إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر

إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر

إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر

 صوت الإمارات -

إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

كلما تشكلت حكومة إسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، تصدر تعليقات فحواها أنّ هذه الحكومة هي الأكثر يمينية منذ قيام دولة إسرائيل. يستطيع “بيبي” في كلّ مرّة التفوق على نفسه… من أجل العودة إلى موقع رئيس الوزراء. نراه هذه المرّة في تحالف مع اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أحد أبرز الوجوه السياسية في إسرائيل اليوم. صار بن غفير رئيساً لثالث أكبر حزب سياسي في إسرائيل هو “الصهيونية الدينية”. كذلك، تحالف زعيم ليكود مع عضو الكنيست المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

يمثل بن غفير (45 عاما) والذي طلب من نتانياهو تعيينه في موقع وزير الأمن الداخلي أسوأ ما في المجتمع الإسرائيلي الذي يزداد مع مرور الوقت تطرفا، فهو ولد في ضواحي القدس الغربية، لعائلة يهودية من أصول شرقية. والده يهودي عراقي ووالدته من أصول يهودية كردية. خلال مراهقته تبنى أفكار حركة “موليدت” المتطرفة التي أسسها رحبعام زئيفي عام 1988، والتي كانت تدعو “إلى ترحيل الفلسطينيين من أرض إسرائيل”. في سن الـ14 انضم بن غفير إلى حركة “كاخ” الأشد تطرفاً والممنوعة في إسرائيل والولايات المتحدة والتي أسسها الحاخام اليهودي من أصول أميركية مائير كاهانا، المعروفة بتطرفها العنصري الشديد إزاء كل ما هو غير يهودي وضد الفلسطينيين والعرب على وجه الخصوص وبالتحريض الدائم على قتلهم. ومن أشهر أتباع الحركة وتلاميذ كاهانا، الإرهابي باروخ غولدشتاين الطبيب المولود في بروكلين الذي هاجر إلى إسرائيل، وعاش في مستوطنات الخليل وقتل 29 فلسطينياً أثناء تأديتهم الصلاة في الحرم الإبراهيمي عام 1994. لا تزال صورة غولدشتاين على أحد جدران منزل بن غفير “تمجيداً له وتقديراً لقتله الفلسطينيين”.

◘ متى راجعنا تاريخ "بيبي" نكتشف أنّ الرجل سياسي انتهازي من الدرجة الأولى. لديه ميل طبيعي إلى التخريب والجمود بحجة خلق واقع استيطاني على الأرض، خصوصا في الضفّة الغربيّة

كانت الجريمة التي ارتكبها غولدشتاين في حق الفلسطينيين بداية لمسلسل العنف الذي قاد إلى العمليات الانتحارية التي نفذتها “حماس” والتي استهدفت القضاء على أي أمل في تسوية سلميّة في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض في أيلول– سبتمبر من العام 1993. توج المسلسل باغتيال إسحاق رابين في الرابع من تشرين الثاني – نوفمبر 1995 على يد يهودي متطرف يدعى ييغال عمير. كانت تلك نهاية أوسلو على يد متطرفين من الجانبين. لا يزال قاتل رابين يحكم إسرائيل منذ تلك اللحظة.

ليست الحكومة التي سيشكلها “بيبي” سوى نتيجة طبيعية لصعود اليمين المتطرف في إسرائيل بدعم من مجموعات فلسطينيّة متطرّفة، وضعت نفسها في تصرّف قوى خارجية، من نوع “حماس” أو “الجهاد الإسلامي”. عملت هذه المجموعات كلّ ما تستطيع من أجل خدمة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي وقف في وجه أوسلو تحت شعار “لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه”. الأكيد أن هناك لوما يمكن وضعه على السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة التي انبثقت عن أوسلو. لم تدرك السلطة الوطنيّة يوما أهمّية عامل الوقت، علما أنّ في الإمكان طرح تساؤلات محورها هل أرادت إسرائيل يوما التوصل بالفعل إلى سلام مع الفلسطينيين؟

لم تفوت “حماس” وكلّ الذين يقفون خلفها، خصوصا النظام في إيران، فرصة إلّا واستغلتها من أجل ضرب أي مشروع سلام مهما كان هذا المشروع متواضعا. يحصد اليمين المتطرف الإسرائيلي والإخوان المسلمون نتيجة ما زرعوه. ليس “بيبي” نتانياهو العائد إلى موقع رئيس الوزراء سوى رمز لهذا التحالف بين متطرفين جسده مرتكب مجزرة الخليل في العام 1994 من جهة والعمليات الانتحارية لـ”حماس”، وهي عمليات لعبت دورها في جعل المجتمع الإسرائيلي حذرا حيال كلّ ما له علاقة بالسلام من جهة أخرى.

يبقى أنّ الأهمّ من ذلك كلّه، هل تستطيع حكومة إسرائيلية جديدة تضم وزراء من طراز إيتمار بن غفير أن تكون مقبولة أميركيا وأوروبيا وفي المنطقة؟ الجواب أنّ مثل هذه الحكومة لا تستطيع العيش في هذا العالم، بما في ذلك التعاطي مع العالم العربي حيث باتت دول عدّة تقيم علاقات طبيعيّة مع إسرائيل.

لن تكون مثل هذه الحكومة قادرة على التعاطي مع دول المنطقة ولا مع الداخل الإسرائيلي. ستكون حكومة من دون أفق سياسي، اللهمّ إلّا إذا كانت تسعى لخوض معارك تحت شعار: عليّ وعلى أعدائي.

يستطيع “بيبي” في كلّ وقت تغيير جلده. سيكون عليه هذه المرّة القيام بتغيير في العمق يفرضه الواقع الداخلي والإقليمي والدولي. سيعني ذلك تشكيله حكومة تضمّ اليمين المتطرف في المستقبل القريب، على أن يلجأ إلى تحالفات مع شخصيات مقبولة في مرحلة لاحقة. من بين هذه الشخصيات بيني غانتس وزير الدفاع في حكومة يائير لابيد، وهو رئيس سابق للأركان. تكمن أهمّية غانتس في أنّه يعرف المنطقة كما لديه علاقات جيّدة في الولايات المتحدة.

لا يمكن لإسرائيل، في حال كانت تريد بالفعل مواجهة الخطر الإيراني، الانطواء على نفسها والتخلي عن الدعم الأميركي. فوق ذلك كلّه، مهما علا صراخ بن غفير وغيره ومهما لجأ نتانياهو إلى مناورات سياسيّة، ستواجه إسرائيل عاجلا أم آجلا الحقيقة المتمثلة بوجود ما بين سبعة وثمانية ملايين فلسطيني بين البحر المتوسط ونهر الأردن. هناك مليونا فلسطيني في إسرائيل نفسها ومليونا فلسطيني في غزّة وثلاثة ملايين فلسطيني في الضفّة الغربيّة. ثمّة حاجة إلى حل سياسي سيفرض نفسه، لا لشيء سوى أن لا مجال لتذويب هذه الكتلة البشريّة الفلسطينيّة، خصوصا أنّ ثمة ما يجمع بين الفلسطينيين بغض النظر عن مزايدات “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

فاز تكتل ليكود في الانتخابات الإسرائيليّة. متى راجعنا تاريخ “بيبي” نكتشف أنّ الرجل سياسي انتهازي من الدرجة الأولى. لديه ميل طبيعي إلى التخريب والجمود بحجة خلق واقع استيطاني على الأرض، خصوصا في الضفّة الغربيّة، لكنّه يعرف في الوقت ذاته أنّ المرحلة ليست مرحلة الدخول في مواجهة مع الإدارة الأميركيّة الحالية على غرار ما فعله مع إدارة باراك أوباما. العالم تغيّر في ضوء حرب أوكرانيا وفي ضوء التهديد الإيراني لدول المنطقة. لا تستطيع إسرائيل التكيف مع التغييرات العالميّة بحكومات تضمّ أمثال إرهابي مثل إيتمار بن غفير!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر إسرائيل اليمينيّة في عالم تغيّر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates