لبنان في الطريق المسدود

لبنان في الطريق المسدود...

لبنان في الطريق المسدود...

 صوت الإمارات -

لبنان في الطريق المسدود

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

من الضروري تبسيط الامور لبنانيا. مثل هذا التبسيط يؤكد ان البلد ذاهب الى الخراب في ظلّ حكومة لا تمتلك أي رؤية من ايّ نوع من جهة فضلا عن انّها عاجزة عن القيام بالإصلاحات المطلوبة من جهة أخرى.

في النهاية، ذهبت الحكومة الى صندوق النقد الدولي من اجل الحصول على دعم مالي يمكن لبنان من استيراد المواد الضرورية التي هو في حاجة اليها. كان "حزب الله" الذي شكّل الحكومة الحالية برئاسة حسّان دياب معارضا للذهاب الى صندوق النقد. اكتشف ان ليس امام البلد سوى الصندوق. اذا به الآن يتحدّث بلسان امينه العام عن "شروط". من لديه شروط من ايّ نوع لا يذهب أصلا الى صندوق النقد. من هذا المنطلق، يبدو ضروريا اكثر من ايّ وقت الاعتراف بانّ صندوق النقد الدولي ليس جمعية خيرية وانّ لبنان في طريق مسدود.

بدل إضاعة الوقت والتوجّه الى الصندوق، يفترض في الحكومة ان تسأل نفسها اوّلا هل هي قادرة على اجراء الإصلاحات المطلوبة منها بشكل ملحّ؟

لا شكّ ان عامل الوقت ثمين. لكن الحكومة الحالية لم تفعل منذ تشكيلها قبل مئة يوم سوى إضاعة الوقت بدل ان تسأل نفسها عن كيفية البحث عن معجزة تؤدي الى إيجاد مخرج من حال الانهيار. لعلّ السؤال الاوّل الذي يُفترض في هذه الحكومة ان تطرحه قبل غيره مرتبط بملف الكهرباء والهدر الذي عمره ما يزيد على عشر سنوات. هناك مليارات الدولارات تسببت بها الكهرباء والبواخر التركية المستأجرة وصفقات الفيول. الا تستحق الكهرباء التي يتولّى ملفها، منذ ما يزيد على عشر سنوات، "التيار الوطني الحر" الذي يترأسّه جبران باسيل سؤالا بسيطا يتعلّق بالهدر الناجم عن هذا القطاع؟

كانت هناك محاولة جدّية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السنة 2018 عندما انعقد مؤتمر "سيدر" في باريس. كان ذلك في شهر نيسان – ابريل من تلك السنة، قبل شهر واحد من اجراء انتخابات نيابية اسفرت عن حصول "حزب الله" على أكثرية برلمانية مكنته من إيجاد شرعية لنفوذه الذي كان يمارسه عن طريق سلاحه المذهبي غير الشرعي. هذا السلاح الذي نفّذ غزوتي بيروت السنّية والجبل الدرزي في ايّار – مايو من العام 2008.

ارادت فرنسا مساعدة لبنان من منطلق حرصها على البلد، معتمدة على العلاقة الخاصة التي تربط بينها وبين سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء وقتذاك. لم يحصل أي تقدّم على صعيد تطبيق مقررات "سيدر". هل لدى رئيس الجمهورية ميشال عون او رئيس الحكومة الحالي ما يكفي من الجرأة للتساؤل ما الذي حال دون تنفيذ أي بند في "سيدر" الذي يعني اوّل ما يعني القيام بالاصلاحات المطلوبة من جهة وإيجاد شراكة بين القطاعين الخاص والعام من جهة أخرى. من وضع كلّ العراقيل في وجه "سيدر" الذي كان سيمكن لبنان من الاستفادة من اكثر من عشرة مليارات دولار لتنفيذ مشاريع معيّنة ولكن بإشراف أوروبي هو "حزب الله". وقف "حزب الله" عقبة في وجه القيام باي إصلاحات. بقي "سيدر" حبرا على ورق. ما قاله أخيرا الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله عن رفض أي رقابة دولية على الحدود بين سوريا ولبنان لمنع التهريب يؤكّد ان لبنان لن يقدم على أي خطوة في اتجاه الخروج من المأزق الذي غرق فيه.

ليس لبنان سوى "ساحة" تستخدم في خدمة سياسة إيرانية تقوم على استنزاف الاقتصاد اللبناني كي يبقى بشّار الأسد في دمشق. لم تأخذ ايران علما بعد ان هذا النظام انتهى منذ فترة طويلة وانّه جزء من الماضي ولن ينقذه التهريب لا من لبنان ولا من غير لبنان. كلّ ما يمكن ان يؤدي اليه بقاء معابر التهريب مفتوحة هو تحميل لبنان أعباء لا يستطيع تحمّلها.

عاجلا ام آجلا، سيتبيّن ان لبنان عاجز عن التعاطي مع صندوق الدولي. مثل هذا العجز في غاية الخطورة على مستقبل البلد. هذا يعود الى ان كل الأبواب الأخرى مسدودة ايضا في وجه لبنان. سدّها "حزب الله" منذ فترة طويلة بتهجمه على العرب الذين كانوا على استعداد لمساعدة البلد وتسببه بعقوبات اميركية على المصارف اللبنانية. فرضت هذه العقوبات اغلاق "جمال تراست بنك" قبل بضعة اشهر. إضافة الى ذلك، ادّت سياسات "حزب الله"، خصوصا في سوريا، الى انتصار مدرسة أميركية تدعو الى نسيان شيء اسمه لبنان واهمّية الاستقرار فيه بعدما صار البلد مجرّد "ساحة" إيرانية.

لم يعد لبنان يهمّ أحدا. اساء البلد الى نفسه بنفسه بعد تحوّله الى امتداد لـ"جبهة الممانعة" التي يبذل العراق جهودا جبّارة في محاولته الخروج منها واستعادة دوره الطبيعي في المنطقة. رفع العراقيون أخيرا شعار "العراق اوّلا". ظهر ذلك واضحا من خلال التحرّك الشعبي المستمر منذ تشرين الاوّل – أكتوبر الماضي، وهو نحرّك أطاح حكومة عادل عبدالمهدي واوصل الى حكومة مصطفى الكاظمي التي لم تكتمل بعد، لكنّه يبدو انّها تعرف ما الذي تريده. تريد الّا يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين اميركا وايران. أي ان يحافظ العراق على مصالحه قبل أي شيء آخر.

رفع اللبنانيون شعار "لبنان اوّلا". اخرجوا الجيش السوري من ارض بلدهم في العام 2005. متى يتخلّصون من الوصاية الايرانية التي حلّت مكان الوصاية السورية؟ متى يستوعبون ان مستقبل بلدهم على المحكّ وانّ لا وجود لخطّة بديلة من الاستعانة بصندوق النقد، على حد تعبير السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه بعد اجتماعه برئيس مجلس النواب نبيه برّي حديثا.

الحق مع السفير الفرنسي. لكن الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد مهمة مستحيلة في بلد يعيش في عالم آخر، عالم مرتبط بأوهام من نوع انّ النظام السوري الذي تأسس في العام 1970 ما يزال حيّا يرزق في حين انّه نظام اكل الدهر عليه وشرب. نظام غارق في أزمات لن يستطيع الخروج منها يوما. أسوأ ما في الامر انّ لبنان تحوّل مكانا تصدّر اليه أزمات النظام السوري، في غياب قيادة سياسية ترفض الاعتراف بان لا مصلحة للبنان سوى بان يكون في منأى عن أزمات سوريا. لماذا لا يستفيد لبنان من الذي حصل في العراق حيث تجري عملية ازالة لصور قاسم سليماني من الاماكن والمؤسسات الرسمية؟ ولكن ما العمل عندما يعيش البلد في ظل "حكومة حزب الله" في "عهد حزب الله".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان في الطريق المسدود لبنان في الطريق المسدود



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates