ايران مستعجلة كذلك إسرائيل

ايران مستعجلة... كذلك إسرائيل

ايران مستعجلة... كذلك إسرائيل

 صوت الإمارات -

ايران مستعجلة كذلك إسرائيل

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

كانت 2020 سنة كلّ الكوارث. لكنها كانت قبل ايّ شيء آخر سنة انتشار وباء كورونا، الذي سمّي "كوفيد – 19"، واكتشاف لقاحات له.

خلّف "كوفيد – 19" الذي سسيستغرق الانتصار عليه وقتا طويلا اضرارا في كلّ انحاء العالم. غيّر طبيعة المجتمعات، بما في ذلك أسلوب ممارسة المرء لمهنته وذلك عن طريق العمل انطلاقا من منزله بدل الذهاب الى المكتب. كم من المكاتب سيستغنى عنها مستقبلا؟ هذا السؤال سيطرح نفسه بحدّة ومعه ستطرح طبيعة العلاقات بين الموظفين في الشركة الواحدة الذين لن تقوم بينهم علاقات إنسانية طبيعية وتفاعل يومي بسبب عدم وجود المكتب الذي يعملون منه. الى جانب ذلك، توقفت السياحة العالمية ولحقت خسائر ضخمة بكلّ ما له علاقة من قريب او بعيد بالسياحة والسفر واللهو بدءا بشركات الطيران وانتهاء بالمطاعم والفنادق والملاهي والمعالم التاريخية التي كان يتمّ الاعتناء بها وصيانتها من خلال مداخيل تولّدها الساحة.

هذا غيض من فيض ما خلفته 2020 التي غيّرت العالم، كما منعت دونالد ترامب من الحصول على ولاية رئاسية ثانية. يعود ذلك الى سلسلة الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الأميركي في المواجهة مع "كوفيد – 19"، اذ اثبت الى حدّ كبير انّه شخص متهوّر، يرفض الاستماع الى نصائح الخبراء في أحيان كثيرة. رفض الاستماع الى نصائح الجهات التي كانت تدرك معنى الانتشار الواسع لـ"كوفيد – 19" وضرورة عدم الاستخفاف به وبالكمامة... تحدّى "كوفيد – 19 الذي استطاع الحاق الهزيمة به!

كان أداء دونالد ترامب منذ بدأ الوباء ينتشر سيّئا. لم يعرف حتّى التعاطي مع موضوع اللقاحات وكيف يمكن تسويق هذا الموضوع ليصبّ في مصلحته. انتهى به الامر وهو يردّد، في عزّ حملته الانتخابية، "كوفيد، كوفيد، كوفيد، لم اعد اسمع سوى هذه الكلمة"!

في النهاية تكفّل الوباء بمنع ترامب من العودة الى البيت الأبيض وفتح الطريق امام انتصار كبير للمرشّح الديموقراطي جو بايدن الذي لا يزال لغزا كبيرا على الرغم من انّه حاضر في السياسة الأميركية منذ العام 1973 عندما دخل مجلس الشيوخ الأميركي، وصولا الى شغله موقع نائب الرئيس في عهد باراك أوباما بين 2009 و2017.

غيّر "كوفيد – 19" الولايات المتحدة نفسها مثلما غيّر العالم. ليس معروفا بعد كيف سيتعامل جو بايدن الذين لن يمضي في البيت الأبيض سوى ولاية واحدة من اربع سنوات، بسبب تقدّمه في العمر، مع الوضع الداخلي الأميركي في ضوء ما حصل من اضرار. هناك مدينة مثل نيويورك فقدت الكثير من ميزاتها. نيويورك لم تعد نيويورك، المدينة التي تضجّ بالحياة صارت مدينة شبه ميتة، على حد تعبير الذين زاروها حديثا.

كان متوقعا ان يفوز دونالد ترامب بولاية ثانية بسبب الاقتصاد. لم يكن هناك من يتصوّر ان أحدا يستطيع منعه من ذلك. ففي السنوات الثلاث الأولى من عهده، صار يقال في الولايات المتحدة انّ العاطل عن العمل هو شخص يرغب في البقاء عاطلا عن العمل. هل سيكون لدى جو بايدن والفريق المحيط به متسع من الوقت للاهتمام بما يدور في العالم مع تركيز خاص على التحدّي الصيني والعلاقة بروسيا وترميم الجسور مع أوروبا؟

الأكيد ان تغييرا كبيرا سيطرأ على السياسة الخارجية الأميركية، خصوصا ان التركيز لدى المشرفين على هذه السياسة في عهد جو بايدن، الذي سيبدأ في العشرين من الشهر الجاري، هو على إقامة تحالف واسع في مواجهة الصين. يشمل ذلك دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، وهي دول تخشى التوسّع الصيني، كلّ منها لأسباب خاصة بها. كذلك، يشمل التحالف استعادة أوروبا التي تجاهلها دونالد ترامب مثلما تجاهل حلف شمال الأطلسي.

امّا ايران التي راهنت على سقوط ترامب، فهي ليست مستعدة للانتظار طويلا كي تباشر الإدارة الجديدة البحث في إعادة الحياة الى الاتفاق في شأن ملفّها النووي. تريد ايران، بكل بساطة، استخدام الابتزاز الذي تمارسه عبر تخصيب اليورانيوم، من اجل رفع العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة ترامب عليها. ما الذي ستفعله إدارة بايدن التي لا تبدو مستعجلة على الدخول في صفقة جديدة مع ايران، فيما "الجمهورية الإسلامية" في وضع لا تحسد عليه بسبب تأثير العقوبات الأميركية على اقتصادها؟

ما رشح الى الآن من اتصالات تمهيدية أجريت بين ممثلين لإدارة بايدن من جهة ومسؤولين إيرانيين من جهة أخرى، ان الولايات المتحدة ستكون مستعدة للبحث في العودة إلى الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني الموقع صيف العام 2015 في عهد باراك أوباما. لكنّ هذه العودة ستكون مرتبطة بشروط معيّنة من بينها السلوك الإيراني في المنطقة والصواريخ الباليستية.

على الرغم من أولوياتها المختلفة، ستجد إدارة بايدن ان الملفّ الإيراني ككلّ، وليس ملف الاتفاق النووي وحده، سيفرض نفسه شاءت ذلك ام ابته. العراق، الذي تعمل فيه ايران على اثبات وجودها اكثر، سيكون في الواجهة أيضا. ما لا يمكن تجاهله أيضا الاهتمام الإسرائيلي بالملفّ الإيراني من زوايا عدّة. إسرائيل مستعجلة أيضا مثلها مثل ايران. هناك اهتمام إسرائيلي متزايد بالصواريخ الباليستية الإيرانية وفي الوجود الإيراني في الأراضي السورية، خصوصا في جنوب سوريا. من الواضح ان إسرائيل تدفع الإدارة الأميركية الجديدة الى ان تكون اكثر حضورا في مواجهة ايران.

يشير ما نشهده في هذه الايّام الفاصلة عن دخول جو بايدن البيت الأبيض الى مناورات إيرانية. في أساس هذه المناورات رهان على ان إدارة ترامب لا يمكن ان تقدم على ايّ عمل عسكري، فيما هو يستعد للخروج من البيت الأبيض من جهة وان إدارة بايدن ليست، بدورها، في وارد الاقدام على أي مغامرة من جهة أخرى. الى أي مدى ستذهب ايران في مناوراتها في ذكرى مرور عام على تصفية الاميركيين لقاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" بعيد مغادرته مطار بغداد؟

تصعب الإجابة عن مثل هذا السؤال. الأكيد ان "كوفيد - 19" وما خلّفه في الداخل غيّر الأولويات الاميركية. هل الحسابات الإيرانية القائمة على الاستفادة من هذا التغيير في محلّها امّ ان القرار الأميركي بوضع ايران في حجمها الحقيقي يتجاوز إدارة ترامب ويتجاوز أيضا إدارة بايدن؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ايران مستعجلة كذلك إسرائيل ايران مستعجلة كذلك إسرائيل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates