“كورونا” وزمن الأعياد

“كورونا” وزمن الأعياد

“كورونا” وزمن الأعياد

 صوت الإمارات -

“كورونا” وزمن الأعياد

ميرفت سيوفي
بقلم - ميرفت سيوفي

من كثرة ما يعبث الموت من حولنا في العالم كلّه، موت موحش وغريب تنصّل فيه بسبب الوباء الإبن من المجيء للحظات لإلقاء تحيّة الوداع على أبيه أو أمّه، نشعر أننا بحاجة لأن تغمرنا روح الميلاد برفق وعمق شديد.. وللمفارقة أنّ اللبنانيين جميعاً تنطبق عليهم مواصفات فقراء الميلاد، لم يعد كافياً القول «عندما نسقى عطشاناً كأس ماء.. عندما نكسى عرياناً ثوب حبّ.. عندما نجفّف الدّموع من العيون.. عندما نملأ القلوب بالرّجاء.. نكون في الميلاد»، يحتاج لبنان في هذه الأيام لأكثر من هذا بكثير.

تحتاج البلاد هذه الأيام إلى ما هو أكثر بكثير من هدوء وسلام الأعياد الشيء الكثير، منذ انفجرت بيروت في 4 آب في وجه أهلها وناسها لم يعد كافياً أبداً أن ينشغل اللبنانيّون بهمس الأعياد وفرحها وإضاءتها وزينتها لم يعد هناك حتى فسحة لضحكات الأطفال أن تكتمل ولا لولادة العيد وبهجته، الذين فقدوا بيوتهم وأحيائهم وذكرياتهم، منذ فقدوا أبناءهم وعائلاتهم، ومنذ حلّ في شباط الماضي كورونا ضيفاً ثقيلاً على أرواح اللبنانيين، أصبح الواقع اللبناني مريضاً بأمراض ميؤوس منها!!

اختلط هواء لبنان صبحه ومساءه بأجواء تعكير للحياة كلّها، ولتعكير صفو الأعياد وبراءتها عندما تنتزع منّا الضحكات برغم الأذى والألم، صارت الأمور ضاغطة وفوق طاقة احتمال هذا الشعب، دعوا اللبنانيّون الذين تحوّلوا في غفلة من لصوص المصارف إلى فقراء لا يمتلكون قرشاً لا أبيض ولا أسود، لم يتبقَ لديهم ما يُفرحون به أولادهم على بساطته ما الذي تبقّى لديهم ممّا تعول عليه العائلات الجائعة، هذا الإنهيار إن فضح شيئاً فقد فضح حجم الجوع الذي يسكن البيوت والحزن المعشّش فيها، الفرح قد يشبع القلوب أمّا البطون الجائعة، فالثورات لا تطعمها إلا ضجيجاً يوتّر مساءاتها  وصباحاتها.

هذه السّنة تأتي أعيادنا مثقلة بالدّم وبالألم عسى ولعلّ أن يخرج من بيننا من يطرق أبواب البيوت الباردة، الأبواب التي تخفي خلفها القلق والكدر والبرد والمرض والفقر والوباء، الفقر والمرض يهجّران الأعياد، ويسحقان ابتسامات الطفولة، حتى في زمن الحرب الأهليّة كانت العائلات تتجمّع حول بعضها بعضاً في المدن والقرى تبحث عن دفْء المحبّة وأضواء السّلام البعيدة، في زمن التباعد الاجتماعي والحجر لن تبقَ كآبة لم يعصف بلبنان وشعبه!

يحتاج اللبنانيّون إلى الكثير من السّلام، سلام السّماء، والسّلام على الأرض، والسّلام لقلوب النّاس الخائفة المضّطربة، والسّلام لنفوسنا التي تأكل بعضها بعضاً من القلق، ويحتاج اللبنانيّون هذه الأيام إلى الكثير من الإيمان بأنّه من فوق كلّ ما يجتاحنا من أزمات وضيق وعُسْرٍ وفقر من فوق كلّ هذه، عين الله الرّحمن الرّحيم ترعانا وتحفظنا، فقد صار كلّ ما يحيط باللبناني يخوّفه من الغد، حالات الانتحار التي تكاثرت بشكل غير مسبوق في لبنان تعني أمراً واحد أنّ قلّة الدّين والإيمان بدأت تتمكّن من كثيرين، قريباً تحلّ الأيّام المباركة وسنكون معها بحاجة إلى طرد وسوسات الشياطين الكثر من صدورنا ونفوسنا وعقولنا لأنّ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ  وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا  وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

على هامش الأعياد، اتركوا النّاس تستعيد فرح قلوبها وابتسامتها، فكلّه  ينتظر، كلّه في لبنان ينتظر،»إلنا أربعة عقود ناطرين» ولم يتغيّر شيء، ونشكّ كثيراً أن يتغيّر شيء، لذا علينا أن نذكّركم أنّ فرح الأطفال لا ينتظر، وقلب وضحكة عجوز قد يكون هذا العام السيء المنحوس الأخير الذي يمرّ عليه بأوجاعه لا ينتظر، العائلات الفقيرة التي تعد أولادها بالفرح الآتي حاملاً معه كلّ سنابل أحلامهم في ليلة عيد، إسمحوا لنا كلّه ينتظر فلا قيمة لأيّ شيء أمام ضحكة طفل جائع في ليلة عيد، وما أكثر الجياع في لبنان ومع أقلّ الأعياد وإن ازدحمت بها الصورة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“كورونا” وزمن الأعياد “كورونا” وزمن الأعياد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates