بقلم - ميرفت سيوفي
الشعارات التي رفعها اللبنانيّون في سبت بكركي العظيم المتعلقة بإرهاب حزب الله وطرد إيران من لبنان هي الحقيقة العميقة التي كان اللبنانيّون بحاجة للتعبير عنها في وجه العالم السّاكت عن معاناتهم بسبب الشيطان الإيراني الذي انقلب على اللبنانيين بالتخوين والتهديد والوعيد وهذه لغة قديمة اعتادها اللبنانيّون وليست بجديدة عليهم، وهي من العجب العجاب الذي يعايشه اللبنانيّون عندما يتصدّى لتخوينهم أكثر العملاء عمالة في تاريخ لبنان المعاصر!!
أخوف ما نخافه هو محاولة الالتفاف تقيّة من حزب الله على مطالب اللبنانيين التي رفع بطريرك لبنان صوته عالياً أمام اللبنانيين بها بأن يجد حزب الله نفسه مضطراً إلى الحديث عن الحوار والتفاهم والابتعاد عن التشنج والتمسّك بالعيش المشترك، هذه كلّها عناوين خداع وغشّ تمّ تجريبها منذ العام 2005 وحتى اليوم وفي كلّ مرّة انقلب الحزب ومن خلفه إيران على نتائجها متى حانت له الفرصة وآخر انقلاباته الكبرى كانت عام 2012 على نتائج مقررات «حوار بعبدا الصادرة بتاريخ 11 حزيران والتي اعتبرت تاريخية يومها لأنّها تناولت الحوار على استراتيجية دفاعية وكانت المرة الأولى التي يقبل به الحزب بأن يكون سلاحه موضع حوار ثم انقلب علانية على «اتفاق بعبدا» بوقاحة وبغير حياء!!
على الأقلّ الحياد الذي يطالب به البطريرك بشارة الراعي ومن خلفه اللبنانيون نصّ عليه «اتفاق بعبدا» قبل تسع سنوات في بنده الثاني عشر الذي نصّ على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم»، وكذلك مطالبة البطريرك بتطبيق المقررات الدولية وهو بند الرابع عشر الذي نصّ عليه «اتفاق بعبدا» عام 2012 «إلتزام القرارات الدوليّة، بما في ذلك القرار1701»، كلّ الحوارات والاتفاقات مع حزب الله كانت خداعاً وتقيّة حتى تحيّـن لحظة مناسبة للانقلاب عليها، المطلوب اليوم أن يستمر اللبنانيون اليوم بمتابعة مشهد بكركي ورفع الصوت عالياً بنفس الشعارات التي توجع حزب الله صوتاً وصورة وتخيفه من إجبار هذه الصورة اللبنانية أن تحرّك العالم لإنقاذ لبنان منه ومن احتلال إيران!
مأزق لبنان الحقيقي وأي حكومة ستتشكّل فيه ليس الوضع الاقتصادي ولا المالي ولا اهتراء الدولة وفساد مؤسساتها ولا الحاجة إلى إصلاح عاجل، كلّ هذه تفاصيل صغيرة لأنّ أزمة لبنان الكبرى والحقيقيّة هي حزب الله وأجندته، وهذه الأزمة الكبرى مرشّحة للقضاء على الكيان اللبناني، وأفضل ما يفعله اللبنانيّون اليوم هو عدم الرضوخ لتهديدات حزب الله والاستمرار بالتظاهر والمطالبة بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وعلى رأسها القرار 1559 والقرار 1701، تظاهر بوضوح شديد ضدّ سلاح حزب الله المتسلّط على رقاب اللبنانيين والدولة اللبنانيّة وسيادتها الممنوعة من بسطها على أراضيها ومصادرة دور مجلس الوزراء مجتمعاً في اتخاذ قرارات السّلم والحرب ورهنها للأجندة الإيرانيّة وتسليم مصير اللبنانيين بوضع هذه القرارات في يد الوليّ الفقيه علي الخامنئي!!
لم يعد «سلاح حزب الله شأن لبناني داخلي، وسيحلّ بحوارٍ لبناني» كما ادّعى الفرقاء السياسيون سابقاً من أجل مصالحهم الانتخابيّة اليوم وبعد ستة عشر عاماً بات من الواضح خصوصاً بعد انفجار 4 آب أن لا جدوى لأي حوار مع حزب الله، وأنّ الحلّ الوحيد أمام اللبنانيين الوقوف وراء بكركي وبطريرك لبنان.