بقلم - أسامة الغزالي حرب
يوم الجمعة أمس الأول «27/11» خرج عشرات الآلاف من أبناء الشعب السودانى الشقيق يودعون زعيمهم الكبير الصادق المهدى «85 عاما» إلى مثواه الأخير. لم يكن الصادق المهدى زعيما سياسيا عاديا، ولكنه كان شخصية كارزمية جمع بين انتمائه للأسرة المهدية والدعوة المهدية العريقة فى السودان، وتعليمه العصرى فى السودان و مصر وبريطانيا. درس فى صباه المبكر فى كلية فيكتوريا بالإسكندرية، قبل أن يرجع للخرطوم، ثم يذهب إلى جامعة أكسفورد فى بريطانيا ليدرس فيها الاقتصاد والسياسة والفلسفة.
أنتخب وهو فى التاسعة والعشرين من عمره رئيسا لحزب الأمة فى نوفمبر 1964. لقد خاض الصادق المهدى معارك ضارية لترسيخ الهوية القومية للسودان بعد حصوله على الاستقلال فى أول يناير 1956، وكان ذلك النشاط لصادق المهدى يتم بالأساس من خلال زعامته لحزب الأمة، أى حزب الأمة السودانية. أما كفاح الصادق المهدى من أجل الديمقراطية فكان مستمرا بلا كلل ولا يأس، بدأه مع ثورة أكتوبر الشعبية ضد نظام إبراهيم عبود فى 1964 وسعيه إلى توحيد القوى السياسية ضده. ثم مرة ثانية مع انقلاب جعفر نميرى فى 1969حيث اعتقل الصادق المهدى ونفى إلى مصر ، ثم اعتقل وأطلق سراحه ليعيش مغتربا فى بريطانيا وغيرها، ثم يعود إلى بلده يعارض نظام نميرى من الداخل ويواجه محاولاته الفجة للتطبيق المشوه للشريعة الإسلامية الذى عارضه الصادق المهدى بقوة ليعتقل مرة أخرى قبل أن يخرج ليقود المعارضة فى ثورة ابريل 1985.
غير أن محاولة الصادق المهدى لبناء الديمقراطية تلك لم تلبث بدورها أن تحطمت مرة أخرى بفعل الانقلاب العسكرى الإخوانى لعمر البشير وحسن الترابى، الذى نعرف نحن فى مصر كوارثه أكثر من أى بلد آخر، والذى واجهه الصادق المهدى أيضا بكل قوة وحسم، واتهمه بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ، قبل أن تطيح به الثورة الشعبية فى ابريل 2019 ..رحم الله السياسى والمناضل السودانى الفذ الصادق المهدى وأسكنه فسيح جناته.