تطوان الدِّفْلَي والريحان

تطوان الدِّفْلَي والريحان

تطوان الدِّفْلَي والريحان

 صوت الإمارات -

تطوان الدِّفْلَي والريحان

مصطفى منيغ
بقلم - مصطفى منيغ

 لم تَدُر الأيام بل دار عليها مَنْ دَار ، ليس هذا ممَّا العقول فيه تحتار ، بل تقريب المنطق لبضع أفكار ، تسرّبت لإقناعي من "أُتْرِخْتْ" العاصمة العلمية للمملكة الهولندية لأقارن التقلبات السياسية بما يناسب جُلَّها أزيد وأكثر ، خاصة وانشغالي بالعزيزة تطوان مكَّنني من الخروج بما يسلّط الأضواء على محاور وليس بالحوار ، بل بما يؤكد أنَّ التقصيرَ المقصود بعناية لزَمَ الأمر ، إذ لكل عهدٍ مِنطقَة من المغرب يجب أن تَتَحَضَّر ، بمفهوم يترك لعهودٍ قادمةٍ ما يتَحَكَّم في صنفٍ من الاستقرار ، كسلسلة مربوطة بحلقة واحدة لا تتغيَّر ، تطوان أسَّسها على أنقاض أُخْرَى سابقة تعدَّدت لها أسماء حَدَّت من بقائها الأقدار، من طرف المطرودين مِن غرناطة زمن انعدام أي خِيار ، لمهزومين لحقّ مَن كان على رأسهم بما اقترفوه من خذلان  الباقي تداوله متى حَنّ اهتمام العرب لتلك الديار ، لتبرير بكائهم على ماضي لن يتكرَّر ، حيث ركعت لهيبتهم تلك الأمصار ، متعلّّمة من حضارتهم ما فتحت لديهم الأبصار ، دافعة إياهم لتنظيم ما حققوا به عودة اسبانيا لسالف وجودها بأسلوب مُبتكر ، رُكْنه الدَّموِي "مَحاكِم تفتيش" قطعت لحكام الطوائف واليهود برفقتهم الأنفاس  وحرَّمت عنهم  وبينهم تبادل حتى أبسطَ الأخبار، ليتفرقوا تفرُّق فاقد السيطرة عمّا يملك حتى نفسه كأنه ما كان أو في تلك الربوع عمَّر ، على أيادي الملك "فِرْدِنَنَْدُو" والملكة "إزَبِيلاَ" الكاتوليكيين أواخر سنة 1492 ميلادية  في جو ارتباك حيث الفزع والهلع تابَعا ألآلاف لأشهر فِرار، مَنْ نجا  مِن شروره انتهى به المطاف  لمقذوف على الشواطئ المغربية في شبه انهيار ،  ليتمكن وغيره بعد مرحلة على تشييد مقرٍّ يتحصّنون وسطه  يحفظهم من الاندثار ، و يسترجعون بقوة أسواره وعلوّ بروجه أمنهم بعيداً عمَّن كانوا يطلقون عليهم لقب الكُفّار، من هؤلاء "على المَنْظْرِي"الذي أبحر و جيشه ، تاركا وراءه قلعة مارس الحكم فيها  متّجها بما تمكّن من نقله إلى حيث وجد مَن يؤازره من عموم فلاحي تلك المنطقة الغنية أرضها  وما توفِّر مياهها الكثيرة المنابع  مِن إمكانات الاستقرار ، متضامنين معه بشراكة أساسها مواجهة البرتغاليين المستولين على سبتة والمنطلقين منها لنهب أرزاقهم بطرق مروعة ، ممّا وجدها القائد المنظري فرصة لترميم "تطوان" لتنطلق منذ تلك الفترة مع مرحلة البناء ، التي تخلّلتها انتكاسات دوّنها التاريخ بأدق تفاصيل أحداثها ، ممّا يعطي صورة واضحة عن تحمل مواطنيها منذ القِدم كل إشكال المحن ، المتجانسة مع تشبث مثالي للبقاء في نفس المساحة الأكثر تقلباً على مر الحقب ، المرتبطة بألف حكاية عن ألف رواية تناقلتها ألسن أجيال من التطوانيين المصارعين الزّمن لتبقى تطوان مصانة الجانب مقاماً محفوفاً ببركة المدافعين عن حوزتها مهما قست عليها ظروف عصيبة ، اجتازتها بكل شموخ ، ممّا ورَّث المفعول المتجدد عبر القرون عزة نفس التطوانيين ، وحِدّة ذكائهم في اجتياز ما يشوب طموحهم من شائبة  سوء تدبير الآخرين بأمورهم الداخلية المحلية ، أو ما عمدت السلطات المركزية لأمد طويل من تسليط كل سلبيات التهميش والإهمال والإقصاء على مدينتهم ، منذ استقلال المغرب لغاية إعادة هيكلتها من بضع سنين ، تلك الهيكلة التي فرضها حلول عهدٍ شعاره الرّفع من شأن الشمال الممتد من الفْنِيدَقْ في خط مستقيم لغاية طنجة ، دون تشييد ما تحتاجه "تطوان" مما تعايش به تلك الهيكلة من إحداث مجال صناعي يستوعب الذين تجولوا بين الطرقات المصانة بلمسات جميلة ، يتمعنون فيها بقبح بطالة تمزق كماضيهم حاضرهم ، ليصبغ مستقبلهم بسواد اليأس من أي تحسن كان ، علماً أن الجائع لا يهمّه شذا الورد إن استنشقه ولا رائحة كريهة تغنيه عن بحث ما يسد رمقه داخل المطارح ، فكان مفروضاً أن تبدأ الهيكلة بما بدأت مثيلاتها في المملكة الهولندية المقدّرة مصلحة الناس في إيجاد ما يجعلهم يتذوقون ما يُنجَز حولهم من مساحات خضراء وملاعب وقصور إدارية وكل ما يدل أن الدولة متطورة بالفعل في كل مدينة وقرية ، والإنسان فيها متمتّع بنفس الحقوق أينما حل وارتحل ، حقوق لا شأن لها بعهدٍ دون آخر ، وإنما بتخطيطٍ مُحكَمٍ منظّم مُنتَظِمٍ ، أساسه العنصر البشري .(يتبع) 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطوان الدِّفْلَي والريحان تطوان الدِّفْلَي والريحان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates