تطوان للمغرب صَوْلَجَان

تطوان للمغرب صَوْلَجَان

تطوان للمغرب صَوْلَجَان

 صوت الإمارات -

تطوان للمغرب صَوْلَجَان

مصطفى منيغ
بقلم - مصطفى منيغ

مِنَ العِزِّ لها الأعَز ، تاج على رأسها رصيناً لا يهتزّ ، مِنْ ذَهَبٍ أخلاقه مَنْ تمسَّكَ بها فاز ، جواهره صنائع مَنْ اعتمدها من كلِّ عَسيرٍ جَاز ، ولؤلؤه غنائم بالفطنة و الحلال مَلَكَها سلِسَة الانْحِياز. "تاؤها" ترنيمة عاشقة بإحسان لأحسنٍ  لا يحتاج صدق نيتها إجْهار ولا إِبراز، و"طاؤها" طول صبرٍ على المِحن مهما كانت قاسية الطِّراز ،   و "واؤها" وادي "لْمْحَنِّشُْ يجود في كَرمٍ بسيلانه على البحر الأبيض المتوسط في فخر واعتزاز ، و "أَلِفُها" ألفَة نحلة لامتصاص رحيق الورود لانتاج حلو متجدِّد شفاء لصرف مبَذِّرٍ دون اكتناز ،  و"نُونُها" نهضة مِنْ ورائها تضحية مشيِّدين "غرناطة" مغربية أجمل مِن شقيقتها الأيبيرية إذ القياس بالمضمون وليس الكم فمُحِِبِّ الرمان نفسه ميال بوفاء وإخلاص لِلْكَرَز . تطوان حُلم المبتدئين من الناس الطّيبين ، وعودة لختام رحلة عاشوها بين أقطار المعمور منعَّمين ، لا ينقصهم سوى شَمّ رائحة الأصل والمرور وسط دروب التي إليها ينتسبون ، فلا موسكو ولا باريس ولا لندن ولا مكسيكو ولا روما ولا برلين ولا تل أبيب ولا واشنطن ، غيرت إقاماتهم فيها قيد أنملة من عقليتهم التطوانية الراسخة بين دُورٍ كانوا مِنْ حولها يلعبون ، وعلى وِدِّ سكانها يترعرعون ، جنباً لجنبٍ بدياناتهم الثلاث يتعبَّدون ، مغاربة كلهم حقهم العيش باستقرار وسلام وواجبهم أينما حلت بهم الأقدار أن يظلوا بما ألِفوه متمسّكين ، الهوية كما هي .. صلة الرَّحِمِ .. التضامن بروح لا تقبل الانفصام عن أسرهم الوطنيين. الحقيقة طالما تكون غريبة عمَّن لَحِقَه نِبراسها مضيئاً قتامة ما عاشه ردحاً ليس بالقصير ، مُساقاً وراء مكاسب مادية تنأى به عن الفاقة ، أو تقربه من نِعَمِ الدنيا الأكثر استلاباً لواقع ظرفي دون آخر يصعب التخلص منه بيسر ،  لا يقبل به لظروف تخرجه في صَمْتٍ عن روعه ، ليعاني من ندم عن مرور ما يعادل نصف حياته ، لم تزداد خلاله غير مسؤوليات تحمَّلَ نتائجها ، المصاحبة جلّها المستفيدين منها على حسابه . في فجر مشهود من حياتي أقسمتُ أن أقطع المسافة الرابطة بين تطوان وسبتة مشياً دون توقّّف ، فكانت مناسبة لتلتقط ذاكرتي طبوغرافية تلك الطريق خطوة خطوة ، ربما لعبت الصدفة بتنفيذ قراري ذاك في 22 أكتوبر ، نفس اليوم العائد بذكرى سنة 1859 ميلادية حيت أعلنت اسبانيا الحرب على المغرب انطلاقا من تطوان لتنتهي بمعاهدة "وَادْ رَاسْ" المؤرخة بيوم 26 أبريل سنة 1860 ميلادية ، والمغرب منهزم فيها لأسباب جفّ حبر أقلام حرّكها أصحابها بين الضفتين المتقابلتين للأبيض المتوسط ، مكرِّرة نفس أحداث جرت ، أبطالها مغاربة وأسبان جمعهم التنافس على احتضان تطوان ، مكبلة بسلاسل الاحتلال الاسباني تارة ، ومتمتعة بحرية دائمة كما كافح المغرب بكل طاقاته لتصبح كذلك . بعد الوصول لميناء سبتة وركوب الباخرة المتوجهة لمدينة "الخُزيرات"الاسبانية التقيتُ بأسرة يهودية تطوانية سكنت حي "الملاح" متوجهة صوب إسرائيل ، أخذة خطاً تمويهياً يُبعدها عن رقباء لم أنتبه للسّبب إلا بعد سنوات على إقامتي في بروكسيل والتقي بها مجدداً عن طريق "أدارا" كبرى بنات تلك الأسرة ، التي دعتني لزيارة منزلها الكائن بأرقى شوارع بروكسيل ، وكم كنت سعيداً بالتعرُّف على أناس رحلوا وفي قلوبهم جزء من تطوان ، يفخرون بالفترة الزمنية التي استقروا بين أحضانها لن تتكرر لأهميتها مهما عمّروا ، ولولا انتقالي للمملكة الهولندية متمِّماً رحلتي نحو شمال أوربا لما قاطعت زيارتهم لاحترامي من يحترم تطوان بما لها وما عليها .           ... كما الصّراخ الصاعق يأتي منفّرا من شدة الهلع ، السكينة مِنَ الحبّ الصادق تأتي مبشِّرة بكل أمر مُطاع . تلك وما شابهها من حِكَمِ تجربةٍ مُجرَّد جزءٍ بسيط من مَطْلَع، يُلخِّص انطلاق فوج باحث عن رزقٍ حلال ينقله لمرحلة الاعتماد على النفس بلا ضجيج خلفه يتمنَّع. فإن انتقلنا للحاضر متتبّعين اهتمامنا لمضمون ما يقع ، استدرجنا الحديث الصريح لمخاطبة المسؤولة الأولى بما لكلينا ينفع : ... الوباء لم يترك لغير الدولة المجال للتدخّل كي يجد الشباب ما يعوّضهم عن الحرمان ، ولها الكثير إن ركَّزت بعض الاهتمام لجوهرة مُدنِها تطوان ، بعد النقص المهول في مستوى ما كانت الأوْلَي باستكمال (على محيط ترابها الإداري)  مجالاته الاقتصادية زمن إعادة هيكلتها ، حتى لا تبدو كما هي الآن ، جميلة لم يكتمل جمالها بتخطيط يضعها في نفس الخطِّّ التنموي ، مع شقيقاتها مدن الرباط وفأس والدار البيضاء و مراكش وطنجة لتبتعد عن مصير مدينتي القصر الكبير ووزان . طبعاً السلطات الأمنية في سبتة وجدَتها فرصة للتّشهير بما تعانيه تطوان من ضائقة اقتصادية خانقة لا تُقارن ، حينما ألقت القبض على عشرة شبان بوصولهم سباحة لشاطئ مدينة سبته متحَدِّين الطقس البارد و"كرونا" المنتشرة في كل مكان ، المهم عندهم الحصول عمَّا يغنيهم عن البطالة والتشرد والضياع وقلة الأمان . ...كانت النظرة متجهة لجعلها مدينة سياحية متطورة ولو ببطء في الميدان ، لكن المراد الرسمي باء بالفشل  حينما تركها (وما وُجِّهت له) معتمدة على تدبير محلي أغلبه سياسي هشّ السِّمات ، غير مهيأ لتحمّل مثل المسؤولية لانعدام القدرة على مواجهة صارمة تفرض اتخاذ قرارات تتمشى ورغبة ساكنة المدينة  الغارقة في مشاكل مكدّسة عبر مراحل ذاقت من خلالها مرارة العجز، أكان اقتصادياً أو ذاك المتفرّع عن سلبيات أغلقت جل أبواب انتعاش التطوّر المنشود من عِقد زمني على الأقل .(يتبع)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطوان للمغرب صَوْلَجَان تطوان للمغرب صَوْلَجَان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates