الدين مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات الدولة.
ومن المقترحات التي تستحق الاهتمام، هو فكرة وزير الشؤون الخارجية الفنلندي تيمو سوني لخلق كيان عالمي يكون دوره الوساطة بين الأديان.. يقوم هذا الكيان على قيم السلام والحوار، ويتم من خلاله إنهاء النزاعات والخلافات والحروب التي تقوم بسبب الأديان.
المشهد في واشنطن هو جزء من الرؤية الإماراتية لنشر قيم السلام والتسامح والمحبة بين جميع الأديان والعقائد والشعوب في العالم، ونجاح منتدى تعزيز السلم في جمع تلك القيادات الدينية، هو نجاح للإمارات في رسالتها السامية نحو البشرية، ويبقى على من حضروا تحويل الأفكار والآراء التي تم تداولها إلى أفعال على أرض الواقع.