إدارة ترامب التي كشفت ايران

إدارة ترامب التي كشفت ايران

إدارة ترامب التي كشفت ايران

 صوت الإمارات -

إدارة ترامب التي كشفت ايران

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

مع رحيل دونالد ترامب عن البيت الأبيض، يتبيّن حجم الانكشاف الإيراني على غير صعيد. من يكون قويّا بالفعل لا يجرّب صواريخه وطائرات من دون طيّار كي يظهر للعالم انّه يمتلك عضلات من نوع آخر وتكنولوجيا عسكرية متطورة تضاهي التكنولوجيا الأميركية.

القويّ بالفعل يمتلك نموذجا يصدّره الى محيطه غير الميليشيات المذهبية. الأهم من ذاك كلّه، القويّ بالفعل يتذكّر مصير الاتحاد السوفياتي ولماذا حصل الانهيار الكبير في الاتحاد السوفياتي الذي كان قوّة عظمى حقيقية. لم تنفع كل الصواريخ البعيدة المدى والقصيرة المدى والمتوسّطة المدى في منع انهيار الاتحاد السوفياتي. لا يمكن التحوّل الى قوّة عسكرية ترعب المنطقة من دون اقتصاد قويّ قابل للحياة ومن دون شعب لا يكون نصفه تحت خطّ الفقر.

بغض النظر عن الهفوات والحماقات التي ارتكبها دونالد ترامب في الأسابيع الأخيرة من ولايته، لا يمكن تجاهل انّ ادارته امتلكت سياسة خارجية، اقل ما يمكن ان توصف به انّها كانت استثنائية. الأكيد انّ ليس ترامب نفسه من وضع هذه السياسة التي ستجد إدارة جو بايدن نفسها مضطرّة الى المحافظة على جانب منها، خصوصا في ما يتعلّق بايران.

ليست المناورات العسكرية الإيرانية الحالية سوى دليل ضعف وليس دليل قوّة. لن تجبر مثل هذه المناورات ولا زيادة تخصيب اليورانيوم الإدارة الأميركية الجديدة على الاستسلام امام ايران. لن تعود هذه الإدارة، على الرغم من تطلعها الى ذلك، الى الاتفاق النووي، الذي مزّقه دونالد ترامب في العام 2018، من دون ترافق هذه العودة مع شروط معيّنة. ثمّة معطيات جديدة في المنطقة تغيّرت كلّيا. ما كان سائدا في الأعوام التي سبقت توقيع الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني في العام 2015، لم يعد قائما حاليا، بما في ذلك قدرة ايران على تصدير نفطها بسعر مرتفع وتحويلها العراق الى بقرة حلوب في ظلّ وجود، رجلها، اي نوري المالكي في موقع رئيس الوزراء.

تستخدم ايران حاليا أساليب قديمة في تعاطيها مع معطيات جديدة. تكمن اهمّية إدارة ترامب، او على الاصحّ اهمّية الذين رسموا للرئيس الأميركي المنتهية ولايته سياسته الخارجية، في انّهم يعرفون ايران جيّدا. من هذا المنطلق، كانت العقوبات التي اثرت في قدرة "الجمهورية الإسلامية" على تصدير نفطها. اكثر من ذلك، لم يعد لدى ايران ما تستفيد منه في العراق حيث توقف تدفّق المليارات من عائدات النفط. لم يعد العراق، كما كانت تشتهي ايران. هناك عودة الى الروح الوطنية العراقية وإن نسبيا، حتّى لدى الشيعة العراقيين العرب الذين باتوا يرفضون الهيمنة الإيرانية ومحاولة نقل التجربة الخمينية الى بلدهم عن طريق "الحشد الشعبي".

لا تزال ايران تعتقد انّ في استطاعتها، على غرار ما حصل في عهد باراك أوباما، استخدام العراق ورقة ضغط على الاميركيين. هناك عوامل عدّة تجعل ذلك مستحيلا الآن. من بين هذه العوامل تصفية إدارة ترامب لقاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" بعيد مغادرته مطار بغداد في الثالث من كانون الثاني – يناير 2020. لم تتمكن ايران من الرد على الاغتيال الذي شمل أيضا نائب رئيس "الحشد الشعبي" العراقي أبو مهدي المهندس. ليس احياء ذكرى سليماني في بيروت وبغداد وصنعاء سوى ردّ يلجأ اليه الضعفاء الذين يعتمدون الخطب الرنانة لتغطية عجزهم.

مع غياب قاسم سليماني، غاب الصوت الإيراني في العراق، بل غاب الفعل الايراني. لم يعد سرّا ان ايران لم تعد قادرة على استخدام العراق، كما في الماضي، من اجل ابتزاز الولايات المتحدة. لا شكّ ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهو ليس معاديا لـ"الجمهورية الاسلاميّة"، يعرف جيدا ان ايران 2021 ليست ايران 2010- 2014 وانّ كلّ ما تمارسه حاليا هو محاولة هرب الى امام بدل مواجهة الواقع. هذا الواقع المتمثل في العودة الى ان تكون دولة طبيعية عليها الاهتمام بشعبها قبل اهتمامها بالصواريخ والسلاح النووي والاستثمار في الميليشيات المذهبية.

تغيّرت المنطقة كلّيا، بما في ذلك ايران. من كان يتصوّر ان دولا مثل الامارات العربية المتّحدة والبحرين ستقدم على خطوات جريئة في مجال العلاقات مع إسرائيل في ظلّ المعطيات الإقليمية الجديدة التي تتميّز بعدوانية لا حدود لها تمارسها ايران وتركيا في الإقليم كلّه وما هو ابعد منه.

تغيّرت ايران من داخل نحو الأسوأ، خصوصا بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب. لن يكون امام إدارة بايدن سوى الاعتراف بذلك والتعاطي مع ايران من منطلق مختلف يأخذ في الاعتبار صواريخ ايران وسلوكها في المنطقة. تحتاج ايران، التي تسعى الى اظهار مدى نفوذها في العراق، الى وقفة مع الذات من جهة واستيعاب ان الصواريخ والطائرات من دون طيّار وميليشيات الحوثي في اليمن (انصار الله) لا تطعم الإيرانيين خبزا. هل هناك في "الجمهورية الاسلاميّة" من يتجرّأ على القيام بعملية نقد للذات ومراجعة للمرحلة السابقة، أي للسنوات الممتدة منذ نجاح الثورة على الشاه وقيام نظام جديد قائم على نظرية "الوليّ الفقيه" في 1979؟

ما تبيّن مع مرور الوقت أنّ ليس لدى هذا النظام ما يقدّمه للايرانيين انفسهم، خصوصا انّه يعتمد على النفط والغاز اكثر بكثير مما كانت عليه الحال في عهد الشاه. فكيف يتوقّع منه تقديم شيء للعراقيين والسورين واللبنانيين واليمنيين؟ لم يعد العراق ورقة إيرانية، خصوصا انّه لم يعد هناك في طهران من يتقن لعبة السيطرة على العراق كما كان يفعل قاسم سليماني الذي كان بالفعل الرجل الثاني بعد "المرشد" علي خامنئي. كان سليماني شخصا غير عادي لجهة ادارته للمشروع التوسّعي الإيراني وادواته المختلفة في منطقة تمتد من أفغانستان الى اليمن. هل في طهران من يقتنع أخيرا بانّ الوسائل التي استخدمت في الماضي صارت من الماضي؟

ثمة حاجة الى شجاعة بالفعل للاعتراف بانّ ما قامت به إدارة ترامب لم يكن حدثا عابرا. صحيح انّ هذه الإدارة لم تعمّر سوى اربع سنوات، لكنّ الصحيح أيضا انّها كانت اربع سنوات مهمّة ومفصلية، خصوصا في ما يخصّ ايران ودورها في المنطقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة ترامب التي كشفت ايران إدارة ترامب التي كشفت ايران



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates