العراق يقاوم وايران اكثر عدوانية

العراق يقاوم... وايران اكثر عدوانية

العراق يقاوم... وايران اكثر عدوانية

 صوت الإمارات -

العراق يقاوم وايران اكثر عدوانية

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله


في ظلّ التعقيدات وحال الضعف التي يمرّ فيها العراق هذه الايّام، جاء افتتاح معبر عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعودية ليبعث نوعا من الامل بوجود ضوء ما في نهاية نفق مظلم. تكمن اهمّية شعاع الامل هذا في انّه يبعث ببعض التفاؤل بانّ العراق ما زال يقاوم. يقاوم عبر قنوات عدّة من بينها إعادة ترميم علاقاته العربيّة بفضل تصميم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. وضع الكاظمي نصب عينيه إعادة التوازن الى السياسة العراقية، داخليا وإقليميا وخارجيا. يدرك انّ مثل هذا التوازن الذي قد يُستعاد يوما شرط ضروري في حال كان العراق يريد إيجاد موقع له في المنظومة الإقليمية التي ينتمي اليها والتي هو أصلا جزء لا يتجزّأ منها.

تبدو عملية إعادة التوازن هذه، التي تمرّ في نزع سلاح القوى غير الشرعية مثل ميليشيات ايران، في غاية الصعوبة. يزيد من صعوبتها الإصرار الإيراني على اعتبار العراق مجرّد مستعمرة تدار من طهران. لعلّ اكثر ما يدلّ على مدى الإصرار الإيراني على منع العراق من إعادة ترميم علاقاته العربيّة الحملة التي انطلقت من جيوب موالية لإيران تركّز على أن الاستثمارات السعودية في العراق نوع من "الاستعمار". هل وصل التخلّف في أوساط عراقية معيّنة، مرتبطة عضويا بالمشروع التوسّعي الايراني، الى اعتبار من يوظّف في مشاريع داخل العراق يمتلك عقلية المستعمر؟ إنّه بالفعل تسخيف لكلّ القواعد التي تقوم عليها العلاقات بين الدول في القرن الواحد والعشرين، فكيف الامر بين دولتين جارتين عضوين في جامعة الدول العربية، وبين المؤسّسين لها، يربط بينهما تاريخ طويل وتواصل على كلّ صعيد، بما في ذلك بين العشائر والعائلات العراقية والسعودية؟

الاكيد ان رئيس الوزراء العراقي في وضع لا يحسد عليه. لكنّ الأكيد أيضا انّه يحاول. ليس إعادة فتح المعبر، بعد ثلاثة عقود على اغلاقه اثر اجتياح للكويت في العام 1990، سوى دليل على وجود رغبة عراقية في تفادي فقدان الامل كلّه والدخول في مرحلة اليأس... اليأس من ان هناك مستقبلا افضل للعراق وان مصيره لن يكون افضل من مصير سوريا ولبنان واليمن.

ما يدعو الى المحافظة على الامل ان العلاقات الجديدة، او المتجدّدة، بين السعودية والعراق ليست ذات طابع عاطفي. جاءت العلاقات، بما في ذلك إعادة فتح معبر عرعر، بعد زيارات متبادلة عدّة بين وفود من البلدين. ضمّت هذه الوفود اختصاصيين يعرفون تماما ما الذي يمكن عمله وما الذي يجب تفاديه. كان الهمّ الاوّل للمشاركين في هذه الوفود العثور على مشاريع مشتركة قابلة للحياة ومنتجة يستفيد منها البلدان من جهة وتخدم مصلحة العراق الذي يعاني من ازمة اقتصادية عميقة من جهة أخرى. اين العيب في ذلك، اين العيب في خلق فرص عمل للعراقيين؟ العيب الوحيد في ان العراق يريد ان يكون بلدا منفتحا على كلّ دول المنطقة، بما في ذلك ايران. يعتبر ان ذلك في مصلحته، مثلما ان في مصلحته محاربة الفساد والسعي الى إقامة تعاون في العمق مع إقليم كردستان على الرغم من الضائقة المالية التي يعاني منها البلد.

حرص الكاظمي على الذهاب الى طهران في اطار جولة كان مفترضا ان تشمل الرياض أيضا. لكن زيارة رئيس الوزراء العراقي للسعودية تأجلت في حينه لأسباب مرتبطة بأجراء الملك سلمان جراحة لاستئصال المرارة. تأجلت الزيارة. ما لم يتأجل هو المشاريع المشتركة مع السعودية وذلك في سياق البحث عن التوازن المنشود للعراق.

طبيعي اشتداد الحملة الإيرانية على التقارب السعودي – العراقي. هناك في الوقت الحاضر نظام إيراني اكثر عدوانية تجاه دول المنطقة. يخشى هذا النظام افلات العراق منه. هذا ما يفسّر الى حد كبير اطلاق صواريخ في اتجاه السفارة الأميركية في بغداد عشية افتتاح معبر عرعر بكلّ ما يرمز اليه من إصرار عراقي على البعد العربي للبلد بمواطنيه الشيعة والسنّة.

لا يمكن وضع الروح العدوانية لإيران، التي ازدادت هذه الايّام، خارج اطار فشل دونالد ترامب في الفوز بولاية ثانية وبدء العمل من اجل تشكيل إدارة جديدة برئاسة جو بايدن. من الواضح ان ايران تنوي التفاوض مع الادارة الجديدة من موقع قوة وعن طريق تأكيد انّها تمسك بأوراقها العراقية والسورية واللبنانية واليمنية بطريقة جيدة وبأحكام شديد.

ليس العراق وحده المكان الذي تكشف فيه ايران مدى عدوانيتها من خلال مشروعها التوسعي. تصرّ ايران على تأكيد انّ وجودها في سوريا ابدي وانّ خطتها الهادفة الى تغيير طبيعة التركيبة السكانية لسوريا مستمرّة. هذا ما يفسّر الوجود الكثيف لميليشيات إيرانية في مختلف انحاء سوريا، خصوصا في محيط دمشق وعلى طول الحدود مع لبنان.

ما ينطبق على سوريا ينطبق على لبنان حيث تمنع ايران عبر "حزب الله"، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني، تشكيل حكومة لبنانية. تطرح ايران صراحة تغيير طبيعة النظام اللبناني عبر تفكيك مؤسسات الدولة الواحدة تلو الاخرى. تستخدم "حزب الله" وسلاحه الموجّه الى صدور اللبنانيين بطريقة فعالة... "حزب الله" يستخدم بدوره حليفه المسيحي، أي "التيّار الوطني الحر" الذي يرأسه جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون بأفضل طريقة ممكنة. يحصل ذلك كلّه كي يتبيّن ان لبنان ليس سوى جرم يدور في الفلك الإيراني، خصوصا بعدما صار "حزب الله" يقرّر من هو رئيس الجمهورية المسيحي في هذا البلد.

يبقى اليمن حيث يمارس الحوثيون (انصار الله) سياسة هجومية اكثر من أي وقت. بعد وصول سفير إيراني جديد الى صنعاء حديثا، لم يعد من شكّ في ان "الجمهورية الإسلامية" استطاعت تطويع الحوثيين كلّيا ووضعهم في خدمة مشروعها. لم يعد هناك في العاصمة اليمنية، التي وضع "انصار الله" يدهم عليها، من يستطيع القول ان لدى الحوثيين أي هامش، ولو ضيّق، يسمح باي اختلاف من ايّ نوع مع ايران.

الى ايّ حدّ يستطيع العراق المحافظة على مقاومته للمشروع الإيراني؟ الكثير سيعتمد على الإدارة الجديدة في واشنطن. ليس معروفا بعد هل سيكون جو بايدن ذا سياسة خاصة به... ام يكون باراك أوباما آخر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق يقاوم وايران اكثر عدوانية العراق يقاوم وايران اكثر عدوانية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates