اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن

اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن؟

اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن؟

 صوت الإمارات -

اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لا يزال السؤال مثيرا للحيرة على الرغم من مرور أسابيع على خروجه الى الواجهة. لماذا إصرار إدارة جو بايدن على رفع الحوثيين (انصار الله) عن قائمة الإرهاب الأميركية، التي ربّما لم يوضعوا عليها أصلا؟

استلحق وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو نفسه وطلب وضع الحوثيين على لائحة الإرهاب قبل ايّام قليلة من انتهاء ولاية دونالد ترامب في العشرين من كانون الثاني – يناير الماضي. لم يتضح بعد هل نجح في ذلك ام لا، لكنّ الامر الثابت انّ إدارة بايدن سارعت الى تأكيد سعيها الى رفع "انصار الله" عن لائحة الإرهاب. كلّ ما يمكن قوله في سياق محاولة تفسير هذا التصرّف ان الإدارة الأميركية الجديدة تسعى، من خلال اليمن، الى طمأنة ايران من دون اخذ في الاعتبار للنتائج التي يمكن ان تترتّب على ذلك، خصوصا في ظلّ العلاقة العضوية القائمة منذ سنوات طويلة بين الحوثيين من جهة و"الجمهورية الاسلاميّة" من جهة أخرى.

ما الذي تريده الإدارة الأميركية الجديدة من اليمن الذي عيّنت مبعوثا خاصا له هو تيموثي ليندركينغ؟ تصعب الإجابة عن مثل هذا السؤال. لكن الثابت ان هذه الإدارة يمكن ان ترتكب خطأ في غاية الخطورة في حال سعيها الى تحويل جزء من اليمن الى قاعدة إيرانية. ترفض الإدارة ان تأخذ في الاعتبار ان تطورا كبيرا طرأ على علاقة الحوثيين بإيران في غضون السنوات العشرين الأخيرة.

في البداية، دفع علي عبدالله صالح، الرئيس بين 1978 و2012، في اتجاه توطيد العلاقة بين الحوثيين وايران في اطار سعيه الى إقامة توازنات تخدم السلطة المركزية في صنعاء في المناطق التي توصف بالزيدية. تقرّب من الحوثيين الذين كانوا يُعرفون في البداية بـ"الشباب المؤمن" من اجل وضع حدّ لتوسّع الاخوان المسلمين والسلفيين في الشمال اليمني.

كان علي عبدالله صالح يخشى في تلك المرحلة التجمّع اليمن للإصلاح، وهو الحزب الذي عمل الاخوان بغطاء منه مستخدمين خصوصا عباءة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ حاشد الذي كان على رأس الإصلاح. بعد حرب صيف 1994 التي انتصر فيها علي عبدالله صالح على الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة في العام 1990، بدأ الرئيس اليمني السابق يشعر بثقل الاخوان المسلمين وميليشياتهم وتنظيمهم الفعال. اكتشف أيضا انّهم لم يكتفوا باختراق الجنوب والوسط الشافعيين وصنعاء والمنطقة المحيطة بها فحسب، بل يسعون الى التمدّد في صعدة وعمران ومحيطهما.

ما لبث ان انقلب السحر على الساحر عندما اكتشف علي عبدالله صالح ان ايران صارت اقوى منه في الوسط الحوثي وانّ جهوده الهادفة الى احتواء "الشباب المؤمن" باءت بالفشل. تحوّل ولاء الحوثيين من علي عبدالله صالح، الى ايران. اكتشف ذلك في 2004 لدى توقّفه في صعدة في طريقه برّا الى المملكة العربيّة السعودية لزيارة الاماكن المقدّسة في مكّة. في الطريق الى جدّة، قرّر الرئيس السابق القاء خطبة في احد مساجد صعدة بعد صلاة الجمعة. فوجئ بعد انتهائه من الكلام بشباب حوثي يطلق ما يسمّى "الصيحة"، أي "الموت لاميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام". بدأت بعد ذلك سلسلة من الحروب مع الحوثيين كانت آخرها في العام 2010. وفي وقت لاحق، عرف "انصار الله" الذين ورثوا "الشباب المؤمن" ان يكونوا المستفيد الاوّل من التحرك الذي قام به الاخوان المسلمين من اجل قلب علي عبدالله صالح في العام 2011 والذي تخللته محاولة لاغتياله نجا منها بأعجوبة في الثالث من حزيران – يونيو 2011.

توّج الحوثيون انتصاراتهم العسكرية والسياسية بالاستيلاء على صنعاء في 21 أيلول – سبتمبر 2014. لعبوا كلّ اوراقهم بهدوء وثقة بالنفس وصولا الى الانتقام من علي عبدالله صالح عندما اقدموا على تصفيته بدم بارد في الرابع من كانون الاوّل – ديسمبر 2017 في صنعاء. لا يزال "انصار الله" يحتفظون الى اليوم بجثمان الرئيس السابق كما لديهم رهائن. من بين هذه الرهائن أقارب مباشرون لعلي عبدالله صالح.

في كلّ يوم يمرّ، يتبيّن ان الحوثيين لا يمكن ان يرضوا باقل من دولة مستقلّة خاصة بهم في شمال اليمن تكون قاعدة صواريخ إيرانية في شبه الجزيرة العربيّة. إنهّم مستمرّون في مشروعهم الذي احبطته جزئيّا "عاصفة الحزم" التي شنّها التحالف العربي ابتداء من آذار – مارس 2015. حال التحالف العربي دون سيطرة الحوثيين على كلّ اليمن، على الشمال والجنوب والوسط وعلى ساحل البحر الأحمر وعلى عدن نفسها.

هل تدرك الإدارة الأميركية الجديدة ما على المحكّ في اليمن؟ السؤال يطرح نفسه بحدّة، خصوصا انّ ليس ما يشير الى استعداد "انصار الله" للتراجع عن مشروعهم الذي لا يصبّ في نهاية المطاف سوى في نشر البؤس والتخلّف أينما حلّوا. من يعرف صنعاء واهل صنعاء يدرك مدى الظلم الذي حل بالمدينة والمقيمين فيها من أهلها الأصليين او من الذين جاؤوا اليها من مختلف المناطق اليمنية واستقبلتهم بقلب مفتوح.

أسوأ ما في الامر ان الحوثيين لا يبحثون عن تسوية سياسية، اقلّه في هذه الايّام. تشير الانباء المتوافرة الى ان الزيارة التي قام بها أخيرا لطهران مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث لم تؤد الى أي نتائج إيجابية باستثناء انّها اكّدت التصلّب الإيراني.

لا يستطيع عاقل تجاهل انّ الحوثيين جزء من النسيج اليمني، مثلما لا يستطيع احد تجاهل انّه لا يوجد لديهم أي مشروع اقتصادي او حضاري باستثناء إقامة كيان سياسي تابع لإيران في شمال اليمن لديه ميناء الحديدة على البحر الأحمر وحدود طويلة مع المملكة العربية السعودية.

ليس معروفا بعد هل لدى الإدارة الأميركية الجديدة أي مشروع تسوية لليمن ام تعتقد ان الوجود الإيراني فيها جزء من صفقة كبيرة تنوي عقدها مع "الجمهورية الاسلاميّة"؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن اميركا مع قاعدة إيرانية في اليمن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates