رهان «بيبي» على عودة ترامب

رهان «بيبي» على عودة ترامب

رهان «بيبي» على عودة ترامب

 صوت الإمارات -

رهان «بيبي» على عودة ترامب

بقلم - خير الله خير الله

لم يتغيّر شيء في إسرائيل منذ عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها «حماس» انطلاقاً من قطاع غزّة في السابع من أكتوبر الماضي، بل تغيّر الكثير. تغيّر الكثير بما يسمح بالقول إنّ مواطني تلك الدولة التي قامت في العام 1948، باتوا يواجهون أزمة وجوديّة بعدما استطاع مقاتلو «حماس»، قبل أربعة أشهر تقريباً، اقتحام مستوطنات عدّة في منطقة تسمّى غلاف غزّة وبعدما احتجزوا رهائن إسرائيليين وقتلوا عسكريين ومدنيين.

ما لم يتغيّر في إسرائيل هو شخص بنيامين نتانياهو، رئيس الحكومة الحاليّة، الذي يعتقد أنّه لايزال قادراً على إنقاذ مستقبله السياسي على الرغم من أنّه جزء لا يتجزّأ، بل على رأس المجموعة، التي أوصلت إسرائيل إلى ما وصلت إليه. أي إلى أن تصبح ذات مستقبل غامض.

يبدو متوقعاً لجوء إسرائيل إلى هجوم على رفح، التي على الحدود المصريّة، حيث يوجد نحو مليون ونصف المليون فلسطيني. هؤلاء هُجروا من مناطق أخرى في غزّة في أعقاب «طوفان الأقصى» وما تلاه من ردّ وحشي إسرائيلي «تجاوز كل حدود» على حدّ تعبير الرئيس جو بايدن نفسه. طفح الكيل مع الرئيس الأميركي الذي يرفض أن تكون سياسة أميركا في الشرق الأوسط رهينة المستقبل السياسي لبنيامين نتنياهو أو «بيبي» كما يسمّيه الإسرائيليون.

سياسياً، لم يتغيّر الرجل الرافض لفكرة السلام مع العرب والفلسطينيين تحديداً. استفاد في نهجه المتطرف من كلّ عملية انتحارية نفذتها «حماس» بعد توقيع اتفاق أوسلو في العام 1993 ومن طريقة تصرّفها منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزّة صيف العام 2005. يحاول الآن الاستفادة من حرب غزّة، لكنّ الواضح أنّه سيفشل في ذلك. اللهمّ إلّا إذا نجح في رهانه على أنّ دونالد ترامب سيخلف جو بايدن الذي بات بالنسبة إليه جثة سياسيّة.

ما تغيّر في المرحلة الراهنة أنّ «بيبي» الملاحق من العدالة بتهمة الفساد بات يطمح إلى القضاء على غزة ردّاً على «طوفان الاقصى» وذلك في غياب قدرة الجيش الإسرائيلي على الانتهاء من «حماس». هل تقبل أميركا أن تكون تابعاً لإسرائيل في حين لم يعد سرّاً أنّ الدولة العبرية لا تستطيع متابعة حربها في غزّة من دون السلاح والذخائر الأميركيّة؟

من أجل الحؤول دون دخوله السجن، كما حصل مع سلفه ايهود اولمرت، وضع «بيبي» مستقبله السياسي فوق كلّ اعتبار معرّضاً علاقات إسرائيل بدول عربيّة عدة، بينها مصر، للخطر. يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اعتمد سياسة تقوم على فكرة «من بعدي الطوفان». يبدو مستعداً لكلّ أنواع المجازفات وأن تكون حكومته في خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. باختصار شديد، هناك ما هو أهمّ من مواجهة البرنامج النووي الإيراني بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الحاليّة. هناك المستقبل السياسي لـ«بيبي» المطلوب وقف الملاحقات القضائية في حقّه على الرغم من وجود أدلّة كثيرة على مدى فساده.

يؤكّد حصر رئيس الوزراء الإسرائيلي همّه في كيفية الإفلات من قبضة القضاء، تمسّك وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، بما كان أعلنه قبل فترة قصيرة عن عزمه على تعديل النظام القضائي لتضمينه «استثناءً» يسمح للكنيست بتعليق قرارات المحكمة العليا. إلى الآن، لم يستطع وزير العدل الإسرائيلي تمرير الإصلاحات المطلوبة في ظلّ مقاومة شعبية لمثل هذه الإصلاحات. عملياً، يهدف هذا التعديل الذي أعلن ليفين خطوطه العريضة أمام الصحافة إلى تغليب السلطة التشريعية على السلطة القضائية، في وقت يحاكم نتنياهو بتهم فساد.

بعد فوز حزبه (ليكود) في انتخابات الأول من نوفمبر 2022، وبعد أسابيع من المفاوضات مع الأحزاب الدينية المتشددة واليمينية المتطرفة، شكّل «بيبي» الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.

قال وزير العدل الإسرائيلي، في إشارة واضحة إلى رغبة في تجاوز القضاء وتعطيله، على غرار تعطيل أي أمل في تحسّن الأجواء السياسيّة في المنطقة: «هناك قضاة ولكن يوجد أيضاً برلمان وحكومة... الديموقراطية في خطر عندما ندلي بأصواتنا في صندوق الاقتراع ولكن في كلّ مرّة يقرّر أشخاص غير منتخبين نيابة عنّا».

من أجل الخروج من المأزق القضائي والسياسي والعسكري الذي وجد نفسه فيه، هرب «بيبي» إلى التصعيد في غزّة. لم يستطع تحقيق انتصار حقيقي على «حماس» على الرغم من كلّ الضجة المثارة هذه الأيّام بعد «تحرير» رهينتين إسرائيليتين كانتا لدى «حماس»، علما أنّ لا شيء يثبت ذلك...

في كلّ الأحوال، هناك عملية هروب مستمرّة إلى الأمام يمارسها رئيس الوزراء الإسرائيلي. إنّها لعبة مليئة بالمخاطر، خصوصاً في ظلّ الإصرار على شن هجوم على رفح وافقت الإدارة الأميركيّة أم لم توافق. يستفيد «بيبي» في واقع الحال من تغيير في العمق طرأ على الرأي العام الإسرائيلي الذي يريد الانتقام من «حماس» بأي ثمن كان من دون التفكير لحظة في انعكاس ذلك على العلاقة بواشنطن من جهة وحجم الخسائر البشريّة الفلسطينيّة من جهة أخرى.

ثمة رهان لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن الوقت يعمل لمصلحته وعلى أنّ حليفه دونالد ترامب عائد إلى البيت الأبيض على حصان أبيض. هل حساباته في محلّها.؟ توجد ثغرة أساسيّة في هذه الحسابات اسمها الرأي العام الإسرائيلي. الرأي العام هذا مع القضاء على «حماس» حتّى لو دمرت غزّة على رؤوس أهلها تدميراً كاملاً وحتّى لو تأثرت العلاقة القائمة مع مصر. لكن هذا الرأي العام لن يغفر لنتنياهو رهانه في الماضي على «حماس» وعلى تمرير المساعدات لها نكاية بالسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة.

عاد ترامب أم لم يعد، سيصعب على أكثرية الإسرائيليين إعادة تأهيل «بيبي»، الهارب الدائم من السلام، الذي يتحمّل المسؤولية الأكبر عن جعل مستقبل إسرائيل على كف عفريت... وعن نجاح إيران في شنّ حروبها في المنطقة كي تثبت أنّها اللاعب الأساسي والمحوري في الشرق الأوسط والخليج في آن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهان «بيبي» على عودة ترامب رهان «بيبي» على عودة ترامب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates