بقلم : محمد الحمادي
اجتمع وزراء الخارجية العرب بشكل عاجل وطارئ، ولكنهم لم يتفقوا بشكل واضح وقاطع، ومحصلة اجتماع ساخن وطويل استمر حتى ساعات الفجر في القاهرة، كانت أننا استمعنا لكلمات وزراء خارجية الدول العربية، بعضها منطقي وبعضها حماسي، وكلمات أخرى حماسية أكثر من اللازم، فالبعض للأسف ما زال يستخدم لغة الشعارات والكلمات الرنانة، بعيداً عن الأفعال، وبعيداً عن الواقعية، في محاولة مكشوفة لاستثارة الشارع العربي، وكسب نقاط على حساب القدس.
وخارج القاعة في بعض الدول العربية وبشكل سريع وطارئ أيضاً، تحرك «تجار» القضية الفلسطينية، القدامى منهم والجدد، وتحركت الجماعات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي والمجموعات المؤدلجة لإثارة الفتن وشق الصف العربي والقرار العربي، وكان الهدف هذه المرة هو التشكيك في مواقف المملكة العربية السعودية في دعم القضية الفلسطينية، ولن ينجح أولئك في إثارة الفتنة على الرغم من وقوف وسائل إعلامية «معروفة» خلفهم، وهي التي كانت ولا تزال تدعمهم لتنشر الفتنة والشقاق.
وللأسف لاحظنا أن بعض وزراء الخارجية حضروا الاجتماع تسبقهم أجنداتهم الخاصة، وجلسوا في قاعة الاجتماع وهم يحملون خلافاتهم وأفكارهم ومواقفهم الشخصية، وللأسف أن بعضهم يبحث عن فرصة لـ «تصفية الحسابات» في وقت ليس فيه مجال لأي حسابات غير حسابات القدس وفلسطين وحقوق العرب المسلوبة التي يفترض أننا اجتمعنا لاستعادتها.
الوزير قرقاش كان واضحاً في كلمته، وشجاعاً عندما غرَّد بالأمس بعد انتهاء اجتماع وزراء الخارجية، قائلاً: «عقم الخيارات العربية في مواجهة أزمة قرار القدس هو نتيجة طبيعية للاستقطاب الذي تسبب فيه «الربيع العربي»، حالنا اليوم لا يسرّ، والعلاج ليس في جلد الذات».. وكذلك وزير خارجة عُمان كان مباشراً وهو يصرح قائلاً: «ينبغي علينا أن نتصالح مع أنفسنا.. اجتمعنا ثلاث ساعات ولم نخرج بشيء وليس لدينا رؤية واضحة للعمل.. إذاً ماذا نعمل؟! الحل لا يُعالج بكثرة الكلام والخطب!».
ما زال بعض العرب يقول ويتساءل ماذا يمكن أن يفعل العرب؟ هل يستطيعون فعل أي شيء تجاه القرار الأميركي؟ وهذا سؤال في غير محله، فما هو مطلوب هو أن نقوم بشيء لاسترجاع حقوقنا وأرضنا المسلوبة، وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي أصبحت بالملايين لاجئة في كل دول العالم.
فشل وزراء الخارجية العرب في إصدار بيان قوي رغم أنهم نجحوا هذه المرة في عقد اجتماع جيد، وهذه المرة لا يبدو أن الفشل سيكون مقبولاً، والوزراء بحاجة للقيام بمحاولة أخرى من أجل الوصول إلى خيارات عملية وليست عقيمة.