بقلم - صلاح منتصر
تختلف أو تتفق معه إلا أن المؤكد أنه كان رئيسا مختلفا. فلم يكن كلينتون أو أوباما أو ريجان أو بوش وإنما كان ترامب الذى له حضوره غير العادى الذى جمع بين الدراما والإثارة والهزل أحيانا وتصرفاته وتغريداته التى شغل بها العالم. ورغم معارضيه فقد كسب إعجاب الأمريكيين البسطاء الذين لا شاغل لهم سوى أنفسهم، ولذلك كان واثقا من اكتساح انتخابات الرئاسة الثانية لولا جائحة كورونا التى تعالى عليها فى البداية وتمكنت من إصابة 22 مليونا واغتيال نحو 370 ألفا مما ترك الفرصة لاتهامه بأنه المسئول عن معظم هؤلاء الضحايا !
ولأنه لم يكن له تاريخ سابق فى العمل السياسى وإنما هبط بفلوسه على البيت الأبيض فقد سيطرت عليه عقلية التاجر التى نظرت إلى الرئاسة باعتبارها صفقة لا يمكن تصور أن يخسرها، ولهذا لم يصدق نتائج الانتخابات التى حصد فيها أصوات 73 مليون أمريكى ونقلت مفتاح البيت الأبيض لمنافسه. وفى إصرار غريب لم يعترف ترامب بالنتائج الرسمية وإنما راح يتهمها بالتزوير، خاصة أن كورونا فتحت مجالا كبيرا فى هذه الانتخابات للتصويت بالبريد. ورغم عديد الادعاءات التى ذكرها والدعاوى التى أقامها لتأييد اتهاماته فإنه لم يستطع كسب إحداها أو تقديم الدليل على ثبوت واحدة منها فى الوقت الذى لم يتنازل عن تأكيده أنه لم ولن يخسر الانتخابات.
وفى تصرف جنونى غير مسبوق دعا مؤيديه للذهاب إلى مقر الكونجرس لإعلان صوتهم بتزوير الانتخابات. وحدث ما تصورناه فيلما أو كابوسا فقد اقتحم المتظاهرون بصورة فوضوية مقر الكونجرس رمز ديمقراطية أمريكا من 250 سنة، وكان فيلم الرعب الذى شاهده العالم على الهواء مباشرة، ليصبح السؤال عن مسئولية ترامب فيما حدث، وسمعنا لأول مرة عن مادة فى الدستور تسمح بعزله حتى لو كان باقيا له فى الحكم يوم واحد لأنه ــ لم يقولوها صراحة ــ فقد عقله. وسواء حدث ذلك أو لم يحدث فقد تم إسدال الستار على رواية ترامب بصورة درامية حزينة!