حكومة من كلّ واد عصا في اليمن

حكومة من كلّ واد عصا في اليمن

حكومة من كلّ واد عصا في اليمن

 صوت الإمارات -

حكومة من كلّ واد عصا في اليمن

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لا يمكن الّا الترحيب بتشكيل حكومة يمنية جديدة ادّت اليمين امام الرئيس الموقت عبد ربّه منصور هادي في العاصمة السعودية. جاء تشكيل حكومة جديدة برئاسة معين عبد الملك في سياق تنفيذ اتفاق الرياض الذي وقّع في الخامس من تشرين الثاني – نوفمبر 2019. حصل الى الآن تقدّم مشجّع في مجال التقيّد بالشق العسكري لاتفاق الرياض. المهمّ تحقيق تقدّم في الجانب السياسي من اجل الوصول الى صيغة تجعل اليمن جزءا لا يتجزّأ من امن شبه الجزيرة العربية ودولها، خصوصا المملكة العربيّة السعودية.

ثمّة خطى متسارعة في اتجاه تشكيل جبهة داخلية يمنية موحدة قادرة على مواجهة الظاهرة الحوثية، وهي ظاهرة مرتبطة بايران ووجودها في اليمن وبالمشروع التوسّعي لـ"الجمهورية الإسلامية" في المنطقة. يشمل هذا المشروع، في طبيعة الحال، استخدام اليمن من اجل الاعتداء على السعودية. وهذا ما يفعله الحوثيون (انصار الله) يوميّا مستفيدين الى حدّ كبير من سيطرتهم على صنعاء وجوارها والمناطق المحيطة بها ومن وجودهم في ميناء الحديدة، اكبر الموانئ اليمنية على البحر الأحمر وفي المدينة نفسها.

سيزداد الترحيب بالحكومة اليمنية الجديدة، خصوصا اذا استطاع اعضاؤها العودة الى عدن والبقاء فيها والعمل انطلاقا منها بذهنية جديدة تأخذ في الاعتبار ان اليمن الذي عرفناه لم يعد قائما وان هناك حقائق ووقائع على الأرض لا يمكن تجاهلها. حبّذا لو يعود ايضا عبد ربّه منصور، الرئيس الموقت منذ شباط - فبراير 2012، الى عاصمة الجنوب اليمني ويعمل من هناك في مجال الوقوف في وجه المشروع الحوثي. حبّذا أيضا لو يعرّج في طريق عودته الى محافظة ابين التي هو منها. سيرفع ذلك من دون شكّ من معنويات المواطن في الجنوب اليمني وسيعزّز مكانة الرئيس الموقت على صعيد اليمن كلّه. اكثر من ذلك، إنّ مثل هذه الخطوة ستؤكّد جدّية الحكومة الجديدة في جعل الامن يستتب في عدن وتحويلها الى مدينة قابلة للحياة، كما كانت في الماضي، بدل ان تكون مكانا تعمّه الفوضى والتخلّف وساحة لصراعات بين "الشرعية" من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى.

ثمّة سؤال سيفرض نفسه عاجلا ام آجلا. يتعلّق هذا السؤال بقدرة الحكومة الجديدة على الانتقال الى مرحلة تستعيد فيها ارضا من الحوثيين وتشدّد الحصار عليهم وعلى المناطق التي يسيطرون عليها. ليس ما يشير، اقلّه الى الآن، ان هناك قدرة لدى "الشرعية" على عمل ذلك او على تفادي ارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبتها في الماضي عندما كان عبد ربّه منصور هادي لا يزال في صنعاء وكان يعتقد ان في استطاعته لعب الدور الذي كان يلعبه سلفه علي عبدالله صالح، اوّل رئيس لليمن الموحّد وآخر رئيس له.

يُفترض في الرئيس اليمني الموقت التعوّد على لعب دور مختلف يأخذ في الاعتبار ان رهاناته منذ العام 2012 لم تخدم اليمن. كلّ ما قام به صبّ في مصلحة الحوثيين الذين استخدموه في مرحلة معيّنة ثم وضعوه في الإقامة الجبرية بعد وضع يدهم على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. وقتذاك، وقّع الحوثيون معه اتفاقا سمّي "اتفاق السلم والشراكة" باركته الأمم المتحدة. للتذكير فقط، حضر الاحتفال بتوقيع الاتفاق في صنعاء جمال بن بنعمر الذي كان يشغل موقع ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية في اليمن. مباشرة بعد الاحتفال، اجبر الحوثيون الرئيس الموقت، الذي صرف كلّ وقته على تصفية حساباته مع علي عبدالله صالح وتفكيك القوات المسلّحة وتحييدها، على تقديم استقالته ووضعوه في الإقامة الجبرية. وُجد وقتذاك من يخرج عبد ربّه من صنعاء ويتولّى نقله الى عدن التي لم يبق فيها طويلا بعدما اعتقد انّه سيعود الى ممارسة دوره بالطريقة نفسها التي اعتمدها بعد توليه موقع الرئاسة وان لفترة موقتة لا تزيد على سنتين.

نسي عبد ربّه، بين اهمّ ما نساه، من حرّر عدن من الحوثيين ونسي ظروف المدينة وظروف الجنوب كلّه. نسي حتّى انّه لا يستطيع العودة الى مسقط رأسه في ابين!

يظلّ مصدر الخوف غياب أي رؤية استراتيجية لدى الحكومة الجديدة، او على الاصحّ غياب من يضع لها مثل هذه الرؤية الاستراتيجية، التي تحتاج اوّل ما تحتاج، الى ضبط الوضع في مدينة عدن ومحيطها. تفرض مثل هذه الضرورة مقاربة جديدة للوضع اليمني انطلاقا من التساؤل: حكومة من اجل ماذا؟ معنى ذلك وضع "الشرعية" التي تعتقد انّها جدّدت نفسها امام اختبار في غاية البساطة يكشف مدى جدّيتها من جهة وقدرتها على التعلّم من تجارب الماضي من جهة أخرى. لعلّ السؤال الاوّل الذي سيفرض نفسه في هذا الاختبار، هل لدى "الشرعية" القدرة على تشكيل قوات مسلّحة فعّالة قادرة على خوض معارك مع الحوثيين وتحقيق انتصارات فيها؟

بعض الصراحة يبدو اكثر من ضروري بين حين وآخر. اذا نظرنا الى تجارب الماضي القريب والى الظروف التي رافقت تحرير عدن واستعادة ميناء المخا من الحوثيين والتقدّم في اتجاه الحديدة، من المستبعد تحقيق أي خطوة ذات طابع إيجابي في ظلّ "الشرعية" القائمة. ثمّة حاجة الى عقل سياسي وآخر عسكري لا تمتلكه "الشرعية". من سيكون صاحب الامر في نهاية المطاف، عندما ستنتقل الحكومة الى عدن؟ من سيضمن تفكيك الحلف غير المعلن القائم بين الحوثيين من جهة والاخوان المسلمين الممثلين في الحكومة بعدد لا بأس به من الوزراء من جهة أخرى؟

يمكن بالطبع الكلام عن مرحلة جديدة دخلها اليمن. عاجلا ام آجلا، سيتبيّن ما اذا كانت الحكومة الجديدة تعني شيئا، بما في ذلك انّ شيئا ما تغيّر بالفعل في اليمن. الامل الوحيد في ان يكون هناك من يوجّه هذه الحكومة ويفرض عليها ضوابط معيّنة، خصوصا ان ليس فيها من يمكن الاعتماد عليه لتشكيل فريق عمل فعّال في أي مجال من المجالات. لا في الامن ولا في السياسة ولا في الاقتصاد.

من سيملأ هذا الفراغ اليمني الذي ترمز اليه حكومة من كلّ واد عصا. اذا وجد من يستطيع ملء الفراغ، سيكون في الإمكان عندئذ الكلام عن تطور إيجابي في اليمن، وهو تطور يحصل منذ سنوات عدّة، أي منذ اخراج الحوثيين من مواقع كانوا فيها... في مقدّمها عدن نفسها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة من كلّ واد عصا في اليمن حكومة من كلّ واد عصا في اليمن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates