هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل

هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل؟

هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل؟

 صوت الإمارات -

هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل

بقلم: خير الله خير الله

 

دخول الحرب ليس مثل الخروج منها. ينطبق ذلك على إسرائيل وعلى “حماس” و”الحزب” في الوقت ذاته. بعد دخول حرب غزّة شهرها العاشر، لم تعد موازين القوى تسمح للحزب، ومن خلفه “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران، بتحديد قواعد اللعبة مع إسرائيل ووضع حدود لما يمكن للدولة العبرية أن تفعله ولما لا يمكن أن تفعله. بمجرّد فتح جبهة جنوب لبنان في الثامن من تشرين الأوّل الماضي، تغيّرت قواعد اللعبة والقواعد التي بقيت معمولاً بها طوال سنوات في الجنوب بتوافق بين الجانبين.

بسبب صواريخ الحزب ومسيّراته وأسلحته الأخرى المختلفة، يوجد ما يزيد على 60 ألف إسرائيلي لا يستطيعون العودة إلى المستوطنات التي يقيمون فيها في المناطق المحاذية للحدود مع لبنان. هذا يعني، بكلّ بساطة، نسفاً للأسس التي قام عليها الكيان الإسرائيلي بصفة كونه “ملجأ ليهود العالم”. عندما لا يستطيع هؤلاء النازحون الإسرائيليون العودة إلى بيوتهم، ستُطرح على الصعيد الإسرائيلي كلّه المسألتان التاليتان: ألا يزال الكيان مكاناً آمناً ليهود العالم الراغبين في العيش فيه أم لا؟ هل مسموح، بالمفاهيم الدوليّة، أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل؟

من هذا المنطلق، لا يمكن الاستخفاف بما فعله “الحزب” عندما حملته إيران على اتّخاذ قرار بفتح جبهة جنوب لبنان تحت لافتة “مساندة غزّة”. لم تستفِد غزّة من فتح جبهة الجنوب اللبناني، بدليل ما حلّ بالقطاع وأهله. ترافق ذلك مع نسف للقواعد التي كانت معمولاً بها مع لبنان بعدما وجدت إسرائيل نفسها مهدّدة في الصميم. باتت إسرائيل مهدّدة في الأسس التي قامت عليها والتي تشكّل علّة وجودها.

تكمن مأساة لبنان في الوقت الحاضر في أنّ إسرائيل، حيث ربط بنيامين نتنياهو مستقبله السياسي باستمرار حرب غزّة، فرضت قواعد جديدة في تعاطيها مع لبنان. تقوم هذه القواعد على شنّ حرب استنزاف أدّت إلى تدمير قرى لبنانية بكاملها وتهجير نحو مئة ألف لبناني من هذه القرى. من يتحمّل مسؤوليّة هذه المأساة التي جعلت قسماً كبيراً من اللبنانيين، بل أكثرية هؤلاء، ترفض التعاطف مع الحرب التي يشنّها الحزب وتردّ عليها بتمسّك لا حدود له بثقافة الحياة؟ لا يرى اللبنانيون، في معظمهم، أنّ الحرب التي يخوضها الحزب حربهم بمقدار ما أنّها حرب فرضتها إيران على لبنان في سياق حسابات وأهداف خاصة بها.

حماس والقضاء على نظريّة الرّدع الإسرائيليّة

لا مفرّ من الاعتراف بأنّ “حماس”، بشنّها هجوم “طوفان الأقصى”، قضت على نظرية الردع الإسرائيلية. لم تعد هذه النظريّة موجودة. ليس من إسرائيليّ مستعدّاً بعد الآن للعيش في مستوطنات غلاف غزّة، وكذلك لا يوجد إسرائيلي على استعداد للعيش في مستوطنات قريبة من الحدود غير المرسّمة رسمياً مع لبنان. يطرح ذلك في طبيعة الحال وجود أزمة وجودية تعاني منها إسرائيل. يفسّر وجود هذه الأزمة، ذات الطابع الوجودي، تلك الوحشية التي تلجأ إليها الدولة العبريّة في تعاطيها مع غزّة، وهي وحشية خارجة عن كلّ ما له علاقة بالمنطق والشعور الإنساني والقانون الدولي. في غياب القدرة على القضاء نهائياً على “حماس”، اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو القضاء على غزّة وإزالتها من الوجود وتهجير أهلها. في غياب القدرة على شنّ حرب شاملة على لبنان، تلجأ الدولة العبريّة، في أيّامنا هذه، إلى مقاربة مختلفة تقوم على استنزافه.

الربط بين لبنان وغزّة وعجز الحزب

مثلما ليس في استطاعة “الحزب” التحكّم بقواعد اللعبة العسكرية أو قواعد الاشتباك في جنوب لبنان، يبدو واضحاً أنّه لن يستطيع الربط بين حرب لبنان وحرب غزّة على طريقته. لم تسمح موازين القوى لـ”حماس” بالتمسّك بشروطها في المفاوضات غير المباشرة الدائرة بينها وبين إسرائيل. اضطرّت الحركة أخيراً إلى تقديم تنازلين في غاية الأهمّية. يتعلّق التنازل الأوّل بوقف “دائم” لإطلاق النار والآخر بالانسحاب الإسرائيلي “الكامل” من غزّة. ثمّة صيغة أخرى باتت مطروحة تشمل إطلاق رهائن إسرائيليين في مقابل إطلاق سجناء فلسطينيين. يُبحث في هذه الصيغة بمشاركة أميركيّة حالياً، وذلك من دون تعهّد إسرائيلي بوقف “دائم” لإطلاق النار وانسحاب “كامل” من غزّة.

لا شكّ أنّ “حماس” وجّهت ضربة قويّة لإسرائيل وزعزعت أسس وجودها وقضت على قوّة الردع التي كانت تتباهى بها وأثبتت أنّ جيشها ليس ذلك الجيش الذي لا يقهر. لكنّ ما لا مفرّ من الاعتراف به أيضاً أنّ العالم يقف موقف المتفرّج على المجزرة التي تتعرّض لها غزّة وعملية التدمير الممنهجة لمناطق في جنوب لبنان. يحصل ذلك في وقت لم يعد في استطاعة الإدارة الأميركيّة، التي على رأسها جو بايدن، ممارسة ضغوط على “بيبي” نتنياهو الذي سيذهب قريباً إلى واشنطن لتأكيد استمرار الدعم الأميركي للحرب التي يشنّها، علماً أن لا أفق سياسياً لهذه الحرب. في غياب التفكير في كيفية الانتقال إلى السياسة عبر مشروع يأخذ في الاعتبار أن ليس في الإمكان القضاء على الشعب الفلسطيني وتصفية القضيّة.

يعيش لبنان على وقع حرب لا طائل منها مع سؤال في غاية الأهمّية: متى تنتقل إسرائيل من حرب الاستنزاف إلى حرب من نوع آخر على بلد يشبه وضعه الوضع الإسرائيلي؟ لا وجود في الدولة العبريّة لمشروع سياسي قابل للحياة في مرحلة ما بعد حرب غزّة ولا وجود في لبنان لمن يفكّر جدّيّاً، بل ممنوع في لبنان، بقوّة السلاح، التفكير الجدّي في توفير الشروط التي تحول دون أن يكون البلد ضحيّة أخرى لحرب غزّة وللجنون الإسرائيلي.

*نقلاً عن "أساس ميديا"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل هل مسموح أن يهدّد لبنان وجود إسرائيل



GMT 01:25 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الساحة عربية... والميدان غريب

GMT 01:25 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مصباح الرياض والقاهرة

GMT 01:24 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مؤامرة التغيير الديموغرافي في السودان

GMT 01:24 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 01:23 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب ضد «حزب الله» تستهدف نفوذ إيران في لبنان

GMT 01:22 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 01:22 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

“التوجيهي المصري” آخر اختراعات البزنس الأردني

GMT 01:21 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

أدوية غيّرت تاريخ الطب

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة - صوت الإمارات
ننتظر إطلالات النجمات الأسبوعية للإستلهام منهن أجدد صيحات الموضة الرائجة، خاصة في المناسبات. فالنجمات تحبذن اختيار اجدد التصاميم الرائجة من أشهر العلامات التجارية والمصممين العرب والعالميين. وفي جولتنا لهذا الأسبوع، رصدنا لكم العديد من الإطلالات التي لفتتنا، بين النقشة البرية التي راجت جدا لهذا الموسم الى جانب الفساتين المرصعة بحبات الترتر اللامعة، فدعونا نلقي نظرة على إطلالاتهن لتستلهموا منهن. إطلالة الفنانة وعد بفستان سهرة مطبع بالورود النجمة السعودية وعد أبهرتنا بأحدث اطلالاتها في حفل غنائي لها خلال إحيائها حفلة لأحد الأعراس، مرتدية فستاناً أنيقاً وفخماً مرصعاً بحبات الترتر اللامعة. تألف الفستان من قطعتين، القطعة الأولى جاءت على شكل تصميم حورية البحر مع الفتحة العميقة عند الصدر المغطاة بقطعة قماش من الشيفون، وال...المزيد

GMT 15:22 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإمارات تدين هجوم ميليشيات الحوثي على مسجد في مأرب

GMT 19:28 2019 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صراع مستمر بين الأمير هاري وميغان ماركل والصحافة البريطانية

GMT 21:18 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نقل المخرج علي عبدالخالق إلى المستشفى بعد إصابته بنزيف

GMT 03:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

نصائح مُهمة لاختيار ألوان غرف نوم الكبار والصغار

GMT 07:20 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الشيخة فاطمة تستقبل المهنئات بعيد الفطر

GMT 04:40 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

سودانيون يعترضون طائرة سعودية في مطار الخرطوم

GMT 15:45 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

بابا الفاتيكان يُطلق تطبيقًا رقميًا للصلاة معه

GMT 07:54 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

شيرين عبد الوهاب تروج لحفلها في الكويت عبر "إنستغرام"

GMT 18:33 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

الدبعي يوضح أسباب إنشاء معهده لتعليم الموسيقى

GMT 00:11 2018 الثلاثاء ,21 آب / أغسطس

الكاتب الأردني نزار عيسى يبدع في "دماء جافه"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates