متى سيتم إنصاف رشيد

متى سيتم إنصاف رشيد؟!

متى سيتم إنصاف رشيد؟!

 صوت الإمارات -

متى سيتم إنصاف رشيد

بقلم : مكرم محمد أحمد

اخترت هذا العام أن أمضى إجازة صيف قصيرة فى مدينة رشيد، واحدة من أجمل المدن المصرية التى تحوطها غابات النخيل، ترسم لوحة فائقة الجمال لطبيعة هذا الإقليم الذى يذخر تاريخه بأحداث جسام على رأسها رحيل الحملة الفرنسية بعد هزيمتها فى مصر، وكان على رأسها جاك مينو قائدها الثالث الذى اعتنق الإسلام وتزوج من زبيدة البواب، ويسكن قصر والدها كبير تجار الرشيد الذى لا يزال قائما فى دروب المدينة القديمة ضمن 30 أثرا تاريخيا جرى إعادة ترميمها فى عهد وزير الثقافة فاروق حسنى، فى خطة شاملة لإحياء مدينة رشيد لم يكتمل تنفيذها وطالها النسيان، وفى رائعة غادة رشيد, سجل على الجارم أحداث قصة زبيدة البواب التى رحلت الى فرنسا برحيل الحملة الفرنسية وكانت أسرة الجارم واحدة من كبريات أسر مدينة رشيد. دارها تشكل أحد معالم المدينة التى عثر فى قلعتها قايتباى على حجر رشيد الذى ساعد على فك طلاسم اللغة المصرية القديمة وقراءة تاريخ مصر الفرعونية قراءة صحيحة أخرجته من دائرة الخرافات الشعبية الى دائرة الحقائق المدونة التى كشفت عظمة الحضارة المصرية القديمة وإنجازاتها الرائعة فى مجالات التشييد والزراعة والفن وبناء مؤسسات الدولة وفى مقدمتها الجيش، وقديما كانت رشيد مركزا لصناعة العجلات الحربية التى مكنت الجيش المصرى من تحقيق أمن مصر وتوسيع إمبراطوريتها القديمة. ولا تزال رشيد واحدة من أهم مراكز صناعة السفن المصرية تضم خمس ترسانات أهلية لصناعة سفن الصيد التى تجرى فى البحر الأبيض وصولا الى سواحل إسبانيا والبرتغال، وتجتاز البحر الأحمر جنوبا وصولا إلى سواحل اليمن والصومال كما كان يفعل أسلافهم القدامى الذين وصلوا الى سواحل بلاد بونت لجلب البخور الذى تستخدمه معابد مصر القديمة ضمن طقوسها الدينية. ويضم متحف رشيد الحربى الذى افتتحه جمال عبد الناصر الأسلحة القديمة التى كان يتم استخدامها فى مقاومة قوات الحملة الفرنسية، حيث كانت رشيد تمثل أهم ميناء بحرى مصرى يفوق فى أهميته ميناء الاسكندرية ومركزاً لقيادة الحملة ومقراً لإقامة قائدها، ولا تزال وثيقة زواج زبيدة البواب وجاك مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية الذى أشهر إسلامه وتسمى باسم عبد الله مينو ضمن أهم معروضات المتحف، تحمل مرتين خاتم المحكمة الشرعية، مرة على أصل الوثيقة التى شطبت كل سطورها عقب رحيل الحملة ومرة أخرى على تصحيح من المحكمة الشرعية يؤكد صحة الوثيقة وثبوت عقد الزواج.
والرشايدة صناع مهرة وشعب متحضر، ربما كانوا الأوائل الذين تلقوا الصدمة الحضارية التى كشفت عمق الفارق بين الحضارة الأوروبية التى جاوزت عصر البخار الى الكهرباء، وثقافة المماليك التى تراوح مكانها ولا تزال أسيرة النقل والتقليد, وهم باليقين أول المصريين الذين تواصلوا مع العالم الخارجى، نقلوا عن المغاربة. الكثير فى فنون البناء خاصة القيشانى، يجيدون فنون الطعام، ويحسنون شواء اللحم بما يجعله فائق الجودة يفوق أى شواء آخر، ويبرعون فى حسن تنظيم حدائقهم المثمرة ورعايتها ويبقون على أعواد النخيل مثبتة فى الارض إن جاوز عمرها 300 عام تقريباً تكريما لها، لكنهم يشكون من إهمال المدينة التى لاتحظى بالاهتمام الواجب رغم ميزاتها المتعددة، ولم تدخل بعد فى إطار خطة التطوير الشامل التى يتبناها حكم الرئيس السيسى، تعانى نقصا فادحا فى مياه الرى أثر على إنتاجية 30 ألف فدان، وتلوث مياه الشرب الخاصة بالمدينة، ويضربها الكساد بعد ثورة 25 يناير دون أى مشروعات جديدة تواجه مشكلات البطالة المتفاقمة، ولسانها الذهبى بنهاية مصب النيل يتعرض لمخاطر البحر والتآكل، والأعمال متوقفة فى توسيع مسجدها الكبير لأكثر من عشر سنوات، وتفتقد المدينة إلى وجود جامعة أو فرع لأى جامعة تعنى بهذه المنطقة من شمال الدلتا التى تضم أجود الزراعات المثمرة إضافة الى مهارات عالية فى بناء سفن الصيد الكبيرة واليخوت، وربما تكون اعظم أمنياتهم أن يزور الرئيس السيسى مدينة رشيد، لأنهم يعتقدون أن هذه الزيارة سوف تضع رشيد على خريطة التنمية الشاملة بما يمكنها من استعادة بعض مجدها القديم.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاهرام 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى سيتم إنصاف رشيد متى سيتم إنصاف رشيد



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates