بقلم - ميرفت سيوفي
يحتار اللبنانيّون من أي زاوية تتصيّدهم سهام الموت، هل بالاغتيالات الإرهابيّة بأيديها وقلوبها السوداء، أم بتخزين الأطنان من التفجيرات التي تهدّد بتدمير عاصمة لبنان من جديد بواسطة أكثر من 1000 طن موزّعة على 52 حاوية تحتوي على موادّ حمض الفورميك وحمض الهيدروكلوريك وحمض الهيدروفلوريك والأسيتون وبروميد الميثيل وحمض الكبريتيك وحمض فوق أوكسي أسيتيك، وهيدروكسيد الصوديوم وغليسيرينات، كانت مخزنة منذ أكثر من 10 حتى 20 سنة في المرفأ، ويتسرّب أجزاء منها في بحر العاصمة بيروت، فضلاً عن أنها تسبب انبعاثات سامّة طالما هي مخزنة بهذا الشكل، وكشفت شركة «كومبي ليفت»(Combi Lift) الألمانية المكلّفة بالتخلّص من الحاويات الكيميائية التي تمّ العثور عليها في المرفأ أنّ هذه المواد كافية لإحداث انفجار مشابه لذلك الذي دمّر أجزاءً كبيرة من العاصمة اللبنانية، وباللطف الإلهي لم تكن هذه الموادّ مخزّنة في المستودع رقم ١٢ وإلا لطارت بيروت كلّها وما حولها وكان من الصعب إحصاء الدّمار والخراب وأعداد القتلى والجرحى، وحتى السّاعة لا تزال 5 سفن في المرفأ، وهي تحوي مواد خطيرة في ظروف تخزين سيئة، فمن المسؤول عن استيراد هذه المواد وتركها في هواء المرفأ الطلق لعقدين من الزّمن غير آبهين بأرواح اللبنانيين فمن يتحمّل المسؤوليّة ومن الذي أصبحت محاسبته واجبة وضروريّة؟!
وفيما كان رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري يغرّد أنّ «التلقيح ضد الكورونا سيبدأ قريباً وأنّه تمّ تأمين أفضل اللقاحات من أجل أهلنا، داعياً إيّاهم للتسجيل في المنصة من أجل التلقيح، رافعاً شعار معاً متحدين سننتصر على الكورونا»، كانت الأخبار العاطلة تزداد سوءاً مع إعلان وكالة «بلومبيرغ» أنّ نهاية كورونا ستكون في 2028، بعدما كان الخبراء يؤكدون أن الخلاص من الفيروس آت في 2022، وبعملية حسابية وعلمية فاجأت بلومبيرغ العالم بأنّ الأمر لن يكون بهذه السرعة! وبحسب بلومبيرغ كان عام 2022 موعداً حدده المجتمع العلميّ على أساسه توقعاته بشأن مستقبل الوباء ونهايته، لكن الوضعُ اختلف اليوم فقد دفع تعثّرُ عملياتِ توزيع اللّقاحاتِ العالميّة في بعضِ المناطق الموعدَ المنتظرَ إلى العامِ 2028!
وبنت بلومبيرغ أكبرَ قاعدةِ بياناتٍ لعملياتِ التلقيح الجارية في 73 بلدا حاليا ليظهر في خريطتِها التفاعلية أن العالمَ استهلك حتى الآن أكثرَ من 124 مليونَ جرعةٍ بمعدلِ أربعةِ ملايين وستِمئةِ ألفِ جرعة يوميا وتعكس هذه الأرقامُ خضوعَ العالم لأكبرِ حملةِ تطعيم في التاريخ غير أن مجموعَ TS ما تم التعاقدُ عليه من لقاحات حتى الآن يبلغ 8.5 مليارات جرعة من خلال أكثرَ من مئةِ 100 اتفاقية.. بهذا النمطِ السائدِ في آليةِ توزيع اللقاحات، يحتاج العالمُ إلى ما لا يقل عن 7 سبعِ سنواتٍ لتحقيقِ مناعةِ القطيع والخروج الحقيقي من الجائحة!
وعلى هامش هذه التقديرات زادت الأخبار الصادرة عن بريطانيا قبل أيامٍ أربعة الصورة تشاؤماً إذ اعتبرت إنكلترا أن العالم يواجه نحو 4 آلاف سلالة من فيروس كورونا، ما أدى إلى سباق على تحسين اللقاحات، إذ بدأ باحثون اختبار الجمع بين جرعتين، إحداهما من لقاح فايزر والأخرى من لقاح أسترازينيكا، وتمّ توثيق آلاف السّلالات مع تحوّر الفيروس ومنها السّلالات التي يطلق عليها البريطانية والجنوب أفريقية والبرازيلية والتي يبدو أنها تنتشر أسرع من غيرها.
هذا من دون الحديث عن الأزمة الإقتصاديّة والمالية الخانقة، والأزمة السياسيّة التي بلغت بفجورها حدّاً غير مسبوق في تاريخ لبنان السياسي، أمام هذه المروحة من الخيارات الإنتحاريّة يحتار المواطن اللبناني أيّها يختار ليكون قتيله، كثيرة جدّاً هذه المرارات القاتلة على المواطن اللبناني الذي يقف مذهولاً مستسلماً أمام الواقع السوداوي الذي يتمدّد على مساحة يومياته المخيفة!!