بقلم - أسامة الغزالي حرب
عشر سنوات تمر هذا الأسبوع على أحداث ثورة يناير 2011 التى حفرت فى تاريخ مصر المعاصر وقائع ثمانية عشر يوما لاتنسى بين اندلاعها فى ميدان التحرير فى قلب القاهرة ظهر يوم الثلاثاء 25 يناير، فى ذكرى عيد الشرطة ال مصر ية، وبين تخلى الرئيس مبارك عن السلطة بالبيان الشهير الذى ألقاه اللواء عمر سليمان مساء يوم الجمعة 11 فبراير.
لقد شاركت شخصيا فى هذه الثورة المجيدة، وقضيت أيامها كلها تقريبا فى الميدان، مع زملائى وأبنائى من شباب حزب الجبهة الديمقراطية، الذين كانوا فى طليعة المشاركين فيها، ولكنى أيضا كنت مراقبا لها كباحث ودارس لظاهرة الثورة التى كانت موضوعا لرسالتى للماجستير عام 1978.
كانت المشابهة حاضرة دائما بين ما كان يحدث أمامى وبين مادرسته وقرأته، وكانت ثمانية عشر يوما هزت مصر والمنطقة من حولها، مثلما وصف الشيوعى الأمريكى جون ريد الفترة بين 16 و 26 أكتوبر 1917 فى روسيا أى فترة الثورة البلشفية، بأنها عشرة أيام هزت العالم، فى كتاب شهير بهذا الاسم.
وقادنى غياب القيادة عن الثورة لأن أدرك بل أتيقن أن ما وقع فى يناير 2011 لايمكن وصفه علميا إلا بأنه انتفاضة وليس ثورة، ولكننا نسميها ثورة على سبيل المجاز! وفى هذا السياق العام لم يختلف انتكاس ثورة يناير عن الانتكاسات التى تعرضت لها الثورات فى التاريخ، مثلما انتكست الثورة الفرنسية بعد خمس سنوات فقط من سقوط الباستيل وإلغاء الحكم الملكى المطلق...
ولكن هذا لم يعن أبدا خفوت المبادئ والقيم التى رفعتها الثورة الفرنسية وتدشينها فى النهاية للنظام الديمقراطى. غير أننى أعتقد أن أهم ما ميز ثورة 25 يناير 2011 كان هو موقف الجيش ال مصر ى منها، وهل يمكن أن ننسى فرحة المتظاهرين فى ميدان التحرير وهم يستقبلون بالترحيب والهتاف والورد الدبابات التى انتشرت فى الميدان، والتى حملت لهم رسالة قاطعة حاسمة، وهى أن جيش مصر لايمكن أبدا أن ينفصل عن شعب مصر أو يقف فى مواجهته!