بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
مثلما كتبت أكثر من مرة، فأنا من عشاق رأس البر، تلك المدينة الصغيرة الفريدة ،التى تقع على اللسان البرى عند التقاء فرع دمياط لنهر النيل مع مصبه على البحر المتوسط، وكلما أذهب إلى هناك استذكر أننى كنت من المحظوظين الذين أتيحت لهم رؤية منابع النيل عند بحيرة فيكتوريا فى أوغندا حيث اللافتة الكبيرة «من هنا ينبع نهر النيل»، وياله من مشهد! غير أن ما أضاف اسبابا أخرى لجاذبية رأس البر هو تفردها فى بعض الحرف والصناعات التى اشتهرت بها المحافظة الأم «دمياط»، الأكثر نشاطا وإنتاجية فى مصر، وخاصة صنع الحلوى و الفطائر.
وهناك أسماء لامعة شهيرة ارتبطت بتلك الحرف يحفظها عن ظهر قلب رواد رأس البر وعشاقها، ولكل منهم زبائنهم بل ومريدويهم! وقد اعتدت فى زياراتى لرأس البر أن ألتقى مع من أعتبره «شيخ حارة» رأس البر، الذى يعرف كل كبيرة وصغيرة بالمدينة ، ويعى بكل دقة تفاصيل أولوياتها ومشاكلها، ولكن الأهم من ذلك أنه كائن سياسى، يتابع بكل دقة كافة التطورات السياسية، و لا يخفى إعجابه الشديد بالرئيس السيسى، وهو صلاح دعدور، الذى ورث مهنة صنع الفطير عن أسرته. وفى لقاء أخير لى معه أراد دعدور أن يعبر عن إعجابه بأداء بعض الوزيرات والوزراء بالحكومة الحالية، فقال تعبيرا أعجبنى كثيرا وهو «المعلم بصبيانه»! ذلك تعبير قدرته كثيرا من أحد أبناء محافظة عرفت تقليديا بشطارة ومهارة أبنائها وتقديسهم للعمل ولإتقان العمل. وقد ظننت أن ذلك مثل مصرى، فرجعت إلى الكتاب ذائع الصيت للعلامة أحمد تيمور باشا «الأمثال العامية»، فلم أجد هذا المثل، مما يرجح أنه مثل «دمياطى» بامتياز، أبدعته حكمة أصحاب الحرف العريقة فى دمياط، نعم..المعلم بصبيانه!