بقلم : محمد الحمادي
ليس غريباً أن تكون أول زيارة لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، بعد إعادة انتخابه إلى دولة الإمارات، فالعلاقة التي تجمع البلدين تجعل من هذه الزيارة طبيعية، وحجم الثقة المتبادلة بين قيادتي البلدين يجعل من هذه الزيارة مهمة جداً، والتي ترسخ وتؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين شريكين سياسيين واقتصاديين متميزين، بل وصديقين خاصين على المستويين الثقافي والإنساني.
صحيح أن فارق الحجم الجغرافي بين البلدين هائل، لكن الأمر الصحيح الآخر هو أن حجم التفاهم السياسي والاقتصادي والإنساني بين البلدين هائل أيضاً، ويجعل من العمل المشترك بين البلدين ممكناً، بل وناجحاً جداً، فدولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية تتميزان بسياسة تصالحية وتوافقية مع الجميع، وفي الوقت نفسه لديهما هدف واضح نحو المستقبل، وهو بناء دولة قوية وبناء مواطنين أكفاء، ومن يدقق في تجربة الصين يكتشف أنها نجحت في أن تكون ضمن القوى العظمى في العالم، وذلك ليس من خلال عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى أو احتلالها للدول أو تدخلها بقوة السلاح، وإنما من خلال خلق الصداقات، ومن خلال الاقتصاد والتطور العلمي والتكنولوجي، وهي في خطتها نحو المستقبل تسير بثقة وتتقدم بقوة، مما يجعل رغبة دول العالم في تكوين علاقات سياسية واقتصادية متميزة معها أمراً واضحاً، وما يشجع الدول نحو هذا الاتجاه هو الشعور بعدم وجود أطماع سياسية أو عسكرية أو أيديولوجية للصين، فهدفها الواضح هو تقوية اقتصادها وترسيخ مكانة الدولة الصينية ككيان أساسي في هذا العالم، وهذا ما نجحت فيه من خلال بناء اقتصاد قوي على أساس إرث ثقافي وحضاري عريق وبسياسة خارجية متوازنة مع الجميع.
وفي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الأخيرة للصين عام 2015 قال كلمة مهمة يذكرها كل مهتم بالعلاقات الإماراتية الصينية وهي أن «زخم العلاقات من عقود ماضية من صداقة وتعاون ومصالح مشتركة في المجالات كافة يمثل أساساً قوياً لانطلاقة كبيرة لعلاقاتنا في المستقبل».. واليوم بهذه الزيارة التاريخية الكبيرة فإننا بلا شك نتقدم خطوة جديدة وكبيرة نحو المستقبل في علاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية، وهذه العلاقة لا تقوم فقط على أساس المصالح الاقتصادية والتفاهم السياسي، فإلى جانب هذين العنصرين المهمين فإن هذه العلاقة تقوم على أساس قوي من الاحترام والثقة المتبادلين بين قيادتي البلدين، هذه الثقة التي تشكلت عبر علاقات رسمية عمرها ثلاثة عقود وعلاقات إنسانية وحضارية تمتد لمئات السنين بناها العرب مع الصينيين.
ومن لا يعرف تفاصيل هذه العلاقة وهذه الزيارة، فإن هذه الزيارة تأتي تتويجاً لأعمال لجان مشتركة اجتماعات وزيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين استمرت طوال السنوات الثلاث الماضية وقبل ذلك إنجازات ثنائية على مستويات مختلفة منذ الزيارة التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للصين في عام 1990 والذي رافقه وفد رفيع المستوى نجح في وضع الأسس القوية للعلاقة بين البلدين.
الإمارات قيادةً وشعباً تترقب زيارة الرئيس الصيني التي ستكون، بلا شك، خطوة كبيرة نحو مستقبل ستعود نتائجها الإيجابية على البلدين والشعبين.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد