في لبنان مطلوب كلّ شيء عدا الحقيقة

في لبنان مطلوب كلّ شيء... عدا الحقيقة

في لبنان مطلوب كلّ شيء... عدا الحقيقة

 صوت الإمارات -

في لبنان مطلوب كلّ شيء عدا الحقيقة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ازاح النظام اللبناني، الذي بات تحت سيطرة "حزب الله"، القاضي فادي صوّان الذي كان مكلّفا التحقيق في تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب – أغسطس 2020. لم يتحمّل النظام الذي تحوّل الى أداة في يد الحزب، أي في يد ايران، ايّ تحقيق جدّي كان يمكن ان يسير فيه القاضي صوّان الذي ربّما قطع خطوات في اتجاه كشف جانب من خبايا الجريمة.

ليس مسموحا للقاضي استجواب وزيرين سابقين محسوبين على حركة "امل"، ظاهرا، وعلى "حزب لله"، عمليا، في قضيّة في هذه الحساسية. كان لا بدّ من استبعاده عن التحقيق. هذا ما حصل فعلا بعد اختراع حجج واهية استخدمت في مناورة استبعاد القاضي.

في النهاية ما حصل يوم الرابع من آب – أغسطس كان جريمة موصوفة بكلّ معنى الكلمة. جريمة في حجم تفجير قنبلة نووية في مدينة. تردّد رئيس الوزراء وقتذاك، حسّان دياب، في تفقد مرفأ بيروت لمعرفة ما الذي في عنابره. حدّد موعدا للذهاب الى المرفأ ثم تراجع. تراجع حسان دياب الذي ما لبث ان قدّم استقالته، قبل التفجير. بعد ذلك، اعترف رئيس الجمهورية ميشال عون بالصوت والصورة، بانّه تبلغ تحذيرا من الأجهزة الأمنية قبل نحو أسبوعين من التفجير، لكنّه لم يفعل شيئا. برّر ذلك بانّ صلاحياته تمنعه من ذلك. لديه صلاحيات لمنع تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري، لكنه ليست لديه صلاحيات تسمح بتفادي تدمير ربع بيروت وسقوط ما يزيد على مئتي ضحيّة وآلاف الجرحى. اكثر من ذلك، لديه صلاحيات استبعاد أي تحقيق دولي في تفجير المرفأ، وهو تحقيق كان يمكن ان يؤدي الى كشف كيف وصلت أطنان نيترات الامونيوم الى بيروت وكيف خزنت طوال سنوات في عنابر المرفأ ومن استخدم قسما منها. قد يبقى السؤال الاهمّ الذي كان مفترضا ان يجيب عنه تحقيق دولي يتولاه محترفون: من حمى نيترات الامونيوم طوال سبع سنوات في مرفأ بيروت؟

ستظلّ كل هذه الأسئلة من دون أجوبة، تماما كما كان مفروضا ان يحصل لدى تفجير موكب رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005. وقتذاك، لو لم يوجد من يصرّ على التحقيق الدولي ثمّ على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لكان التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني مجرّد تكهنات واشاعات تطلق من هنا او هناك لتغطية المجرم الحقيقي. استطاعت المحكمة الدولية بعد سنوات طويلة تحديد الجهة التي تقف وراء الجريمة وسمّت عضوا بارزا في "حزب الله" هو سليم عيّاش ودانته. ثمّة من يقول انّه كان على المحكمة الذهاب الى ابعد من ذلك. لكن الواقع يشير الى انّها فعلت ما تستطيع فعله في اطار المقاييس التي يفرضها سير العدالة والقانون والتفويض الذي لديها من مجلس الامن التابع للأمم المتحدة. تدخلت روسيا قبل صدور قرار مجلس الامن القاضي بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من اجل اقتصار الادانة على اشخاص وليس على دول او منظمات. لماذا فعلت روسيا ذلك وما الذي كانت تخشاه؟!

تعود روسيا الى لبنان هذه المرّة من بوابة تفجير مرفأ بيروت. ما لم يعد سرّا، انّ أشخاصا يعملون لحساب بشّار الأسد اتوا بكمية نيترات الامونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت. جاءت هذه الكمّية بطريقة مشبوهة بحجة ان الشحنة مرسلة الى موزامبيق. كان الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط واضحا في ما أورده عن مجموعة من المسيحيين السوريين على علاقة بروسيا أوصلت نيترات الامونيوم الى مرفأ بيروت. حصل ذلك بعد استخدام بشّار الأسد الأسلحة الكيميائية في حربه على الشعب السوري في آب – أغسطس 2013. اضطر النظام السوري بعد ذلك الى تسليم الأسلحة الكيميائية التي كان يمتلكها في اطار اتفاق اميركي – روسي. كان لا بدّ من نوع جديد من الأسلحة، قريبة من السلاح الكيميائي، لترهيب الشعب السوري في وقت صار فيه الثوار قريبين من دمشق. باختصار، استخدم نيترات الامونيوم في صنع البراميل المتفجرة التي كانت ترمى على السوريين في القرى والبلدات المختلفة.

تبيّن، استنادا الى شخصيات سياسية لبنانية، ان كمية كبيرة من نيترات الامونيوم كانت تخرج من مرفأ بيروت. لم يتجرّأ احد على اعتراض الشحنات التي كانت تذهب الى النظام السوري. هذا ما يفسّر الى حد كبير الرغبة التي اظهرها رئيس الجمهورية في تفادي أي تحقيق دولي. تذرّع ميشال عون بضرورة اجراء تحقيق سريع وان التحقيق الدولي سيأخذ وقتا طويلا. الآن، بعد ما يزيد على سته اشهر على تفجير مرفأ بيروت والكارثة التي حصلت، ليس هناك من تحقيق جدّي، بل محاولا لقطع الطريق على أي محاولة للوصول الى الحقيقة.

كل الطرق صالحة في لبنان من اجل إخفاء الحقيقة وطمرها. ليس هناك من يريد ان يقول للبنانيين اين ذهبت أموالهم المودعة في المصارف ولماذا انهار النظام المصرفي الذي هو عماد الاقتصاد في البلد؟ ليس من يريد ان يقول من المسؤول عن وجود نيترات الامونيوم في عنابر مرفأ بيروت طوال سنوات وكيف حصلت عملية التفجير؟

تحوّل لبنان الى دولة فاشلة. ليس التحقيق في كارثة تفجير ميناء بيروت سوى دليل آخر على ذلك. ليس معروفا هل يعود هناك اهتمام عربي او دولي بلبنان يوما ام انّ البلد فقد كلّ أهميته وكل الوظائف التي كان يؤديها. هذا ما أكدته جريمة اغتيال المفكّر السياسي والناشط الشيعي المعارض لـ"حزب الله" في الرابع من شباط – فبراير الجاري. حصلت جريمة الاغتيال بعد خطف لقمان في منطقة من جنوب لبنان يحصي فيها "حزب الله" انفاس الموجودين فيها. كان ذلك بعد ستة اشهر تماما من تفجير مرفأ بيروت. لا توجد ورقة واحدة تتعلّق بتحقيق في جريمة اغتيال لقمان.

ما نشهده حاليا في قضيّة لقمان سليم تابع لما شهدناه وما زلنا نشهده منذ تفجير مرفأ بيروت وما قبل ذلك. في لبنان، مطلوب معرفة كلّ شيء باستثناء الحقيقة... مطلوب عمل كلّ شيء من اجل الّا تكون هناك حقيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في لبنان مطلوب كلّ شيء عدا الحقيقة في لبنان مطلوب كلّ شيء عدا الحقيقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates