حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

 صوت الإمارات -

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة

بقلم - خيرالله خيرالله

طبيعي أن تتشكل حكومة فلسطينية جديدة، خلفاً لحكومة محمّد إشتيّة الذي لعب من دون شكّ دوراً مهمّاً في مرحلة ما بعد اندلاع حرب غزّة، خصوصاً لجهة السعي إلى تفادي توسّع هذه الحرب. كانت إسرائيل تريد أن تشمل الحرب الضفّة الغربيّة. هذا أمر مازالت تطمح إليه.

تعني الحكومة الجديدة، بين ما تعنيه، وضع رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة محمود عبّاس (أبو مازن) على الرفّ. توجد حاجة إلى دم فلسطيني جديد وإلى تغيير في الذهنيّة، قبل أي شيء آخر. تبدو الحاجة إلى قيادة فلسطينيّة مختلفة بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة التي تمرّ فيها القضية الفلسطينية من جهة ومع التطورات الإقليميّة المتسارعة من جهة أخرى. باختصار شديد، ثمّة حاجة إلى نوع جديد من الوزراء يعرفون العالم ويعرفون كيف تعمل المؤسسات الدولية فيه. الحاجة إلى حكومة تعرف موازين القوى الإقليميّة والدوليّة بعيداً عن الأفكار البالية التي أضاعت غزّة ووفرت غطاء لتدميرها بدل أن تكون نواة لدولة فلسطينية قابلة للحياة تستطيع العيش بسلام مع جيرانها.

يمكن تلخيص المرحلة الجديدة التي تمرّ فيها القضيّة الفلسطينيّة في سلسلة من التغييرات حصلت على الأرض منذ السابع من أكتوبر الماضي عندما قرّرت حركة «حماس»، أو على الأصحّ، قيادتها الداخلية، شن هجوم «طوفان الأقصى». كان هجوماً من دون أفق سياسي وضع «حماس» على الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط، أقلّه موقتاً. في النهاية، لا يمكن بأي شكل الاستخفاف بالنتائج التي ترتبت على «طوفان الأقصى» الذي هزّ إسرائيل وزعزع ثقة الإسرائيليين بجيشهم الذي كان إلى مرحلة قريبة الجيش الذي لا يقهر. في الواقع، تغيّر الكثير في إسرائيل التي صارت دولة أكثر عدوانيّة من أي وقت بعدما اختزل رئيس الوزراء فيها بنيامين نتنياهو خياراته بالاستمرار في الحرب بهدف القضاء على «حماس». لن يتمكن «بيبي» من القضاء على «حماس». لذلك سيكون عليه القضاء على غزّة وتحويلها إلى أرض طاردة لأهلها الذين يبلغ عددهم نحو مليونين وثلاثمئة ألف شخص يقيمون في نحو 365 كيلومتراً مربّعاً!

تغيّرت إسرائيل كلّياً، بوجود «بيبي» على رأس الحكومة راهناً وفي غيابه المتوقع مستقبلاً. سيحاسب الإسرائيليون رئيس وزرائهم في المستقبل القريب. لكن الفلسطينيين، بفرضهم تشكيل حكومة جديدة تضمّ شخصيات تتمتع بكفاءة عاليّة، أخذوا المبادرة قبل غيرهم. سبقوا الآخرين في استشفاف التغييرات العميقة التي تبدو المنطقة مقبلة عليها. تحتاج مثل هذه التغييرات إلى شخصيات من مستوى مختلف تتعاطى مع الولايات المتحدة بذهنيّة عصرية كما تتعاطى مع أوروبا ومع الدول العربيّة الأخرى، خصوصاً دول الخليج العربي، بلغة الأرقام وبشفافيّة.

تشير الحكومة الجديدة إلى استعداد الفلسطينيين لتحمّل مسؤولياتهم بعدما أضاعت إسرائيل البوصلة السياسيّة وبات فيها من يعتقد أنّ «طوفان الأقصى» فرصة لتصفية القضية الفلسطينيّة عن بكرة أبيها. مثل هذا الأمر مستحيل لسبب في غاية البساطة. يعود هذا السبب إلى وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين.

عاجلاً أم آجلاً، سيتبيّن أمران. أولهما أن لا مستقبل سياسياً لـ«حماس» على الرغم من أنّها استطاعت إلغاء السلطة الفلسطينيّة والحلول مكانها. العالم يفاوض «حماس» حالياً، ولا يفاوض السلطة الوطنيّة في رام الله. لكنّ السؤال ما الذي تريده «حماس» غير العودة إلى حكم غزّة؟ يستأهل أهل غزّة أفضل مما أقيم على أنقاض حركة «فتح» ورموز السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي دخلت مرحلة من الضياع في غياب ياسر عرفات.

الأمر الآخر الذي سيظهر إلى العلن يتمثّل في الحاجة إلى تغيير كبير وجذري داخل إسرائيل نفسها. بعد «طوفان الأقصى»، لم يبق شيء من إسرائيل غير الرغبة في الانتقام واستعادة قوّة الردع. لن يكون ذلك ممكناً من دون التخلص من بنيامين نتنياهو ومن رموز اليمين العنصري من أمثال إيتمار بن غفير وبتسئيل سموتريتش. سيحدث ذلك قريباً، لا لشيء سوى لأن لا مستقبل سياسياً لإسرائيل من دون مشروع سياسي قابل للحياة يأخذ في الاعتبار المعطيات الدولية والإقليمية والداخليّة، خصوصاً أن الشعب الفلسطيني موجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة ولا يمكن تجاهله أو تجاوزه.

كان مهماً إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في هذه المرحلة بالذات وبعد استبعاد «أبو مازن» الكفاءات الفلسطينية لأسباب لا تخفى على أحد قاطعاً الطريق في الوقت ذاته على أي انتخابات فلسطينيّة. فعل ذلك من منطلق أنّه يريد الانضمام إلى نادي الرؤساء إلى مدى الحياة... حتّى لو كان ذلك على حساب الحياة السياسية الفلسطينيّة التي ألغاها من الوجود. ألغى الحياة السياسيّة عندما أزاح عن السلطة أي شخصية فلسطينية ذات وزن أو معنى أو ذات علاقات عربيّة أو دوليّة.

من الآن إلى أن تنتهي حرب غزّة، ستحصل تطورات كثيرة على الأرجح. من بين هذه التطورات احتمال توسع الحرب إلى لبنان. سيترافق ذلك مع سعي دولي إلى وضع حدّ لما يقوم به الحوثيون في اليمن، بناء على طلب إيراني، من أجل تعطيل الملاحة في البحر الأحمر والحاق ضرر كبير بمصر. يحصل ذلك عن طريق خفض عائدات مصر من حركة المرور في قناة السويس...

أيّا تكن طبيعة التطورات التي تبدو المنطقة مقبلة عليها، أعد الفلسطينيون، في حال نجاحهم في تشكيل حكومة جديدة تضمّ شخصيات ذات قدر، لمرحلة ما بعد حرب غزّة ومآسيها التي تسببت بها الوحشية الإسرائيليّة التي لا حدود لها. إنّها مرحلة جديدة لا مكان فيها لبنيامين نتنياهو ولا لـ«حماس» التي تستطيع التمسك بورقة الرهائن الإسرائيليين إلى ما لا نهاية ولكن من دون نتيجة تذكر على أرض الواقع. كذلك، لا مكان للسلطة الوطنيّة بشكلها الحالي ولا لحال العقم الذي تتميّز بها...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة حكومة فلسطينيّة لمرحلة ما بعد حرب غزّة



GMT 06:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 06:12 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:08 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates