فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان

فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان

فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان

 صوت الإمارات -

فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان

خير الله خير الله
بقلم : خير الله خير الله

هل يمكن للبنان البقاء بشكله الحالي على خريطة الشرق الأوسط... أم هو مهدّد بالزوال؟ هذا السؤال يطرح نفسه بحدّة في مناسبة ذكرى الأول من أيلول – سبتمبر، وهي ذكرى الإعلان عن دولة لبنان الكبير. عاش لبنان، الى الآن، مئة سنة وسنة واحدة. لم يعرف اهله المحافظة عليه في ضوء العجز عن فهم اهمّية بلدهم ودوره وتميّزه. لعلّ اهمّ ما عجز اللبنانيون عن استيعابه انّ ليس في استطاعتهم الانقسام داخليا عندما يطرح يكون الموضوع المطروح هل يمكن تحرير فلسطين انطلاقا من لبنان، وخوض حروب خاسرة سلفا نيابة عن آخرين، آخرهم "الجمهوريّة الاسلاميّة" الايرانيّة؟

دفع اللبنانيون بعد قرن وسنة على قيام لبنان الكبير ثمن غياب المنطق. لم يفهم المسلمون أنّ لبنان افضل من يحميهم ويحمي حقوقهم وأنّ ليس ما يدعو الى اعتبار الفلسطينيين جيشهم كي يحصلوا على حقوقهم في بلد كانت فيه الحقوق مصانة للجميع، من دون ان يعني ذلك ان لبنان كان بلدا مثاليا. في المقابل، لم يفهم المسيحيون أنّ رئاسة الجمهوريّة لا تستأهل الاستسلام لا لمنطق منظمة التحرير الفلسطينيّة في العام 1969، تاريخ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم... ولا التحوّل الى أداة لدى "حزب الله" من اجل ان يتمكن ميشال عون من الإقامة في قصر بعبدا والمناداة باستعادة حقوق المسيحيين. فشل المسلمون في الحصول على ما يعتبرون حقوقا مفقودة بواسطة السلاح الفلسطيني وفشل المسيحيون في الحصول على ايّ حقوق بواسطة سلاح "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني. بين السلاح الفلسطيني والسلاح الإيراني، ضاع لبنان. لعلّ اخطر ما يحصل حاليا، إضافة الى انهيار بلد، وهو انهيار لا قاع له، موجة الهجرة الجديدة. لم يعد لبناني يريد البقاء في لبنان. على من يريد الحصول على تأشيرة أميركية انتظار موعد في السنة 2022... هذا اذا تمكن من الحصول على مثل هذا الموعد.

قبل سنة في مناسبة مئويّة لبنان الكبير حين حضر الرئيس ايمانويل ماكرون الى بيروت بغية المساعدة في تشكيل حكومة جديدة سمّاها "حكومة مهمّة"، القى رئيس الجمهوريّة كلمة تعطي فكرة عن غياب الوعي المسيحي لما يدور في المنطقة وداخل البلد نفسه. كتبت وقتذاك: كيف يمكن لرئيس الجمهورية اللبنانية إلقاء خطابٍ طويل في ذكرى مئوية "لبنان الكبير" من دون الحديث الصريح عن المشكلة التي يعاني منها لبنان واسمها سلاح "حزب الله"؟ لا توجد خدمة يستطيع ميشال عون تقديمها إلى لبنان سوى خدمة الإستقالة من موقع رئيس الجمهورية قبل إنتهاء ولايته في آخر تشرين الأول - اكتوبر 2022. يفترض به أن يفعل ذلك إحتراماً للبنان واللبنانيين ولعقولهم، خصوصاً بعد كارثة الرابع من آب ـ اغسطس الماضي (تفجير مرفأ بيروت) التي يتحمّل مسؤوليتها كاملة. بعد قرنٍ على قيام "لبنان الكبير"، هناك من لا يزال يعتقد أن في استطاعته الضحك على اللبنانيين. هناك رئيس للجمهورية عاجز عن استيعاب معنى أن يكون أسيراً لدى "حزب الله" الذي أوصله إلى قصر بعبدا. أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية رهينة لدى "حزب الله" يشكّل دليلاً على أن البلد إنتهى. ما يؤكد ذلك الإصرار على تغيير طبيعة النظام بما يتلاءم مع رغبات "حزب الله". هل يمكن القول بعد 100 عام على تأسيس الكيان اللبناني الحالي أن "حزب الله"، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني خرج منتصراً على لبنان؟ نعم، خرج منتصرا، خصوصاً إذا سارت الأمور في إتجاه تعديل إتفاق الطائف في ظلّ تفادي أي طرح للمشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان، أي سلاح "حزب الله"، وهو سلاح ميليشياوي ومذهبي... لبنان يحتفل بمرور 100 عام على قيامه بوجود رئيس للجمهورية مَدين بوصوله إلى قصر بعبدا لإيران، ممثلةً بـ"حزب الله" وليس لأي طرفٍ آخر.

هذا كان قبل سنة. الآن، كلّما مرّ يوم، يتبيّن كم المأزق اللبناني عميق. سيزداد الوضع اللبناني صعوبة في غياب الكهرباء والوقود وانهيار الاقتصاد، بما في ذلك النظام المصرفي. لم تعد العملة اللبنانية تساوي شيئا في بلد يفتقد الدواء. بلد يظنّ رئيس الجمهوريّة فيه ان لا حاجة الى حكومة اذا لم يأت من يؤكّد له ان صهره جبران باسيل سيكون رئيس الجمهورية المقبل!

بعد مئة سنة وسنة واحدة، من سوء حظ لبنان أنّه لم يعد همّا عربيّا او دوليا. اذا كان لا يزال هناك بعض الاهتمام الأميركي، فإنّ هذا الاهتمام تبخّر مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان. سيكون على إدارة جو بايدن الاهتمام في الأشهر القليلة المقبلة في معالجة ذيول الانسحاب الكارثي من أفغانستان. الاهمّ من ذلك كلّه أنّ العرب فقدوا الامل بلبنان. عربيّا، لم يعد هناك تمييز بين الدولة اللبنانية ومؤسساتها من جهة و"حزب الله" من جهة أخرى.

ضاع لبنان بسبب أبنائه اوّلا. اذا كان الشيعة يعتقدون انّ "حزب الله" سيجعل منهم مواطنين من الدرجة الأولى، فإن اليوم الذي سيدركون فيه انّ كلّ ما يستطيعه هو زيادة البؤس في البلد كلّه بكلّ طوائفه، ليس بعيدا. كلّ ما في الامر انّ "حزب الله" يعمل من اجل ايران ومن اجل ان يكون لبنان ورقة من أوراق التفاوض بينها وبين "الشيطان الأكبر".

خسر لبنان نفسه ولم يربح شيئا. هذا بلد كان مزدهرا وكان طليعيا وكان قبلة العرب والأجانب. كان الجميع يريد المجيء الى لبنان. في 2021 بعد خمس سنوات على وصول ميشال عون الى موقع رئيس الجمهوريّة، إيذانا ببدء "عهد حزب الله"، لم يعد من لبناني يريد البقاء في لبنان. صار لبنان ارضا طاردة للشعب اللبناني. لم يعد من مقوّمات للصمود والتعلّق بالأرض. صارت الهجرة حلما. ذلك هو الانجاز الوحيد للعهد القائم الذى سمّى نفسه "العهد القويّ". إنّه عهد قويّ بالفعل، قويّ على لبنان واللبنانيين وتحويلهم الى مجرّد متسوّلين واذلّاء في بلدهم لا اكثر...

هل عاش لبنان اكثر مما يجب. هل مئة سنة وسنة واحدة كثيرة على لبنان واللبنانيين؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان فشل المسلمين والمسيحيين في لبنان



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates