بقلم - أسامة الغزالي حرب
مع كل يوم جديد فى مواجهة جائحة كورونا ، يتبدى لى مدى صدق العلماء الذين تنبأوا مبكرا بأن العالم بعدها سيختلف عما كان قبلها، بعد أن كنت متصورا أن ذلك التقدير ينطوى على مبالغة! ورد إلى ذهنى هذا الخاطر وأنا أقرأ على موقع الـ« بى بى سى » صباح أمس أخبار قيام اليونيسيف ( منظمة الأمم المتحدة للطفولة ) بتقديم المساعدات الغذائية للأطفال الفقراء فى أين...؟ فى بريطانيا !
وقال مسئولو اليونيسيف إنهم قاموا بتقديم تلك المساعدات للمرة الأولى لأن جائحة كورونا أدت إلى الفقر الغذائى فى بريطانيا ، وقدروا أن الأطفال فى خمس البيوت البريطانية يعانون الجوع.
غير أن تلك الحقيقة المرة لم تتقبل فيما يبدو ببساطة لدى البريطانيين، وتعليقا على تلك المساعدات من اليونيسيف ، قالت آنا كيتلى المسئولة البريطانية فى المنظمة: إننا أحد أغنى الأمم فى العالم، وينبغى ألا نعتمد على بنوك الطعام أو على المساعدات الغذائية.
وفى تعليق آخر لممثل إحدى الجمعيات الخيرية فى بريطانيا قال: إننا لم نتصور أبدا أننا سوف نتلقى مساعدات من اليونيسيف .....لقد تلقت إحدى العائلات تلك المساعدة بدموع الامتنان بعد أن كان بيتها خاويا من أى طعام! .
وفى جريدة الشروق (18/12) قرأت أن حزب العمال المعارض شن هجوما شرسا على حكومة المحافظين، معتبرا أنه من المخجل أن يتم إطعام نحو 1800 أسرة فقيرة فى خلال عطلة عيد الميلاد بفضل مساعدة اليونيسيف .
لقد جذبنى فى هذا الموضوع ما يظهر أنه شعور بجرح الكرامة والكبرياء إزاء تلك الواقعة التى تحدث لأول مرة فى تاريخ علاقة بريطانيا ب اليونيسيف ...
فهم كانوا دائما يعطون ويدعمون اليونيسيف لكى تساعد فى رعاية وتغذية أطفال الأمم الفقيرة فى العالم، ولكن كورونا وتوابعها غيرت من هذا الوضع تماما، وانضم أطفال من بريطانيا لأطفال فقراء من بنجلاديش واليمن ومن بلاد إفريقية كثيرة. حقا، إنه عالم جديد يتشكل...عالم ما بعد كورونا !.