من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن

من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن

من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن

 صوت الإمارات -

من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن

بقلم : خير الله خير الله

من ورط من في سوريا؛ صار سؤالا تجاوزه الزمن والأحداث في وقت لم يبق في الساحة سوى الأميركي والإسرائيلي اللذين يقفان على استعداد ليوم الحصاد. هل يبقى شيء من سوريا وشعبها في مثل هذا اليوم؟

يضحك النظام السوري حاليا ملء شدقيه. ورّط روسيا في الأزمة السورية إلى أبعد حدود بما يجعلها عاجزة عن التراجع. أنْ تتراجع روسيا في سوريا يعني خسارة الرهان على استعادة موقع لموسكو على الصعيد الدولي. بكلام أوضح، إن تراجع روسيا في سوريا صار بمثابة عودة إلى السنوات التي تلت مباشرة انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع العام 1992، حين أصبحت روسيا مجرّد دولة هامشية على كلّ صعيد.

بلغ التورط الروسي في سوريا درجة لم تعد فيها موسكو تعرف ماذا تريد، خصوصا أنّ ليس هناك من يريد أن يشتري من بضاعتها. والبضاعة الروسية تتمثّل في الوقت الراهن برأس بشّار الأسد الذي يعرف قبل غيره أنّ روسيا ضحية لعبة عاجزة عن الخروج رابحة منها. لا تستطيع حتّى الخروج منها بطريقة مشرّفة من نوع البقاء إلى ما لا نهاية على الشاطئ السوري.

الأهمّ من ذلك كلّه أن ليس هناك من يريد شراء رأس النظام.

بماذا يقدّم وجود هذا الرأس، وبماذا يؤخّر، في وقت صار النظام كلّه في مزبلة التاريخ؟

يُفترض أن يكون التورّط الروسي وأبعاده ودور النظام في الاستفادة إلى أبعد حدود منه، موضوع نقاش في المؤتمر الذي يعقده حاليا في موسكو مركز الأبحاث التابع للكرملين المعروف بـ”فالداي”.

كلّما زاد التورّط الروسي، زاد فرح النظام بقدرته على الصمود، أي زاد رهانه على وهم ليس بعده وهم، علما أنّ هذا النظام لا يدرك أنّه انتهى عمليا وأنّ رهانه على التنافس الروسي – الإيراني لا يعني شيئا في المدى الطويل. عفوا، يمكن لهذا التنافس أن يعني شيئا واحدا هو أنّه لا يمكن لسوريا البقاء موحّدة، وأنّ لا بدّ في نهاية المطاف أن تقبل أي قيادة جديدة فيها، تسيطر على جزء من أراضيها، قيام منطقة عازلة بينها وبين إسرائيل…

من ورّط من في سوريا؟ هل النظام ورّط روسيا، أم روسيا نفسها ورّطت نفسها عبر مشروع غير قابل للتحقيق في بلد يصعب إعادة تركيبه بعدما تبيّن أنّ كلّ مؤسساته كانت مبنية على المذهبية ولا شيء آخر غير المذهبية، تحت عنوان سيطرة الأقلّية العلوية على كلّ مفاصل السلطة، بالتحالف مع أقلّيات أخرى وإبقاء الفتات للسنّة الذين يشكّلون ستة وسبعين في المئة من عدد السكّان.

يعرف النظام السوري أنّ المشروع الروسي ليس قابلا للحياة. لذلك يمارس كلّ أنواع الابتزاز مع روسيا التي اعتقد فلاديمير بوتين أن في استطاعته استخدام سوريا كي تكون رافعة لبلده الساعي إلى وراثة وضع القوّة العظمى التي سقطت مع سقوط الاتحاد السوفياتي.

يعود انهيار المشروع الروسي في سوريا، وهو مشروع لا يشجّع على استمراره سوى النظام، إلى أنّ الكرملين لم يفهم منذ البداية أن ليس في الإمكان إعادة بناء الدولة السورية. هذه الدولة انتهت في اليوم الذي اندلعت فيه الثورة الشعبية قبل ست سنوات إلا أسبوعين. في ذلك اليوم من شهر آذار – مارس 2011، قرّر السوريون أن يقولوا للنظام العلوي، الذي تحوّل إلى نظام عائلي بعد خلافة بشار الأسد لوالده، إن كفى تعني كفى وأنّ لا عودة إلى الماضي. لا عودة إلى نظام العبودية الذي تستخدم فيه أقلّية شعارات حزب البعث للتحكّم بالأكثرية.

ليس معروفا كيف يمكن لدولة مثل روسيا الدخول في لعبة إنقاذ نظام ميّت أصلا. هل دفعها إلى ذلك الرهان على إمكان إعادة بناء الجيش السوري عن طريق ضبّاط مرّوا في المعاهد العسكرية السوفياتية ثمّ الروسية، ومعظم هؤلاء من الضباط العلويين؟ هل دفعها إلى ذلك الاعتقاد الخاطئ بأنّ إيران قادرة على ضخ آلاف العناصر التابعة لميليشيات مذهبية لبنانية وعراقية وأفغانية تعوّض النقص في العناصر البشرية الذي يعاني منه النظام السوري؟

حسنا، ضخّت إيران آلاف العناصر التابعة لميليشيات مذهبية تعمل بإمرتها، ولكن ماذا بعد ذلك؟ دخلت هذه الميليشيات حلب، لكن روسيا تعرف قبل غيرها أن الانتصار الذي تحقّق على حلب لم يكن ممكنا من دون التواطؤ التركي الذي تترتب عليه أمور كثيرة.

من بين هذه الأمور الإقرار بأن مناطق معيّنة في سوريا يجب أن تكون تحت النفوذ التركي لا أكثر ولا أقلّ. في كلّ الأحوال، تورّطت روسيا في سوريا. سيصفّق النظام السوري والإيرانيون لهذا التورّط طويلا. كلّما مرّ يوم سيزداد هذا التورّط الذي لا أفق له، لا لشيء سوى لأنّ المشروع الروسي في سوريا لا أفق له من جهة، ولأنّ التراجع سيعني الكثير لفلاديمير بوتين. قد يتجاوز هذا الكثير مجرّد أن يكون الأمر نكسة سياسية قابلة للعلاج.

ما يؤكّد أن المشروع الروسي سقط نهائيا طبيعة الحوارات الدائرة في مؤتمر جنيف الذي دعت إليه منظمة الأمم المتحدة. تحوّل هذا المؤتمر إلى طبخة بحص ليس إلّا. جاء هذا المؤتمر بعد لقاءين في أستانا، عاصمة كازاخستان، شارك فيهما الروسي والإيراني والنظام والمعارضة. كانت الولايات المتحدة حاضرة عبر بعثتها الدبلوماسية في العاصمة الكازاخية. كانت النتيجة الاضطرار للعودة إلى جنيف حيث يدور بحث جديد عن جنس الملائكة.

إذا وضعنا جانبا الفشل الذي لحق بمؤتمر جنيف، لا مفرّ من الاعتراف بأنّ التورط الروسي في سوريا لن يعفي الكرملين من الإجابة عن أسئلة محدّدة في الأسابيع القليلة المقبلة.

في مقدّم هذه الأسئلة هل ستلجأ روسيا إلى “الفيتو” مرّة سابعة في مجلس الأمن لمنع صدور قرار جديد يتضمن أسماء مسؤولين سوريين في قضية مرتبطة باستخدام أسلحة كيميائية في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري؟

هناك سؤال آخر في غاية الأهمّية مرتبط بنية الولايات المتحدة إرسال قوات إلى المنطقة لضمان قيام مناطق آمنة في سوريا، خصوصا في منطقة الحدود مع الأردن. ما الموقف الذي ستعتمده موسكو من هذه المسألة؟

أدّى التورط الروسي في سوريا إلى إطالة عمر نظام منته. هذه خلاصة الأمر. تبيّن مع اندلاع الثورة السورية أنّ هذا النظام لا يستطيع البقاء، ولو شكلا، من دون تدخّل خارجي. تدخّلت إيران مباشرة ثم عبر ميليشياتها ذات التسميات المختلفة. بعد 2015، كان لا بدّ من اللجوء إلى روسيا التي أرسلت طائراتها إلى منطقة الساحل السوري، وحالت دون سقوط المنطقة العلوية أوّلا. لم تستطع روسيا بدورها استكمال مهمّتها المرتبطة بمشروع محدّد يقوم على إعادة بناء الجيش السوري، من دون تركيا.

من يُخرج روسيا من ورطتها السورية التي يبدو أن النظام شجّعها على السقوط فيها. هل الخلاص الروسي بالتعلّق بالحبال الأميركية التي يسعى النظام بدوره إلى الاستعانة بها بعدما أرسل المرّة تلو الأخرى إشارات إلى إسرائيل فحواها أنّه مستعد لدفع أي ثمن تطلبه في حال كان ذلك يؤمن له البقاء في دمشق…

من ورّط من في سوريا صار سؤالا تجاوزه الزمن والأحداث في وقت لم يبق في الساحة سوى الأميركي والإسرائيلي اللذين يقفان على استعداد ليوم الحصاد.

هل يبقى شيء من سوريا وشعبها في مثل هذا اليوم؟

المصدر: العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن من ورّط من في سورية سؤال تجاوزه الزمن



GMT 05:27 2022 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بهلوانيات لبنانيّة

GMT 00:15 2022 الجمعة ,09 أيلول / سبتمبر

متى الإنفجار؟... سؤال الساعة في العراق

GMT 01:37 2022 الجمعة ,05 آب / أغسطس

بين مقتدى والمالكي... مأساة عراقية

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

القاهرة - صوت الإمارات
شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة لعام 2024 حضوراً لافتاً لعدد من النجمات اللواتي اخترن اللون الأحمر الناري لإطلالاتهن على السجادة الحمراء.هذا اللون الجريء الذي يعكس القوة والجاذبية، كان العنصر المشترك بين العديد من هذه الإطلالات التي أثارت إعجاب الحضور ووسائل الإعلام. كانت الإعلامية الشهيرة ريا أبي راشد من بين أولئك الذين جذبوا الأنظار بإطلالتها الأنيقة. ارتدت فستاناً طويلاً باللون الأحمر الناري، تميز بتصميمه الواسع الذي أضاف لمسة من الفخامة على إطلالتها. كما اختارت ريا ترك خصلات شعرها منسدلة على الأكتاف، مما أضفى على مظهرها لمسة من البساطة والأنوثة. أما الفنانة هند صبري، فظهرت بفستان طويل مزود بفتحة ساق جريئة، وهو ما منحها إطلالة مميزة على السجادة الحمراء. صبري اختارت تصميم الأوف شولدر الذي يبرز جمال ا...المزيد

GMT 12:08 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 17:57 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قاوم شهيتك وضعفك أمام المأكولات الدسمة

GMT 15:49 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

صفاء مصطفى تكشف عن تشكيلة مُميزة لـ "إكسسوارات" شتاء 2019

GMT 16:47 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

بي ام دبليو تعمل على الجيل الجديد من "M3" بتمويهات كثيفة

GMT 11:54 2013 الجمعة ,05 تموز / يوليو

20 منحة للمتفوقين في كلية حمدان الإلكترونية

GMT 17:58 2012 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

زويل و"البرنامج" في ليلة رأس السنة على "cbc"

GMT 17:45 2013 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة في الجامعة الاميركية عن القوى العالمية

GMT 12:39 2015 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

علامة "جيمي شو" تقدم حقيبة "كاندي باريس" الحصرية

GMT 13:41 2017 السبت ,24 حزيران / يونيو

الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان يزور محمد بن ركاض

GMT 12:50 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

"البسيمة" مع الشيف أسامة السيد لحلو الإفطار

GMT 20:53 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 03:02 2019 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

"قدم محمد صلاح اليمنى" تسيطر على صحف بريطانيا وأسبانيا

GMT 08:14 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

«غوغل» تطور «أندرويد Auto»

GMT 16:28 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

الصين تعلن عن دورات مياه جديدة ذات تقنية مميزة

GMT 13:30 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تونس في المرتبة 60 عالميًا في مجال الأداء الطاقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates