بقلم - صلاح منتصر
منذ سنوات والمريض على الجهاز التنفسى دون أى أمل فى الشفاء بينما أهله يكعون الفواتير المتراكمة حتى أصبح السؤال هل يستمرون فى تحمل التكاليف المطلوبة أم نسحب الفيشة وتكون رصاصة الرحمة كما يقولون؟ من الناحية العاطفية يبدو أننا نقتل مريضا قد تحدث المعجزة وتدب فيه الحياة، أما واقعيا وبحساب المصلحة فنحن نوفر الفلوس والجهد بعد سنوات ثبت فيها تأخر المريض واستحالة استرداده لعافيته.
هذا بالضبط هو موقف مصنع الحديد والصلب الذى بدأ بأربعة أفران ثلاثة توقفت تماما ومنذ 24 سنة متواصلة وهو يحقق خسائر بلغت 14 مليار جنيه، وبالتالى أصبح السؤال هل يستمر المصنع بالتنفس الصناعى كى يعطى لنحو 7000 عامل أجورهم أم يجرى تحمل تعويضات العاملين وإنهاء مصنع لا فائدة من استمرار وجوده؟
القرار صعب فى آثاره على العمال ولكن بالنسبة للمصلحة العامة فلا شك أن تصفية المصنع كما أعلن وزير قطاع الأعمال هو القرار الصحيح.
أذكر فى يناير 1977 قبل 43 سنة عندما أرادت الدولة مواجهة مشكلة تزايد الدعم النقدى لعدد من السلع تبيعها بأقل من تكلفتها أن أصدرت قرارها بزيادة أسعار هذه السلع لـ تصحح الوضع الاقتصادى .
وجاء رد الفعل الفورى ثورة شعبية خشيت معها الدولة انفلات الأمور فتراجعت عن القرار. وسنة بعد أخرى بدأت تكاليف الدعم تتزايد وتلتهم الجزء الأكبر من موارد الدولة حتى أصبحنا نعيش بالخداع وأصبح المساس بالدعم عقدة شلت إصلاح الاقتصاد وأضعفت يد صاحب القرار حتى حسم الرئيس السيسى الموقف وقرر مواجهة المشكلة بصرف النظر عن تأثير القرار على شعبيته مادام فى المصلحة العامة. وبالفعل ارتفعت أسعار السلع ولكن فى المقابل بدأنا نعيش الحياة بواقعها حتى وإن كانت صعبة ونحقق ما تحقق من مشروعات سنجنى وأولادنا حصادها.
فى قضايا مثل الحديد والصلب تكون التصفية رغم آثارها النفسية وحسابات العاملين هى الحل الضرورى و الضريبة التى يدفعها الشعب لا الحكومة، لأن كل خسارة هى من جيوب المواطنين!