بقلم - ميرفت سيوفي
من مفارقات إعدامات الأنظمة والميليشيات عدد الرصاصات التي تستخدمها، عام 2000 أعلن النظام السوري انتحار رئيس الحكومة السابق محمود الزعبي بـ 3 رصاصات، وأمعن «الحزب في تنفيذ إعدامٍ ميدانيِّ بالنّاشط السياسي لقمان سليم فأطلق على رأسه 4 رصاصات إدراكاً من الجبناء أنّ خلافه هو الرؤوس التي تحوي عقول، والرؤوس التي لا عقول لها وتمشي على التقليد العمياني هي جندها ورسل موتها وحشّاشوها منذ «الخوارج».
شباط شهر الاغتيالات في هذا الشهر تم تنفيذ حكم إعدام ميداني في الدكتور حسين مروة عام 1987 أطلقوا عليه الرصاص وهو عاجزٌ في سريره كان قد بلغ الـ 78 من عمره، وكذلك فعلوا في أيار من نفس العام عندما أطلقوا الرصاص على مهدي عامل (الدكتور حسن حمدان) قتل الحزب الإرهابي كلّ العقول التي كانت تجذب الشباب الشيعة في الجامعات فيتحلّقون حولها، كان لقمان سليم واحداً من العقول التي يتحوكم حولها كثير من الشباب وأخطر ما في هؤلاء أنّهم باحثون قارئون يفكّرون، من المفارقات أن ينتهي حزب الله اليوم من حيث بدأ من اغتيال الشيعة المفكّرون في محيطه بعدما وسمهم بشيعة السفارة!!
شباط لعنةُ لبنان، سواء كنّا في 4 شباط أو 14 شباط، وتبقى اللعنة الكبرى في انقلاب 6 شباط الذي قوّض كلّ أمل ببناء الدولة وركون اللبنانيين إلى أنّ الحرب انتهت وأنّ البداية ممكنة ولكن المرتهنون للأجندات الخارجيّة حاضرون دائماً لتنفيذها والأمس واليوم متشابهان لا يختلفان قيد شعرة، سواء كانت الأجندة سوريّة أو إيرانيّة، لكنّ المنطق يقول أنّ حزب الله وأجندة إيران هما الأخطر إلى حدّ الزوال على لبنان، خصوصاً وأن أمين عام حزب الله حسن نصرالله سبق ووضع لبنان بين خياريْن لا ثالث لهما، أو بين ما أسماه هو بـ»حسم الخيارات» وأنّنا إمّا أن نكون «يا مع محور أميركا وحلفائها من الأنظمة العربيّة.. يا مع إيران وحلفائها»، وطبعاً «فشروا» نحن مع لبنان، لبنان فقط، لبنان الحياد الذي لا شأن له بالمحاور.
أسوأ مخاوف لبنان ما يتردد ليل نهار عن مخاوف من اضطرابات أمنية وعودة للاغتيالات بسبب الحشرة والوقت العصيب الذي يعيشه حزب الله وإيران من قبله، وما بين ما نقلته وكالة أنباء بلومبيرغ عن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّها «تدرس تخفيف العقوبات المالية عن إيران من دون رفع العقوبات على مبيعات النفط» وبين ما قاله جو بايدن بأنّ «أميركا لن ترفع العقوبات على إيران لإعادتهم لطاولة المفاوضات وعليهم وقف تخصيب اليورانيوم أولاً» نحتار ما الّذي نصدّقه!
ليس سرّاً أنّ حالة يأسٍ وقنوط تسيطر على اللبنانيين سياسياً واجتماعياً وإنسانيّاً فالموت يحاصرهم من كلّ الجهات منذ 4 آب وتفجير المرفأ الذي دمّر نصف العاصمة ووباء كورونا الذي نجح القطاع الطبي والتمريضي في الاستشهاد استقتالاً في مواجهته فيما فشلت الدولة في التعاطي معه فشلاً ذريعاً، الواقع السياسي يزيد اللبنانيين حزناً على حزن، وليس سرّاً أيضاً أنّهم لا يعوّلون على زيارتيْ الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون لأبو ظبي والسعودية ليدعوهم إلى عدم التخلي عن لبنان وتركه فريسة لإيران، لقد تخلّى العرب عن لبنان منذ أعلن الرّاحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية رفع يدها عن لبنان، ولا يعوّل على الوعود الأميركية الجوفاء وسياستها الحمقاء، راجعوا أيام رونالد ريغان في الرئاسة الأميركية وتعامله مع إيران الخميني التي مرّغت أنف الأميركي الذي أتى جهاز إستخباراته بالاتفاق مع الفرنسيين إلى الحكم، لا تنسوا أبداً أن الخميني عاد إلى إيران بطائرة فرنسيّة خاصّة، وماكرون يحمل إلى السعودية دعوة غبية للمشاركة في التفاوض مع إيران التي سبق وردّت على كلامه بأن لا مكان للسعودية على مائدة التفاوض الأميركي ـ الإيراني.. منذ سبعينات القرن الماضي لا طِلْعت على الأميركي ولا نِزْلت على الفرنسي، فيوم كان هناك في فرنسا فرنسوا ميتران وكان فيها جاك شيراك لم يساعد لبنان نفسه حتى عندما رغب الزعيميْن الفرنسيين في مساعدته، نحن الآن بلدٌ على وشك الإغتيال!