بقلم - فاطمة الصايغ
فقدت دولة الإمارات واحداً من الرعيل الأول الذين أسهموا بصدق وإخلاص في مسيرة الدولة، وترك بصمة خالدة في مسيرتها.
ترجل الفارس بعد مسيرة حافلة بالإنجازات، فهو الشخصية الإنسانية من جوانب متعددة: الاقتصادية، الخيرية والإنسانية، الرياضية، العلمية والتعليمية والثقافية. وفي كل مجال ترك بصمة تعبر عن مدى صدق وإخلاص وشغف صاحبها بالكمال وحب الوطن.
في الجانب الاقتصادي، عرف عن المغفور له وضع القواعد المالية والاقتصادية للاتحاد من خلال عمله كوزير للمالية، فقد امتلك خبرة اقتصادية ومالية وإدارية أهلته ليكون واحداً من الاقتصاديين القلائل الذين أسهموا في التطوير الدائم لاقتصاد الاتحاد واقتصاد دبي خلال مراحلها التنموية المختلفة، فقد وظف خبراته في الارتقاء باقتصاد بلده ووضع أسس القواعد المالية والصناعية والاقتصادية في الدولة. عرف عن الشيخ حمدان ذكاؤه الحاد وحرصه على متابعة حركة التنمية بشكل شخصي الأمر الذي مكنه من معرفة كل القضايا والتحديات التي تواجه الاقتصاد وإيجاد الحلول لها. كما أن النهوض بالاقتصاد خلق فرصاً للشباب، حيث كان الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، دوماً من دعاة النهوض بالشباب وتقديم الدعم لهم وتمكينهم.
تعليمياً، كان للشيخ حمدان بصمة قوية على التعليم في الإمارات والعالم. فقد قدم العديد من المبادرات والجوائز، الأمر الذي أسهم في بث روح المنافسة في الميدان التربوي. فقد قدمت جائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز من خلال 23 دورة، الجديد في كل مجال. كان المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، حريصاً على التعليم ورعاية الموهوبين. فهو مؤمن بأن التعليم هو أحد أهم أسباب النهوض بالمجتمع. كما أطلق العديد من الجوائز لتحسين جودة التعليم والعديد من المبادرات سواء داخل الدولة أو خارجها.
على المستوى المحلي، أطلق جائزة الشيخ حمدان للأداء التعليمي المتميز، والتي تنافس عليها العاملون في الميدان التربوي. فقد كان يؤمن بأن التعليم الجيد هو الطريق إلى التنمية الصحيحة، فقام ببناء المدارس والجامعات في كل بقاع العالم.
كما حرصت الجائزة على ربط نفسها بمجالات الحياة المختلفة، وخصوصاً مجال الابتكار والإبداع. فجهوده، رحمه الله، في مجال التعليم والعلم والثقافة واضحة في جميع البلدان، وخصوصاً الأفريقية. فرؤية الشيخ حمدان التعليمية لم تقتصر على تقديم الدعم المادي والإنساني للقطاع داخل الإمارات بل في كافة أرجاء العالم، وبثت الجوائز روح المنافسة في كل مكان. وقدم، رحمه الله، الكثير من الدعم للبحوث وخصوصاً الطبية، الأمر الذي حفز منظومة البحث العلمي.
في مجال المساعدات الإنسانية، عرف عن الشيخ حمدان بأنه صاحب القلب الكبير، الروح الملهمة ذات العطاء اللامحدود. فصاحب الأيدي البيضاء وصلت مساعداته إلى كل محتاج في كافة بقاع العالم دون تمييز عرقي أو ديني، وحظيت أفريقيا بمكانة خاصة في قلب المغفور له، ففقرها واحتياجها إلى أبسط المواد الإغاثية والإنسانية جعلها هدفاً لدعمه الدائم، ووضعها في صلب عمله الخيري. فتواصلت جهود الإغاثة من خلال «هيئة آل مكتوم الخيرية» التي أسهمت في دعم الدول الأفريقية في مجالات عدة، فأسهمت في حفر الآبار ودعم الصحة والتعليم في تلك البلدان، الأمر الذي جعل العمل الخيري، لطيّب الذكر، عابراً للحدود والقارات، وأسهم في رفع سمعة الإمارات عالياً.
في مجال الرياضة أسهمت جهود المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، في الارتقاء بالرياضة الإماراتية بأشكالها كافة. وكمحب لرياضة الفروسية، أسهم شغف الشيخ حمدان بالخيول في جعل خيول آل مكتوم تحتل مركزاً متقدماً في العالم. إن دولة الإمارات لن تنسى جهود الشيخ حمدان في مجالات الحياة كافة، وغيابه بلا شك سوف يترك فراغاً كبيراً محلياً وعربياً وعالمياً. والعزاء في خلفه الذين ولا شك سوف يواصلون الطريق الذي سلكه، رحمه الله، في العطاء والخير والإغاثة الإنسانية.