بقلم - صلاح منتصر
عادت نافورة المياه التى تتوسط نيل القاهرة أمام فندق مريديان إلى الحياة واندفعت منها المياه بأشكال وألوان مبهجة بعد أن عرفت الموت والجمود 40 سنة. تلقيت فيديو تنطلق فيه مياه النافورة على أنغام صاحب الأصابع الذهبية والإبداعات الرائعة الفنان عمر خيرت وقد تم اختيار مقطوعته «عم أحمد» لترقص مياه النافورة على أنغامها فى تشكيلات رائعة.
وهذه النافورة لها حكاية غريبة، فلم يخطط لها واحد أو حتى فكر فيها وإنما ولدت من مشروع بناء كوبرى الجامعة الذى تم اختيار شركة كروب الألمانية لإقامته عام 1957 بطول 450 مترا، وفى ذلك الوقت الذى كان فيه الجنيه المصرى يتم استبداله بأربعة دولارات تولت الشركة الألمانية تنفيذ الكوبرى مقابل مليون ومائة ألف جنيه. وكانت ميزانية مصر فى ذلك الوقت مائتى مليون جنيه وتعتبر ميزانية ضخمة.
وقد كانت الكبارى أهم وسائل توسعة القاهرة وربط شاطئيها الشرقى والغربى وقبل كوبرى قصر النيل الذى أقامه الخديو إسماعيل عام 1868 كان يتم عبور النيل بواسطة المراكب الشراعية.
أما عن كوبرى الجامعة فعندما اقترب موعد انتهاء الشركة الألمانية من تسليمه، فكرت الحكومة المصرية فى أن تجاملها شركة كروب وتعفيها من سداد المائة ألف جنيه المتبقية بعد سداد مليون جنيه. واختارت الحكومة المصرية المهندس القدير المرحوم أحمد محرم وهو من كبار مهندسى مصر وكان أستاذا لعلم الإنشاءات الخرسانية وقام بتصميم ومراجعة معظم الكبارى وهو بالمناسبة الذى قام بتصميم مصنع الحديد والصلب فى حلوان وعشرات المصانع الأخرى.
وسافر المهندس محرم إلى ألمانيا لمفاوضة الشركة الألمانية ليفاجأ على عكس ماكان مرجوا برفضها بشدة التنازل عن جنيه واحد. لكنها فى المقابل وعدت عند تسليم الكوبرى كاملا تقديم هدية لمصر. وهذه الهدية كانت النافورة التى أقامتها فى المكان الموجودة به حاليا، وبالطبع لم تلق الصيانة الواجبة فتوقفت عن العمل ودخلت فى غيبوبة طويلة عادت منها أخيرا فى ثورة التعمير التى عمت مصر.