النظام السوري ضرورة إيرانيّة

النظام السوري ضرورة إيرانيّة

النظام السوري ضرورة إيرانيّة

 صوت الإمارات -

النظام السوري ضرورة إيرانيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

هل ينجح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في حماية النظام السوري من هجوم تركي متوقع في الشمال؟ الأكيد، في ضوء تجارب الماضي القريب، أنّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" لن تتخلّي عن النظام السوري الذي تعتبر أنّه صار تحت سيطرتها الكاملة في ضوء المصاعب التي تواجه روسيا منذ قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) الماضي. لن يتأخّر وزير الخارجيّة الإيراني، الذي زار أنقرة حديثاً، في بذل كلّ ما يستطيع من أجل إنقاذ بشّار الأسد ونظامه اللذين لا يزالان، إلى اشعار آخر، ضرورة إيرانيّة...

لم تكن زيارة وزير الخارجيّة الإيراني لدمشق قبل أيّام سوى دليل آخر على مدى أهمّية سوريا بالنسبة إلى "الجمهوريّة الإسلاميّة" التي استطاعت تغيير طبيعة العلاقة مع النظام منذ خلف بشّار الأسد والده في العام 2000. هذا لا يعني أنّ حافظ الأسد كان يمتلك هامشاً كبيراً في المناورة مع إيران، لكنّ الأكيد انّه كان قادرا، في أقلّ تقدير، على الحفاظ على المظاهر. ما لا يمكن تجاهله انّ حافظ الأسد كان وراء وقوف سوريا مع إيران في حربها مع العراق بين العامين 1980 و 1988، إضافة إلى أنّه كان وراء دخول الدفعة الأولى من "الحرس الثوري" الإيراني إلى لبنان صيف العام 1982 في خطوة تستهدف تأسيس "حزب الله" الذي ما لبث أن تحوّل إلى لواء في "الحرس" عناصره لبنانيّة.

أكثر من ذلك، كان حافظ الأسد جزءاً من المجهود الحربي الإيراني في الحرب بين "الجمهوريّة الإسلاميّة" والعراق. عندما وجد من غير المناسب له تزويد إيران، على نحو مباشر، بصواريخ لقصف المدن العراقيّة، استعان بمعمّر القذافي كي يؤدي المهمّة. قصفت إيران البصرة وبغداد بصواريخ مصدرها مستودعات الأسلحة الليبية!

لدى عرض الأحداث التي مرت بها المنطقة منذ العام 1979، تاريخ قيام النظام الإيراني، يتبيّن أنّ إنقاذ النظام السوري أولويّة الأولويات لدى "الجمهوريّة الإسلاميّة". لا يقتصر الأمر في الوقت الحاضر على هجوم تركي يستهدف شمال سوريا فحسب، بل إنّه يتجاوز ذلك بكثير. هناك أزمة عميقة، على كل المستويات خصوصاً اقتصادياً، يعيش في ظلها النظام الذي لم يستطع في أيّ يوم الحصول على شرعيّة حقيقيّة مستمدة من اعتراف للشعب السوري به.

ليس في استطاعة إيران سوى أن تهبّ مرّة أخرى لإنقاذ النظام السوري الذي مدته منذ اندلاع الثورة الشعبية في (آذار) مارس 2011 بكل نوع من المساعدات. شمل ذلك تجنيد "حزب الله" اللبناني كي يكون شريكاً في الحرب على الشعب السوري. وفي العام 2015، ذهب قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني إلى موسكو من أجل الإستعانة بالجيش الروسي وسلاحه الجوّي تفادياً لسقوط النظام بعدما صار الثوار على أبواب دمشق وتمددوا في الساحل السوري وهدّدوا المنطقة العلويّة.

لن يكون كافياً التدخل لدى تركيا، في أيّامنا هذه، لتفادي سقوط النظام السوري. النظام سقط منذ فترة طويلة. كلّ ما في الأمر أن إيران ما زالت تدعمه مادياً وبشرياً في وقت يبدو بشّار الأسد منفصلاً عن الواقع أكثر من أيّ وقت. الدليل على ذلك قوله لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني: "إن العلاقة المتينة التي ترسخت خلال عقود مضت بين سوريا وإيران، صارت اليوم علاقة يمكن وصفها بأنها تحالف الإرادة في مواجهة مساعي الهيمنة الغربية على العالم". وأضاف الأسد إن "الحرب الروسية على أوكرانيا تشكل بداية لتوازن دولي جديد يصب في مصلحة سوريا وإيران". واتهم تركيا بـ"الاعتداء على الأراضي السورية كلما حدث تقدم للجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية"، مشيراً إلى أن "الادعاءات التركية لتبرير عدوانها على الأراضي السورية، باطلة ومضللة ولا علاقة لها بالواقع، وتنتهك أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وروابط حسن الجوار".

يتكلم رئيس النظام السوري لغة لا علاقة لها بما يجري على الأرض. ما يجري على الأرض أن روسيا دخلت في حرب استنزاف في أوكرانيا وأن إيران وضعت يدها على سوريا في وقت لم يعد للنظام السوري أيّ هامش للتحرك بشكل مستقل كما كانت الحال في السابق. يؤكّد ذلك أن وزير الخارجيّة الإيراني فرض على النظام زيارة دمشق يوم انعقاد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب في بيروت. جاء عبد اللهيان إلى العاصمة السورية كونه يريد توجيه رسالة إلى العرب. فحوى الرسالة أن ما كان يسمّى "الجمهوريّة العربيّة السوريّة" بات تحت الهيمنة الإيرانيّة، تماماً كما حال لبنان حيث يجتمع وزراء الخارجية العرب أو ممثلون عنهم في حين قرار السلم والحرب، الذي كان مفترضاً أن يكون لبنانياً، في يد إيران.تبدو الرسالة الإيرانيّة واضحة كلّ الوضوح. فحوى الرسالة أنّ سوريا باتت تابعة لإيران وأنّ "الجمهورية الإسلاميّة" ما زالت مستعدة لبذل الغالي والرخيص من أجل الحفاظ على نظام لم يتردد يوماً في تلبية كلّ ما تطلبه إيران. سوريا وإيران، كنظامين، توأمان لا يمكن الفصل بينهما... والنظام السوري الأقلّوي جزء لا يتجزّأ من تركيبة "الجمهوريّة الإسلاميّة" لا أكثر ولا أقلّ!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام السوري ضرورة إيرانيّة النظام السوري ضرورة إيرانيّة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates