إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة

إسبانيا والمغرب... والبوابة الصحيحة

إسبانيا والمغرب... والبوابة الصحيحة

 صوت الإمارات -

إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة

بقلم - خيرالله خيرالله

مرّة أخرى يعود إلى المغرب، رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز، الذي ساهم في وضع الحجر الأساس لعلاقة من نوع مختلف بين البلدين. في أساس هذه العلاقة الجديدة المتطورة، التي تستهدف خدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، الموقف الذي عبّر عنه سانشيز لدى زيارته الرباط في أبريل 2022 وعقده لقاء مع الملك محمّد السادس.

يقوم هذا الموقف على «اعتبار المبادرة المغربيّة للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدّية وواقعيّة ومصداقيّة من أجل تسوية الخلاف» المرتبط بالصحراء.

جدّد رئيس الوزراء لدى مقابلته الملك محمّد السادس في الرباط، قبل أيّام قليلة، التزام إسبانيا الموقف الواضح من قضيّة الصحراء التي هي، في الأصل، خلاف مفتعل تقف وراءه الجزائر منذ العام 1975 عندما انسحبت إسبانيا من الصحراء. عادت الأرض إلى أصحابها، أي إلى المغرب بفضل «المسيرة الخضراء» التي عبّرت بشكل سلمي وحضاري عن عمق المشاعر الشعبيّة المغربيّة تجاه الأقاليم الصحراويّة وما تمثله بالنسبة إلى المملكة.

عرف سانشيز كيف الدخول إلى المغرب من البوابة الصحيحة. عرف ذلك من خلال إدراكه أنّ الصحراء قضية وطنيّة مغربيّة وأن العلاقة تمر من هذه البوابة. المغرب لا يتحدث بلغتين مختلفتين. على العكس من ذلك، يميّز الوضوح السياسة عموماً، كما حددها الملك محمّد السادس الذي وضع نفسه في خدمة المواطن المغربي وخدمة الوحدة الترابيّة للمملكة.

يشير كلّ ما قام به رئيس الوزراء إلى وجود عقل عصري في إسبانيا يلتقي مع عقل عصري آخر في المغرب. يسمح مثل هذا العقل بتطوير العلاقة بين البلدين الجارين واستفادة كلّ منهما من الآخر بعيداً عن الشعارات الفارغة والعقد.

يؤكد ذلك تنظيم المغرب مع إسبانيا والبرتغال لكأس العالم لكرة القدم في السنة 2030. ما كان ذلك ممكناً لولا وجود هذا العقل العصري الذي يربط بين المغرب من جهة، وإسبانيا والبرتغال من جهة أخرى في ظلّ رغبة مشتركة في الانطلاق بالعلاقات في اتجاه آفاق جديدة.

لم يعد سرّاً أنّ إسبانيا تجاوزت كل الضغوط التي سعى البعض إلى وضعها من أجل تعطيل أي تقدم في مجال تطوير العلاقات بين مدريد والرباط. لم تنفع الضغوط التي مورست على إسبانيا.

يضاف إلى ذلك، في طبيعة الحال، أنّ الرهان على المغرب رهان في محلّه، لا لشيء سوى بسبب وجود بعدين آخرين للعلاقة المغربيّة – الإسبانيّة.

يتمثل البعد الأوّل في تحول المغرب إلى جسر لأوروبا إلى أفريقيا. فيما يتمثّل البعد الآخر في الأفق الأطلسي للعلاقة مع المغرب الذي استطاع إيلاء الاهتمام الكافي بواجهته الأطلسيّة.

يفسّر ذلك ما ورد في البيان الصادر عن الديوان الملكي بعد استقبال محمّد السادس لرئيس الوزراء الإسباني.

ورد في البيان تأكيد اهتمام إسبانيا بـ«المبادرات الإستراتيجيّة التي أطلقها جلالة الملك محمّد السادس، خصوصاً مبادرة البلدان الأفريقيّة المطلّة على المحيط الأطلسي والمبادرة الملكيّة لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، كذلك أنبوب الغاز الأفريقي» الذي يربط بين نيجيريا والمغرب.

كان رهان إسبانيا على المغرب في محلّه. يعود ذلك إلى معرفة إسبانيا بوجود بوابة الصحراء التي ينظر من خلالها هذا البلد إلى علاقاته بالدول الأخرى. يفعل ذلك من منطلق أنّ ليس ما يعلو على الحقّ، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع سياسة تتحلّى بالواقعية وبعد النظر في آن.

نجحت إسبانيا حيث فشلت فرنسا التي كان في استطاعتها الرهان على المغرب كي تبقى موجودة في القارة الأفريقيّة بدل أن تصبح ذات وجود غير مرغوب به في دول عدّة، خصوصاً مالي وبوركينا فاسو والنيجر وأفريقيا الوسطى.

تكمن مشكلة فرنسا، خصوصاً في عهد إيمانويل ماكرون في رفضها التعاطي مع الواقع المتمثل في الاختراق الأفريقي الذي حقّقه المغرب بفضل السياسة التي اتبعها محمد السادس، وهي سياسة قائمة على احترام خصوصيّة كلّ دولة أفريقية وعلى إقامة علاقات تستند إلى المصالح المشتركة.

الأكيد أن المغرب لا يمتلك إمكانات ماليّة كبيرة، لكنّ الأكيد أيضاً أنّه يعرف كيف يستخدم إمكاناته المتواضعة ووضعها في خدمة هذه الدولة الأفريقيّة أو تلك، في مجال الاستشفاء مع ما يعنيه ذلك من بناء مستشفيات، مثلاً، أو نشر الإسلام والاعتدال ومواجهة كلّ أنواع التطرّف.

فوق ذلك كلّّه، يستخدم المغرب ما لديه من ثروات طبيعيّة مثل الفوسفات كي تكون في أفريقيا مصانع تنتج أسمدة كيمياوية. هل يوجد أهمّ من مساعدة دول القارة السمراء في المجال الزراعي في أيامنا هذه بدل بيعها الأوهام والشعارات؟

تتطور العلاقات بشكل طبيعي. إنها علاقات يستفيد منها البلدان والشعبان. يظلّ أهم ما في تطور هذه العلاقات أنّها مبنيّة على أسس متينة من جهة وعلى وجود واقع لا يمكن تجاوزه من جهة أخرى. إنّه واقع مرتبط قبل كلّ شيء بالتطور الذي شهده المغرب في ربع قرن إن على صعيد تطوير بنيته التحتية التي تشبه كلّ يوم أكثر البنية التحتية لدولة أوروبية... أو على صعيد تأكيد مغربيّة الصحراء أميركياً وأوروبياً وعربياً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة إسبانيا والمغرب والبوابة الصحيحة



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates