بشّار في حلب رسالة روسيّة إلى تركيا

بشّار في حلب... رسالة روسيّة إلى تركيا

بشّار في حلب... رسالة روسيّة إلى تركيا

 صوت الإمارات -

بشّار في حلب رسالة روسيّة إلى تركيا

بقلم - خيرالله خيرالله

عندما يسمح الجانب الروسي لرئيس النظام السوري بشّار الأسد بالقيام بجولة في مدينة حلب، كما حصل قبل أيّام قليلة، فإن ذلك دليل واضح على تدهور في العلاقات الروسيّة - التركيّة بعد شهر عسل استمرّ طويلاً.

كان أهل حلب والثائرون على النظام الأقلّوي السوري، في طليعة من دفع ثمن شهر العسل ذلك بعدما وجد رجب طيّب أردوغان في مرحلة معيّنة مصلحة في تفاهم مع فلاديمير بوتين بهدف ابتزاز الغرب، أي الولايات المتحدة والدول الأوروبيّة.

في أواخر العام 2016، استطاع النظام السوري والميليشيات الإيرانية المساندة له، بدعم روسي مكشوف استخدم فيه سلاح الجو بطريقة وحشية، من دخول حلب والسيطرة على المدينة.

كان ذلك بموجب اتفاق روسي - تركي، بين شروطه ألا يذهب الأسد إلى حلب للاحتفال بالانتصار الذي حققه على أهلها.

استهدف ذلك الاتفاق، حفظ الوجه للجانب التركي الذي سحب ميليشيات إسلاميّة متطرفة كان يدعمها، وترك أهل حلب يواجهون وحدهم الهجوم الذي شنته عناصر تابعة للنظام وميليشيات تابعة لإيران بغطاء من سلاح الجو الروسي.

ركز الروس وقتذاك على قصف المدنيين، خصوصاً المدارس والمستشفيات، وذلك بغية بث الرعب في صفوف أهل حلب.

سعى الأسد، الذي رافقته زوجته أسماء وأولاده في جولته الحلبيّة، إلى إعطاء صورة مغايرة للحقيقة عن الوضع في المدينة وجوارها.

احتفل بعودته إلى المدينة بعدما دمرها وترك جروحاً لن تندمل يوماً. لن تدمل هذه الجروح إلّا بعد رحيل النظام الذي لم يعد سوى أداة إيرانيّة.

أما روسيا، ومن خلال سماحها لرئيس النظام السوري بالذهاب إلى حلب، فإنّ كل ما تريد إظهاره أنّها لا تزال موجودة في سورية وانّ لديها نفوذها الذي تمارسه على بشّار.

في أواخر العام 2016، كان ممنوعا على رئيس النظام السوري الذهاب إلى حلب. في صيف العام 2022، صار مطلوباً منه التجوّل في المدينة في رسالة واضحة توجهها روسيا إلى تركيا.

ما الذي تغيّر بين 2016 و2022. كلّ ما في الأمر، أنّ روسيا غارقة في الوحول الأوكرانيّة.

صحيح أنّها حققت تقدماً على الأرض في الأسابيع القليلة الماضية، لكنّ الصحيح أيضاً أن الغرب لن يمكنها من احتلال أوكرانيا وفرض شروطها على أوروبا.

عندما يتحدث فلاديمير بوتين عن عالم صار فيه أقطاب عدة، بينها روسيا، فهو يضحك على نفسه. يتحدث الرئيس الروسي عن أوهام ليس إلّا.

يعود ذلك إلى أن روسيا لا تستطيع، لأسباب عدة بينها الاقتصاد، ان تكون قوّة عظمى كما كان عليه الاتحاد السوفياتي في الماضي.

نعم، هناك أكثر من قطب واحد في العالم. إذا كان من قطب آخر، يمكن الحديث عنه، فهذا القطب الآخر هو الصين التي باتت قوّة اقتصادية تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في حين ليس لدى روسيا ما تبتز به العالم سوى النفط والغاز ومواد غذائية تنتجها مزارعها والمزارع الأوكرانيّة.

ليست جولة الأسد، في وقت تستعد فيه تركيا لشن هجوم في شمال سورية، سوى محاولة واضحة مصدرها الكرملين لتأكيد أنّ شيئاً لم يتغيّر في سورية وأن النظام في دمشق ما زال يأخذ أوامره من موسكو.

الواقع مختلف. منذ غرق الجيش الروسي في الوحول الأوكرانيّة، لم تعد روسيا اللعب الأوّل في سورية بعدما استعانت بها ايران لمنع سقوط دمشق والساحل السوري في يد الثوّار.

صارت إيران اللاعب الأوّل في سورية. من الواضح أن تركيا فهمت تماماً ما يدور على الأرض وهي مستعدة لإقامة حزام آمن داخل الأراضي السورية من جهة وتصفية حساباتها مع الأكراد السوريين ممثلين بـ «قسد» من جهة أخرى.

لدى تركيا ما يكفي من المعطيات والمعلومات لمعرفة ما يدور على الأرض السوريّة، كذلك كي يعرف رجب طيب أردوغان أبعاد التورط الروسي في أوكرانيا وانعكاسات ذلك على أوروبا، خصوصاً المانيا.

من الواضح أنّ الرئيس الروسي يرفض أن يتعلّم شيئاً من التجارب التي مرّ فيها الاتحاد السوفياتي في مرحلة ما قبل انهياره.

يرفض قبل كلّ شيء استيعاب أنّه يستطيع إيذاء الاقتصاد العالمي إلى حدّ كبير، لكنه لا يستطيع الاقتناع بأنّ أوروبا، مدعومة من الولايات المتحدة، لا يمكن أن تقبل بسيطرة روسيا على أوكرانيا.

يعود ذلك إلى أن السيطرة الروسيّة لن تعني العودة إلى الحرب الباردة فحسب، بل انّ كلّ دولة أوروبيّة، بما في ذلك تلك البعيدة عن أوكرانيا، مثل اسبانيا وإيطاليا، ستشعر أيضا أنّها صارت مهدّدة.

تعرف تركيا المزاج الأوروبي، كذلك المزاج الأميركي. يعرف أردوغان أنّه فشل فشلاً ذريعاً في ابتزاز أميركا وأوروبا في كلّ مرّة حاول ذلك... حتّى عندما اشترى من روسيا منظومة صواريخ «اس - 400» المضادة للطائرات.

مثل التلميذ الشاطر عادت تركيا إلى حلف الأطلسي (الناتو)، الذي لم تتركه يوما، وسحبت في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، أي اعتراض على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف.

كذلك، نجد تركيا في صدد إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع إسرائيل من منطلق انّ ذلك ممرّ إجباري للدخول في لعبة شبكة أنابيب الغاز التي ستربط بين دول حوض المتوسط وأوروبا.

ثمة عالم جديد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. لا يقبل بوتين الاعتراف بذلك. على العكس من ذلك، يرفض يوميّاً الإقرار بأنّه عزل روسيا عن العالم وأنّ تركيا اختارت طريقا آخر غير الاستمرار في تفاهمات مع روسيا، لا في سورية ولا خارج سورية.

هناك عالم تغيّر كليّاً. من علامات هذا التغيّر ان جولة بشار الأسد في حلب لم تعد تعني شيئاً بمقدار ما أنّها تكشف التوتر في العلاقات الروسيّة - التركيّة ولا شيء آخر غير ذلك.

عاجلاً ام آجلاً، سيرحل النظام الأقلوي السوري المرفوض من أكثرية السوريين. المطروح مصير سورية ومستقبلها وموقع حلب في سورية ما بعد نهاية النظام السوري!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشّار في حلب رسالة روسيّة إلى تركيا بشّار في حلب رسالة روسيّة إلى تركيا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates