رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان...

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان...

 صوت الإمارات -

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان

بقلم: خير الله خير الله

 

يمكن القول إنّ انتخاب الإصلاحي مسعود بازشكيان، رئيساً للجمهورية في إيران حدث مهمّ، بل تطور بارز نحو الأفضل. كان ذلك ممكناً لو كانت تجارب الماضي القريب تسمح بذلك.

لكن هذه التجارب، في مقدمها تجربتا محمد خاتمي وحسن روحاني، لا تبعثان على التفاؤل.

كان خاتمي وروحاني محسوبين على الإصلاحيين، لكنهما لم يتمكنا من تغيير شيء في إيران التي بقيت تعاني من أزماتها الداخليّة المستعصية منذ قيام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في العام 1979.

يترجم هذه الأزمات المستعصية، على أرض الواقع، إصرار النظام الإيراني على شعار «تصدير الثورة»، إلى المنطقة كلّها من منطلق أن ذلك خير دفاع عن استمرار النظام. هذا النظام الذي يتحكّم به رجال الدين والذي يرمز إليه التحالف بين «المرشد الأعلى» علي خامنئي و«الحرس الثوري».

يتحكّم خامنئي بكل القرارات المهمّة ذات الطابع الإستراتيجي. يتحكّم «الحرس الثوري» بكلّ ما له علاقة بإبقاء المواطنين الإيرانيين تحت السيطرة في الداخل من جهة وبالأدوات الإيرانية الموجودة في الخارج من جهة أخرى. أي بالميليشيات التي تقاتل في العراق وسورية ولبنان واليمن من أجل حماية النظام في إيران.

لا شكّ أنّ فوز بازشكيان يعبّر عن رغبة لدى الشعب الإيراني في إحداث تغيير جذري في نمط العيش. لكنّ الواقع يقول إنّ هذه الرغبة لا يمكن أن تتحقّق عبر شخص مثل الرئيس الجديد الذي لا يستطيع الذهاب بعيداً في إخراج البلد من سيطرة المتشددين المسلحين بدستور «الجمهوريّة الإسلاميّة».

هؤلاء المتشددون وقفوا عائقاً في وجه أي تغيير حقيقي في كلّ مرة ثار الشعب الإيراني طالباً استعادة حريته مبدياً رغبته في الانتماء إلى العالم الحضاري.

لو كانت هناك أي رغبة لدى النظام الإيراني في حصول أي تغيير حقيقي في العمق، لكان سمح لكلّ من يرغب بالترشّح في خوض الانتخابات الرئاسية.

كلّ ما في الأمر أن النظام لم يسمح، بين كل الإصلاحيين، سوى بترشح بازشكيان الذي كان وزيراً للصحة في عهد خاتمي. لو كان لدى «المرشد الأعلى» أدنى شكّ في ولاء الرجل لما كان وصل إلى الرئاسة.

يعرف خامنئي تماماً أن بازشكيان لن يثير أي اعتراضات حقيقة على سلوك النظام... بل إنّه هديّة من السماء للنظام الباحث عن تنفيس الاحتقان الداخلي.

ظهر هذا الاحتقان في العام 2022 في قضية الفتاة مهسا أميني التي قتلتها شرطة الإخلاق في طهران بحجة عدم التزام وضع الحجاب بالطريقة المطلوبة. لا يتعلق الأمر بالحجاب، أو بوضعه أو عدم وضعه، ذلك أنّ كل إنسان حر في التصرّف بالطريقة التي يريدها من دون إكراه. يتعلّق الأمر بممارسة حرّية شخصيّة، خصوصاً لدى المرأة الإيرانيّة التي كانت تتمتع بحقوق كبيرة في عهد الشاه.

يقول الرئيس الإيراني الجديد كلاماً جميلاً مستنداً بالفعل إلى معطيات علمية. من جملة ما يقوله، على سبيل المثال: «لا يمكن أن نصل إلى نمو بنسبة 8 في المئة (سنوياً) من دون فتح حدودنا والتعاطي مع حكومات المنطقة والعالم. من أجل تحقيق هذا الهدف، نحن في حاجة إلى 200 مليار دولار سنوياً. هذا أمر مستحيل في ضوء الظروف الراهنة. من الضروري، إذاً، تسوية مشاكلنا المرتبطة بعلاقاتنا الدولية».

لا يبدو الكلام الجميل كافياً، كذلك لا يبدو كافياً تعيين الرئيس الجديد لمحمّد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق الذي لعب دوراً في التفاوض مع الغرب في شأن الاتفاق النووي، مستشاراً له.

في نهاية المطاف، يظل الكلام الجميل كلاماً جميلاً إذا لم ترافقه أفعال تشير إلى تخلي «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران عن أوهامها التي تقوم على مبدأ «تصدير الثورة».

لو كان النظام الإيراني نظاماً ناجحاً بالفعل، لما كان المواطنون العاديون استغلوا فرصة الانتخابات الرئاسية للتصويت لبازشكيان، بدل التصويت للمتشدد سعيد جليلي، الذي يعتبره الشارع الإيراني من مدرسة «طالبان»!

عاجلاً أم آجلاً، سيتبين هل يستطيع الرئيس الإيراني الجديد أن يصنع فارقاً، فيكون مختلفاً عن سلفه إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم مروحية مع وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في 19 مايو الماضي. يكفي من أجل التأكد من حصول التغيير الإفراج عن لبنان الذي تحول رهينة لدى إيران وبات أقرب إلى مستعمرة إيرانيّة.

لا حاجة إلى القول مرّة أخرى إن لبنان صار رهينة إيرانيّة في ضوء سقوط البلد تحت هيمنة «حزب الله» الذي ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني.

هل يستطيع بازشكيان، القيام بأي خطوة ذات طابع إيجابي بالنسبة إلى لبنان والتوقف عن تدمير بلد كامل من أجل تكريس الدور الإقليمي لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» التي أخذت على عاتقها المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية مستغلة حرب غزّة إلى أبعد حدود؟

سيكون لبنان أحد الامتحانات المتاحة أمام الرئيس الإيراني الجديد، خصوصاً أن إيران باتت تمتلك قرار الحرب والسلم في لبنان بعدما اتخذت قراراً بفتح جبهة الجنوب. لم يأت هذا القرار سوى بالبؤس والخراب والدمار للبنانيين من أهالي القرى الحدودية ولم يفد «حماس» وغزّة في شيء.

الأكيد، أنّ هناك امتحانات أخرى أمام بازشكيان، امتحانات في العراق وسورية ولبنان واليمن، كما هناك امتحان التزام الاتفاق الذي وقعته «الجمهوريّة الإسلاميّة» مع المملكة العربية السعودية برعاية صينيّة في 11 مارس 2023.

التزمت إيران ما يناسبها من بنود الاتفاق. أوقفت الاعتداءات على الأراضي السعودية، وهي اعتداءات كان يشنها الحوثيون انطلاقاً من الأراضي اليمنية. في المقابل، لم توقف أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كما نصّ عليه الاتفاق.

الخوف كلّ الخوف من أن يكون الرئيس الإيراني الجديد أداة لتنفيس الاحتقان الداخلي الإيراني فيما ستبقى إيران أسيرة وهم القوة المهيمنة على المنطقة، وهو وهم لم يجلب، إلى الآن سوى الويلات!

*نقلاً عن "الراي"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان



GMT 03:48 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الإمبراطور مكبَّلاً

GMT 03:47 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أميركا والغرب ونقائض الخير والشر!

GMT 03:46 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

مصر وتركيا... وماء التفاؤل

GMT 03:45 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الجيش الإيراني... الحسابات والأخطاء التقديرية

GMT 03:44 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

GMT 03:44 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

إسرائيل الموسّعة ولبنان الضيّق

GMT 03:43 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تخشى الانتحار

GMT 03:43 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الحرب فى زمن الانتخابات!

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة - صوت الإمارات
دائما كان الحضور العربي قويا في فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي لعام 2024، حيث تألقت نجماتنا في مختلف الفعاليات وكانت الأناقة حليفتهن على السجادة الحمراء، حيث اخترن تصاميما راقية جسدت ذوقهن الرفيع في عالم الأزياء والموضة، وكانت من أبرز الأسامي الشهيرة الحاضرة في فعاليات مهرجان البندقية هذا العام كل من ريا أبي راشد، ونجود الرميحي، ولجين عضاضة، وديما الشيخلي وميساء مغربي وغيرهن. وريا أبي راشد أطلت بأناقتها المعتادة في حفل افتتاح الدورة الـ81 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي لعام 2024، حيث تألقت على السجادة الحمراء بفستان رقيق بلون كريمي ناعم حمل توقيع المصمم اللبناني المبدع جورج حبيقة، تميز بفتحة ياقة منحنية الحواف موصولة بعقدة جانبية مرصعة بالكريستال موصولة بكاب يلف العنق ثم يتدلى خلف الظهر بقصة طويلة تلامس السجاد�...المزيد

GMT 21:33 2014 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

إل جي تُعلن عن هاتف قابل للطي بنظام أندرويد

GMT 06:15 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مذيعة التلفزيون المصري عزة الحناوي تنضمّ لقناة "الشرق"

GMT 19:18 2013 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

إطلاق مقهى "ستاربكس Reserve" في الإمارات

GMT 18:48 2016 الأربعاء ,06 إبريل / نيسان

نائل العدوان يصدر "غواية"

GMT 14:20 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"أوليو" مطعم إيطالي جديد في "جميرا شاطئ المسيلة" الكويت

GMT 12:51 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم "ماكدونالدز" تنفي وجود إضرابات عمالية

GMT 01:54 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

معرض المأكولات السعودي يسجل صفقات بأكثر من 68 مليون دولار

GMT 16:37 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

صدور"سنوقد ما تبقى من قناديل" للكاتب عبد الغفور خوى

GMT 18:25 2013 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

مختبر السرديات يناقش "هالة النور" لمحمد العشري

GMT 23:54 2022 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

توقعات كارمن شماس لبرج الحوت عام 2023

GMT 07:20 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

استمتع بالطعام مجانًا في مطعم صيني إذا كنت وسيمًا

GMT 16:54 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

5 أماكن سياحية مصرية تمنحك متعة لا تُنسى في الطقس البارد

GMT 13:31 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

هوندا تُطلق سيارتها الكهربائية بشكل جديد هذا العام

GMT 19:08 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

تعرفي على طرق مختلفة لترتيب المطبخ الصغير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates