جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

 صوت الإمارات -

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

إذا كانت المبادرة ذات الطابع الإنساني التي قام بها الملك محمّد السادس لدعم أهل غزّة والقدس في هذا الشهر المبارك، تعني شيئاً، فإنها تعني أولاً وجود جرأة سياسيّة تتجاوز كلّ حدود في ما يخصّ دعم الشعب الفلسطيني وقضيْته.

تتجاوز الجرأة السياسيّة، ذات المنطلق الإنساني، لمحمّد السادس العقد بكل أنواعها.

تتجاوز، خصوصاً القيود، كلّ القيود، في ظلّ المأساة التي تشهدها غزّة منذ السابع من أكتوبر الماضي حين شنت «حماس» هجوم «طوفان الأقصى» وما تلاه من رد إسرائيلي وحشي فاق كلّ تصوّر. هناك حياة أناس، بينهم أطفال ونساء وعجائز، في خطر. كان لابدّ من مساعدتهم ومنع الجوع من التمكن منهم.

تكشف المبادرة المغربيّة، وجود ملك إنسان لا يحيد بلده عن مواقفه المبدئيّة التي يأتي في مقدمها دعم الشعب الفلسطيني بالفعل وليس بالكلام بدل المتاجرة بالقضية الفلسطينية ومأساة شعب يعاني في أيّامنا هذه من الجوع والتشريد في غزّة.

فوق ذلك كلّه، إن الملك محمّد السادس هو رئيس لجنة القدس التي تحظى باهتمام مغربي خاص، خصوصاً في ضوء العلاقة التاريخية التي تربط بين المملكة والمدينة المقدّسة، وهي علاقة عمرها ألف سنة. فباب المغاربة، الذي تعرّض لهجمات إسرائيلية من كل نوع، والذي هو أحد الأبواب المؤدّية إلى المسجد الأقصى مازال شاهداً حيّاً على هذه العلاقة التاريخيّة.

كان مطلوباً كسر حرب التجويع التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة، كذلك كان مطلوباً دعم أهل القدس.

لم تتأخّر طائرات سلاح الجو المغربي في نقل كمّية من المساعدات إلى غزّة والقدس، عبر مطار تل أبيب، بعدما حقّق المغرب اختراقاً مهمّاً عبر استخدام ما يمتلكه محمد السادس من وزن سياسي ومكانة على الصعيدين الإقليمي والدولي وداخل إسرائيل نفسها.

في داخل إسرائيل، يستفيد المغرب من وجود جالية كبيرة من اليهود المغاربة. لايزال هؤلاء اليهود المغاربة يدينون بالولاء للمغرب وللعرش العلوي.

توجد معظم صلات قوية بين المغرب ومعظم يهود المغرب تصل إلى حد الولاء للعرش. تعود هذه الصلات إلى سياسة مغربيّة تقوم على المساواة بين المواطنين المغاربة بغض النظر عن دينهم.

لا يخفى أنّ العاهل المغربي يعتبر نفسه مسؤولاً عن كل مواطن مغربي داخل البلد وخارجه، كما أنّه مسؤول، بصفة كونه «أمير المؤمنين»، عن كل إنسان موجود على أرض المغرب. هنالك خاصيّة مغربيّة جعلت محمّد السادس يحقّق إنجاز إرسال المساعدات إلى غزّ ة والقدس برّا.

فعل ذلك بعد سدّ كلّ الأبواب البرّية في وجه وصول قوافل المساعدة إلى الغزّاويين.

الأكيد أن زعماء عرب آخرين عملوا كلّ ما في استطاعتهم عمله من أجل التخفيف من معاناة أهل غزّة.

لا يمكن الاستهانة بالجهود الأردنيّة التي أشرف عليها الملك عبدالله الثاني شخصياً من أجل إنزال مساعدات من الجو.

كذلك كان لافتاً الجهد الاستثنائي لدولة الإمارات العربيّة المتحدة بقيادة رئيس الدولة الشيخ محمّد بن زايد الذي اثبت مرّة أخرى معنى الانتماء إلى مدرسة الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة الذي لم يتردّد يوماً في تقديم كلّ الدعم الذي يحتاجه الفلسطينيون بعيداً عن أي نوع من التمنين.

لعب محمّد بن زايد دوراً محورياً في إقامة الجسر البحري بين قبرص وغزّة من أجل تأمين وصول مواد غذائية ومساعدات أخرى إلى القطاع المنكوب.

لم تدعم الإمارات فلسطين والفلسطينيين بالكلام الفارغ. على العكس من ذلك، فعلت كلّ ما تستطيع من آجل الحؤول دون تجويع الغزاويين وتأمين الحد الأدنى لمقومات الصمود التي يحتاج إليها أهل القطاع الذين يتعرضون لحرب شعواء جلس العالم يتفرّج عليها، فيما توجد قوى إقليمية تعمل على تأجيجها والاستفادة منها سياسياً.

في النهاية، هناك زعماء عرب يقدمون الفعل على الكلام. تكمن أهمّية الملك محمّد السادس في قدرته على الجمع بين المبادئ التي تتمسّك بها المملكة المغربيّة من جهة والجانب العملي من جهة أخرى.

تتمسّك المملكة المغربيّة بموقفها الدائم الذي لم تحد عنه يوماً والداعم للشعب الفلسطيني وقضيّته وإقامة دولته المستقلة، وتعمل في الوقت ذاته على جعل إسرائيل تفتح خطاً برّياً تصل عبره المساعدات إلى غزّة.

المغرب مبدئي وعملي في الوقت ذاته. لا يتوقف عند ما يقوله المزايدون الذين يرفعون الشعارات ولا يقومون بشيء من أجل فلسطين والفلسطينيين. المهمّ في الوقت الحاضر إيصال مساعدات إلى فلسطينيين أنهكهم الجوع.

المهمّ في الأيّام المقبلة العمل من أجل وقف للنار والتفكير في مرحلة ما بعد حرب غزّة تفادياً لتكرار المأساة التي ولدت من رحم غياب السياسة والحلول السياسية لدى اليمين الإسرائيلي من جهة ومجموعة مثل «حماس» تنتمي إلى تيار الإخوان المسلمين من جهة أخرى...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي جرأة ملك المغرب المبدئي والعملي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates