مرحلة جديدة في المنطقة

مرحلة جديدة في المنطقة

مرحلة جديدة في المنطقة

 صوت الإمارات -

مرحلة جديدة في المنطقة

د. وحيد عبدالمجيد
بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

بداية شديدة السخونة لعام 2020، الذي يبدو أنه لن يكون مثل الأعوام السابقة، فيما يتعلق بمسارات الأزمات المحتدمة في المنطقة، منذ مطلع العقد الثاني في هذا القرن، وارتبطت فيها صراعات داخلية بتدخلات إقليمية ودولية. كان اللواء قاسم سليماني، الذي قُتل في عملية عسكرية أمنية أميركية في مطار بغداد فجر الجمعة الماضي، «مهندس» التدخلات الإقليمية التي توسعت كثيراً، منذ أن تولى في عام 1988 قيادة «فيلق القدس» في الحرس الثوري. لم يعد هذا الفيلق، تحت قيادة سليماني، مجرد وحدة قوات خاصة تابعة للحرس الثوري، الذي يعد جيشاً موازياً للقوات المسلحة الرسمية. فقد اتخذ من فكرة هذا الحرس «نموذجاً» إرشادياً في تنفيذ خطة للتمدد الإقليمي، عبر بناء قوات موازية للجيش مثل «الحشد الشعبي» في العراق، وعدد غير معروف بدقة من المنظمات المسلحة في سوريا، أو العمل لتحويل منظمات قائمة إلى أذرع مثل «حزب الله» في لبنان، وجماعة «أنصار الله» الحوثية في اليمن.
وقد حظي سليماني بنفوذ كبير يفوق بكثير ما يتيحه له موقعه الرسمي في هيكل السلطة الرسمية، ومنظومتها العسكرية الأمنية، ليس بسبب نجاحه في هذه المهمة فقط، ولكن لقربه من صاحب القرار، إذ كان أحد عدد قليل للغاية من المسؤولين الذين يستطيعون التواصل معه في أي وقت، وهذا يفسر شدة الصدمة التي أحدثها مقتله، وردود الفعل الفورية التي لم نجد في الخطاب الرسمي ما يشبهها، كماً ومحتوى، في أي من محطات الصراع السابقة.
تعتمد السياسة الأميركية الحالية، بطابعها، على النفس الطويل أو ما يُسمى «الصبر الاستراتيجي»، لأن نتائجها تتفاعل على مدى فترة طويلة من الزمن. وكان الاتجاه السائد في أوساط دارسي الصراع في الخليج يميل إلى توقع استمرار واشنطن في الاعتماد على هذه السياسة طويلة الأمد، وانتظار ظهور نتائجها في المستقبل، عبر إرغام خصومها على تغيير سياستهم، دون الدخول في مواجهة عسكرية ضدهم. واستند هذا التوقع إلى عدم رغبة الطرفين في مثل هذه المواجهة، لما تنطوي عليه من تكلفة باهظة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وخسائر مهولة للطرف الآخر.
غير أنه كم من حروب تنشب نتيجة تداعيات صراع يتصاعد، وليس بسبب قرار استراتيجي لخوضها. ولذا، بدأ المشهد يتغير عندما بلغ التوتر المرتبط بتداعيات سياسة الضغوط الاقتصادية القصوى، ذروة غير مسبوقة، خاصة بعد اندلاع احتجاجات شعبية عارمة في العراق الذي حافظ الطرفان على صيغة لتقاسم النفوذ فيه لفترة طويلة.
فقد خلق هذا التزامن بين بلوغ التوتر أعلى مستوى، واندلاع الاحتجاجات العراقية، حالة فرضت اختبار قوة، الأمر الذي يبدو أنه دفع إدارة ترامب إلى مراجعة سياستها. فقبل يومين على مطلع العام الجديد، شنت القوات الأميركية هجوماً ضد ثلاثة مواقع تابعة لكتائب «حزب الله العراقي» في محافظة الأنبار، وموقعين له أيضاً في سوريا، رداً على هجوم صاروخي قالت «البنتاجون» إن هذه الكتائب شنته ضد قاعدة تابعة للتحالف الدولي «أميركية أساساً» غرب كركوك، وراح ضحيته جندي أميركي.
لم تكتف واشنطن هذه المرة بالاحتفاظ بحق الرد، بخلاف موقفها في مرات سابقة، حتى عندما أسقط صاروخٌ طائرةً أميركية مسيرة في يونيو الماضي، بل ضربت بقوة وأسفرت الضربة، وهي الأولى ضد مجموعة تعمل في إطار «الحشد الشعبي»، عن قتل 25 وإصابة 50، مما دفع قيادة الحشد إلى محاصرة مقر السفارة الأميركية في بغداد في آخر أيام العام المنصرم، ومحاولة اقتحامها، وحرق أحد أبوابها، ثم الاعتصام في محيطها.
وردت واشنطن مرة ثانية، ولكن بطريقة أشد إيلاماً، حيث استهدفت سليماني شخصياً، ومعه أبو مهدي المهندس قائد كتائب «حزب الله العراقي» التي أخذت الخطوة الأولى في التصعيد الذي لا يبدو أن أياً من طرفيه توقع المدى الذي يمكن أن يبلغه، منذ أن قصفت هذه الكتائب القاعدة الأميركية في 29 ديسمبر، وردت واشنطن عبر ضربة موجعة، الأمر الذي فتح الباب خلال أقل من أسبوع أمام مرحلة جديدة في مسار الصراع وفي التفاعلات المحددة لمستقبل الشرق الأوسط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة جديدة في المنطقة مرحلة جديدة في المنطقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates