بقلم : محمد الحمادي
لا شيء جديداً في كلمة الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، كلام عن «سيادة قطر» وترديد لادعاء «فرض الوصاية» عليها.. لاشك أنه خطاب أصاب الكثيرين في قطر بخيبة أمل كبيرة، أما الجمهور الخليجي والعربي الذي تباينت توقعاته بمجرد أن تم الإعلان بالأمس عن كلمة الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، فقد كان بين غير مكترث لهذه الكلمة، وبين متوقع لقرار كإعلان عودة قطر للصف الخليجي، لكن الذي حدث أن الكلمة المرتقبة تأخرت شهرين كاملين منذ ادعاء اختراق وكالة أنباء قطر، وادعاء أن تصريحات الشيخ تميم مفبركة، فمنذ ذلك الوقت لم نسمع كلمة واحدة من القيادة القطرية التي لم تجد ما تقوله حول كل الاتهامات التي وجهت إليها بدعم الإرهاب وتأزيم الأوضاع في المنطقة، والبارحة فقط قرر الشيخ تميم أو طُلب منه أن يتكلم ويلقي تلك الكلمة المسجلة تلفزيونياً والمليئة بالتناقضات.
اختار أمير قطر أن يتباكى في كلمته بالأمس وتكلم عن الظلم والتشهير والوشاية السياسية، ثم قال إن هناك افتراءات وتحريضاً من «خلف الستار» ضد قطر، ولا ندري من الذي يعمل خلف الستار؟! فالدول المقاطعة تعمل بكل وضوح وبقرارات شجاعة أمام العالم، حيث أصدرت قراراتها بالمقاطعة، وكشفت أدلتها بالصوت والصورة التي تدين قطر وتعزز من موقف هذه الدول، فلا شيء تحت الطاولة ولا شيء خلف الستار.
من الواضح أن الشيخ تميم لم يخرج بهذا الخطاب، ولم يقرر إلقاء هذه الكلمة إلا بعد أن شعر بشدة تأثير المقاطعة، وتأكد من أنها أزمة ستطول وأن وضعه صعب جداً، وأن مستشاريه أضروا به خلال الشهرين الماضيين، وزادوا من تفاقم أزمته بدل أن يفرّجوا عنه.. وبعدما عرف أن الضغوط الدولية لن تأتي بأي نتيجة مع الدول الأربع المقاطعة، لذا اكتشف أن عليه أن يتحرك بشكل عملي لمواجهة الأزمة، ومن الواضح أن فكره الرشيد ونصائح مستشاريه دعته إلى استمرار التعامل مع إيران وتركيا وفي الوقت نفسه بناء اقتصاد قطري جديد.. لذا فقد كرر أكثر من مرة في كلمته دعوة الشعب القطري والجميع إلى «الاستمرار على نفس النهج».. وهو ما كنّا جميعاً نتمنى ألّا يستمر، فأمنيتنا كانت أن تعود قطر إلى صوابها ومحيطها الخليجي والعربي.
هذا الخطاب هو كلمة شخص متأزم، يعيش في أزمة حقيقية، ومن خلال خطابه أراد أن يدعو الشعب في الداخل للاستنفار على جميع المستويات والقطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية والتعليمية والأمنية وغيرها للتعايش مع الوضع الجديد، ومن الواضح أنه استنفار قد تأخر كثيراً، أما بالنسبة للدول المقاطعة فقد كانت كلمة تميم تركز على الإصرار على المواقف والعناد والمكابرة، وحديثه عن حل الأزمة بالشروط القطرية كان لافتاً، فقد طالب بأن يلتزم الجميع بما يتم الاتفاق عليه، وأن الحل يكمن في احترام سيادة الدول، وعدم وضع حلول في صيغة إملاءات، ونسي من كتب الكلمة للأمير أن كل تلك الأمور ملتزمة بها الدول الأربع منذ سنوات، والباقي أن تلتزم قطر، لذا من الواضح أن الشروط القطرية تأتي في الشكل الخطأ، والوقت الخطأ، فالشروط تضعها الدول المقاطعة وليس قطر، ويبدو أن قطر لم تدرك ذلك بعد، لكنها ستدركه قريباً.