بقلم - ميرفت سيوفي
جمود وبرودة قارصة تتحكّم بالمشهد اللبناني العام.. المواطن يلتزم الصمت ولا يخرج إلى الطرقات غاضباً يتصرف بقدر المستطاع في ممارسة أعلى درجات التقشّف، في عزّ الأزمة اللبنانية الخانقة يطلّ مقتنصاً اللحظة السياسية الفارغة الوزير السابق جبران باسيل متصيّداً في كلّ المستنقعات علّه يخرج بصيد من أيّ منها!! مسكين جبران باسيل، يحاول فرض نفسه سيّد اللحظة اللبنانيّة مؤلّف الحكومات بهلوان السطو على الحكومات ورئاساتها، ولكننا في زمن «هزلت»!!
يأخذنا جبران باسيل إلى حدّ القول أنّ الدّستور اللبناني تحوّل على يديْه إلى «ممسحة»، منظره يوم الأحد الماضي وهو يحتد مفسّراً دوري رئيسي الجمهورية والحكومة في تشكيل الحكومة يشكّل افتراء وتطاولاً على الدّستور، أو شكله وهو يتمادى في اختصار كلّ الأفرقاء المسيحيين وفوقهم بطريرك الموارنة بشارة الراعي منصباً نفسه قيّماً ووصيّاً عليهم، وكأنه لا مسيحيين قبل ميشال عون وتياره وصهره ولن يكون مسيحيّون من بعدهم، ولا يُلام في هذا إلا المسيحيّون ووحدهم سيتحمّلون وزر التبعات التي سيتسبّب بها الفريق العوني لأنّهم تركوا الأمور تستفحل إلى هذا الحد ورضخوا لفريق منهم استقوى عليهم مرة بسلاح الجيش منذ العام 1988 عبر نظرية الجيش هو الحل واستقوى عليهم عام 2006 بسلاح حزب الله ونظرية الرئيس القوي!!
ليست المرة الأولى التي يخرج فيها جبران باسيل طارحاً بوقاحة شروطه لرفع التعطيل، هذه المرة يريد الثلث المعطلّ من المؤسف أنّه لم ينتبه أبداً أنّ الثلث المعطّل لم يحصل عليه حزب الله إلا بـ7 أيار وقبلها أراد احتكار تسمية كلّ الوزراء المسيحيين في الحكومة وغيرها من ارتكاباته الصبيانيّة، ومن المؤسف أنّ صهر العهد جبران باسيل بلغ به «زغر العقل» حدّ الاعتقاد أنّه قادرٌ على إجراء تعديل على الدستور اللبناني وتغييره وتجاوزه، وحاله في هذا حال المثل القائل «على نفسها جنت براقش»!!
حتى حزب الله أعقل من أن يسلّم الثلث المعطّل لجبران باسيل، وأول من يدرك أنّ التيّار الوطني الحرّ ورئيسه جبران باسيل ليس أهلاً للثّفة وهم يعدّون للعشرة قبل تسليمه رقبة الحكومة في لحظة حرجة عنق حزب الله فيها على المحكّ.. ومن المضحك جبران باسيل الذي أسقطه اللبنانيّون في الشارع مع اندلاع ثورة 17 تشرين الأوّل 2019، لا يزال يعتقد أن بإمكانه إعادة الوقت إلى ما قبل الـ»هيلا هيلا هيلا هيلا هو»، ربما المشكلة مع باسيل إدراكه أنّ اللبنانيّين طردوه من الباب وما زال مصرّاً على العودة إلى السلطة برغم أنف الجميع متجاهلاً أنّه ساقط وبالثُّلث!!
لبنان ذاهب باتجاه الفوضى لتعبئة الفراغ السياسي، ونُذُر الحرب تلوح في الأفق اللبناني، لبنان على وشك الانهيار والحرب حاجة لإعادة خلط الأوراق، وما يحدث في المنطقة إعادة توزيع لدويلات، ونذهب إلى الاعتقاد أنّ رئيس الجمهورية الثالث عشر قد يكون الرئيس الأخير في تاريخ لبنان الكبير وجمهوريّة الطائف، في ربع ساعة أخير وما قد ينتج عنه لا يعوّل عليه طالما يعبث بمصير لبنان صبيان الموارنة أمثال جبران باسيل، وأيضاً لأنّ الساسة اللبنانيون يتمتعون بموهبة فائقة في استيلاد سلسلة أزمات متوالية، غير مبالين أنّ اللبنانيّون باتوا يطلقون على زمنهم السياسي الركيك هذا زمن «هزلت»!