المعركة مع إيران… طويلة

المعركة مع إيران… طويلة!

المعركة مع إيران… طويلة!

 صوت الإمارات -

المعركة مع إيران… طويلة

بقلم - خير الله خير الله

يخطئ ترامب وأركان إدارته إذا كانوا يعتقدون أن المواجهة مع إيران ستكون سهلة وسريعة. فإيران في الأعوام الممتدة منذ 1979، صارت لاعبا إقليميا.

ترامب في حاجة إلى انتصارات سريعة
في المدى البعيد، يبقى كلّ الكلام الكبير الذي صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إيران كلاما في غياب أفعال على الأرض. يمكن قول ذلك على الرغم من أنّ توصيفه للحال الإيرانية في غاية الدقّة، خصوصا عندما يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دورها الإقليمي ومساهمتها في نشر الفوضى والعمل على زعزعة الاستقرار والدمار في المنطقة كلها.

يظل السؤال في نهاية المطاف؛ أين يمكن لإدارة ترامب إلحاق هزيمة حقيقية بإيران بدل استخدامها بعبعا في عملية ابتزاز أميركية لدول المنطقة، كما حصل إبان الحرب العراقية بين 1980 و1988؟

لا شكّ أنّ ترامب كان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في وضع هجومي، إذ أكد أنه “لا يمكن أن نسمح للراعي الرئيسي للإرهاب في العالم بأن يمتلك أخطر الأسلحة على كوكبنا”، أي السلاح النووي.

على الصعيد العملي، أدت العقوبات الأميركية التي استهدفت إيران والتي ستزداد بدءا من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل إلى تحقيق جانب من المطلوب. أفهمت الإيرانيين أنّ بلدهم ليس قوّة اقتصادية قادرة على الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة. لعل أكثر ما يدل على ذلك انخفاض سعر العملة الإيرانية إلى رقم قياسي (170 ألف ريال في مقابل دولار واحد) بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على إلقاء ترامب خطابه في الأمم المتحدة.

كان كلام مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي ترافق مع خطاب ترامب أكثر قساوة بالنسبة إلى إيران. لم يتردّد بولتون الذي لديه الهاجس الإيراني في ذكر “المرشد” علي خامنئي بالاسم، مع تركيز خاص على دور الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”. قال إن الولايات المتحدة “لن تسمح لخامنئي بتدمير دول الشرق الأوسط. نحن نستهدف كبار المسؤولين الإيرانيين، من بينهم قاسم سليماني، وسنواجه كل الخطط الشريرة التي ينفّذها”.

ستظهر الأيام المقبلة هل ترامب جدي أم لا في الموضوع الإيراني. هل يذهب مباشرة إلى حيث يجب أن يذهب، أي إلى إفهام أركان النظام الإيراني أن معاركه معه لن تُخاضَ في الساحات التي يختارونها للمنازلة

لم يكن خطاب ترامب في الأمم المتحدة إيرانيا فقط. راح الرئيس الأميركي يوزع الانتقادات يمينا ويسارا، شاملا ألمانيا التي تعمل كلّ شيء، من وجهة نظره كي تكون أكثر اعتمادا على الغاز الروسي. هناك أميركا جديدة في عهد ترامب لا علاقة لها بالطريقة التي كانت تتعامل بها الإدارات السابقة مع حلفائها، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. ذهب ترامب إلى حد توزيع شهادات حسن السلوك على مستحقيها من الحلفاء، مشيرا على وجه الخصوص إلى بولندا وسعيها، على العكس من ألمانيا، إلى ألا تكون أسيرة الغاز الروسي.

وسط كلّ هذا الجانب الفولكلوري لخطاب الرئيس الأميركي،  يخطئ ترامب وأركان إدارته إذا كانوا يعتقدون أن المواجهة مع إيران ستكون سهلة وسريعة. فإيران في الأعوام الممتدة منذ 1979، صارت لاعبا إقليميا. استفادت من كل الأخطاء الأميركية، خصوصا من بقاء القضية الفلسطينية معلقة، فإذا بها تخطفها من العرب وتحولها إلى تجارة رابحة لها. لذلك، لا يمكن إلا تفهّم لماذا هذا الإصرار لدى الملك عبدالله الثاني على إبقاء خيار الدولة الفلسطينية المستقلة التي عاصمتها القدس الشرقية خيارا متاحا. صحيح أن إيران لا تستطيع أن تبني، لكنّ الصحيح أيضا أنها موجودة في كلّ المنطقة، وتتحرّش حتّى بدولة مسالمة مثل المغرب بهدف الاعتداء على سيادته الوطنية عبر تلك الأداة الجزائرية التي اسمها جبهة “بوليساريو”.

تكمن مشكلة ترامب في أنه في حاجة إلى انتصارات سريعة. لديه امتحان كبير، بل مصيري، في غضون ستة أسابيع عندما تجري انتخابات فرعية لمجلسيْ الكونغرس. الكثير سيعتمد على نتائج تلك الانتخابات وعلى ما إذا كان الجمهوريون سيبقون مسيطرين على مجلسي الكونغرس، أو على أحدهما. لا يمكن الاستخفاف بأن الرئيس الأميركي لا يزال يمتلك أوراقا عدة يمكن أن تساعده في بلوغ نهاية ولايته بسلام. في مقدّم هذه الأوراق وضع الاقتصاد الأميركي حيث البطالة للمرّة الأولى منذ فترة طويلة دون نسبة الثلاثة في المئة. من لا يجد عملا هذه الأيّام في الولايات المتحدة هو من لا يريد أصلا أن يعمل. الأهمّ من ذلك كلّه، أن الخطاب الذي يخرج به دونالد ترامب يستهوي الأميركي العادي، أي أميركا الريف والمدن الصغيرة التي أوصلته إلى الرئاسة. ما لا يمكن تجاهله أن ترامب خسر كلّ المدن الكبرى أمام هيلاري كلينتون في العام 2016، لكنّه فاز حيث يجب أن يفوز كي يصبح رئيسا للولايات المتحدة.

بالاستناد إلى كلّ الخطب التي ألقاها ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، تبدو المواجهة مع إيران آتية لا محال. لا يمكن بالطبع استبعاد حركة دراماتيكية من الرئيس الأميركي في مرحلة معينة، لكنّ تجارب الماضي القريب تظهر أنّه ليس رئيسا اعتباطيا كما يقول الذين ينتقدونه.

لا شكّ أنّ ترامب كان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في وضع هجومي، إذ أكد أنه "لا يمكن أن نسمح للراعي الرئيسي للإرهاب في العالم بأن يمتلك أخطر الأسلحة على كوكبنا"

هل هو مستعد لمعركة طويلة مع إيران؟ ثمّة جانبان للجواب عن هذا السؤال. الأوّل هل لدى الولايات المتحدة الرغبة والإمكانات لقطع أذرع إيران الممتدة إلى هذه الدولة العربية أو تلك؟ أما الجانب الآخر للجواب فهو مرتبط بالقدرة الأميركية على الضغط في الداخل الإيراني.

هناك بكل وضوح تلازم بين ما يدور في محيط إيران وما يدور في الداخل. هناك دائما رغبة لدى النظام في نقل معاركه إلى خارج أراضيه. سيكون العراق إحدى ساحات المعركة مع الولايات المتحدة. سجلت إيران نقاطا عدة على الولايات المتحدة في العراق. أوصلت محمد الحلبوسي إلى موقع رئيس مجلس النواب، كاشفة أنها قادرة على الإمساك بالورقة السنّية أيضا في البلد. ترافق ذلك مع تدجينها مقتدى الصدر الذي صار صاحب أكبر كتلة في مجلس النواب الجديد وقطع الطريق على عودة حيدر العبادي إلى موقع رئيس الوزراء.

في المقابل، لم تسجّل الولايات المتحدة أي نقطة على إيران في العراق باستثناء أنها عرقلت مساعيها لإيصال أحد رجالاتها إلى موقع رئيس الوزراء. بكلام أوضح، صار هناك مجهود مشترك أميركي – إيراني يعطل تشكيل حكومة عراقية. ليس ما يدعو إيران، التي تعطّل أيضا تشكيل حكومة لبنانية، إلى الشكوى من هذه الحال. كلّ ما يعطل عودة الحياة إلى طبيعتها في بلد مثل العراق أو لبنان لا يمكن إلا أن يكون موضع ترحيب لديها. لا يمكن الاستخفاف بإيران لا في العراق ولا في سوريا ولا في لبنان، ولا في قدرتها على تحويل بيروت غرفة عمليات ثانية للحوثيين في اليمن، بعدما تبيّن أن العلاقة بين هؤلاء و”حزب الله” علاقة أكثر من عضوية.

ستظهر الأيام والأسابيع المقبلة هل دونالد ترامب جدّي أم لا في الموضوع الإيراني. هل يذهب مباشرة إلى حيث يجب أن يذهب، أي إلى إفهام أركان النظام الإيراني أن معاركه معه لن تُخاضَ في الساحات التي يختارونها للمنازلة. محور المعركة سؤال واحد وحيد؛ هل الولايات المتحدة قادرة على خنق الاقتصاد الإيراني أم لا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعركة مع إيران… طويلة المعركة مع إيران… طويلة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates