بين بايدن وترامب وضع أميركي مخيف

بين بايدن وترامب... وضع أميركي مخيف

بين بايدن وترامب... وضع أميركي مخيف

 صوت الإمارات -

بين بايدن وترامب وضع أميركي مخيف

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

إدارة بايدن توجت سلسلة سياساتها الفاشلة بالإعلان منذ لحظة بداية حرب غزّة في 7 تشرين الأوّل - أكتوبر عن أن لا أدلة لديها على تورط إيراني في الهجوم الذي شنته حماس وسمّي "طوفان الأقصى ".

مخيف أن يكون التنافس على موقع الرئيس بين جو بايدن ودونالد ترامب. هناك رجلان يتنافسان على الرئاسة لا يمتلك أي منهما صفات قياديّة يمكن أن تعيد للولايات دورها في هذا العالم بالغ التعقيد. تعطي المنافسة على دخول البيت الأبيض الدائرة منذ الآن، وحتّى الأسبوع الأول من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل، فكرة عن التدهور الداخلي في دولة عظيمة مثل الولايات المتحدة استطاعت إنقاذ أوروبا من النازية ثم هزيمة الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة.

ليست المنافسة، التي يبدو أنّها ستكون محصورة بين بايدن وترامب، سوى دليل على وجود فقر سياسي على الصعيد الأميركي حيث كان رجال كبار يرسمون مستقبل العالم ويعرفون معنى المواجهة حين تكون الحاجة إلى مواجهة… ومتى الحاجة إلى استخدام الحكمة والتعقل من أجل الحد من الخسائر كما حصل في حرب فيتنام التي خسرها الأميركيون في نيسان – أبريل 1975 ثم ما لبثوا أن ربحوا البلد الذي حاربوه في مرحلة لاحقة.

أظهرت السنوات الثلاث الأخيرة التي كان فيها جو بايدن في البيت الأبيض، بما في ذلك خطابه الأخير عن حال الاتحاد، عجزا لدى إدارته عن مواجهة الأزمات الدولية، خصوصا أنّه بدأ عهده برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب الأميركيّة. ما لبثت الإدارة، التي كانت تريد تصفية حسابات مع المملكة العربيّة السعوديّة، أن تراجعت عن موقفها من الحوثيين في ضوء ما يمارسونه من إرهاب في البحر الأحمر. كان على من يعرف ولو قليل القليل عن الحوثيين، الذين يسمون أنفسهم “جماعة أنصارالله”، إدراك خطورة الكيان الذي أقامه هؤلاء في شمال اليمن منذ استيلائهم على صنعاء في 21 أيلول – سبتمبر 2014، أي منذ أقل بقليل من عشر سنوات.

استدركت إدارة بايدن خطأها بعد فوات الأوان. كيف ستحل مشكلة الحوثيين وخطرهم في حال تجاهلت إيران ودورها؟ لا جواب عن هذا السؤال المرتبط إلى حد كبير برهان “الجمهوريّة الإسلاميّة” على غياب أي رغبة أميركية في التصدي المباشر لها.

في الواقع، أوصلت إدارة بايدن نفسها إلى مرحلة باتت فيها إيران المنتصر الوحيد في حرب غزّة. تدير إيران، على هامش حرب غزّة، حروبا عدّة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. تضاف إلى ذلك طبيعة العلاقات العضوية التي ربطت طهران بحركة “حماس” منذ تسعينات القرن الماضي، خصوصا في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض خريف العام 1993. فعلت “حماس” في كلّ وقت كل ما تستطيع من أجل إفشال أي عمليّة سياسية تؤدى إلى تسوية معقولة. وضعت نفسها في كلّ وقت في خدمة اليمين الإسرائيلي الذي رفع شعار “لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه”!

توجت إدارة بايدن سلسلة سياساتها الفاشلة بالإعلان، منذ لحظة بداية حرب غزّة في 7 تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي، عن أن لا أدلة لديها على تورط إيراني في الهجوم الذي شنته “حماس” والذي سمّي “طوفان الأقصى”. تصرفت بعد ذلك، في ضوء المجازر التي ارتكبتها إسرائيل، بصفة كونها مركز أبحاث أميركي وليست الدولة الأميركيّة!

في الأشهر القليلة المقبلة، سيكون مستقبل أوروبا على المحكّ وليس مستقبل الشرق الأوسط وحده. لن يكون بايدن قادرا على دعم أوكرانيا في ضوء العقبات التي وضعها الجمهوريون في الكونغرس. في المقابل، يبدو واضحا منذ الآن أن ترامب مستعد لعقد صفقة مع فلاديمير بوتين تخرجه من الفخ الذي وقع فيه. تقوم هذه الصفقة المحتملة على الاعتراف بضم موسكو لجزء من الأراضي الأوكرانيّة. يؤمّن مثل هذا السيناريو إنقاذ الرئيس الروسي لماء الوجه، لكنّه يشكّل خطورة كبيرة على كلّ دولة أوروبيّة، لا لشيء سوى لأنّ القبول بضم أراض أوكرانيّة إلى روسيا سيكون بمثابة مكافأة لبوتين على العدوانيّة التي مارسها.

بين بايدن وترامب، لم تعد أميركا قوة عظمى تستطيع أوروبا الاعتماد عليها في التصدي للوحش الروسي. هذا ما يفسّر ذهاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعيدا في ما يخصّ أوكرانيا. أبدى ماكرون قبل أيّام استعداد بلاده لإرسال قوات إلى أوكرانيا. من الواضح أنّه خائف على مستقبل أوروبا في ظلّ تردد إدارة بايدن من جهة والمخاوف التي تثيرها عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من جهة أخرى.

أميركا إلى أين؟ يبدو طرح مثل هذا السؤال مشروعا. المشروع أيضا الخوف من أميركا ومن تفادي الوقوف إلى جانب حلفائها. من هنا، يمكن فهم سعي دول الخليج العربي إلى تنويع تحالفاتها وتفادي وضع كل بيضها في السلة الأميركيّة. لعلّ أكثر ما يثير المخاوف والقلق لدى دول الخليج العربي ذلك الاستخفاف الأميركي المتمادي بخطورة الظاهرة الحوثيّة في اليمن. لا وجود لتفسير لكلّ هذا الجهل الأميركي بقدرات الحوثيين وعمق الارتباط بينهم وبين “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران. لا يجوز استمرار التجاهل الأميركي لواقع يتمثّل بأنّ الحوثيين ليسوا سوى أداة إيرانيّة لا أكثر.

تثير أميركا العاجزة عن فرض وقف لإطلاق النار في غزّة كلّ المخاوف العربيّة، خصوصا أنّ شخصا مثل بنيامين نتنياهو ربط مصيره السياسي باستمرار حرب غزّة. لا يستطيع جو بايدن وضع “بيبي” عند حدّه، أقلّه من أجل وقف المجازر التي ترتكب في حق الفلسطينيين الذين يدفعون ثمن ما أقدمت عليه “حماس” في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي.

يبدو بايدن رئيسا مخيفا ويبدو ترامب مخيفا أكثر منه، خصوصا أنّ عودته إلى البيت الأبيض باتت رهانا اعتمده رئيس الوزراء الإسرائيلي. أمّا أوروبا، فقد دخلت مرحلة الحذر الشديد، إذ لا يكفي أن أصبحت السويد، رسميا، العضو رقم 32 في الحلف الأطلسي كي تستعيد اطمئنانها إلى أنّ عدوانية فلاديمير بوتين وطموحاته إلى استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، وهي أمجاد لا وجود لها، خفت ولو قليلا…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين بايدن وترامب وضع أميركي مخيف بين بايدن وترامب وضع أميركي مخيف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates