بقلم - مكرم محمد أحمد
تقول مؤشرات الانتخابات الإسرائيلية التى تجرى 9 أبريل المقبل أن نتيانياهو رئيس وزراء إسرائيل ورئيس تحالف الليكود الذى حكم إسرائيل أكثر من 13 عاماً يمكن أن يخسر الانتخابات بنسبة عالية وبفارق ضخم فى عدد مقاعد الكنيست يتجاوز عشرة مقاعد على الأقل، وأن التحالف الحزبى الجديد المُشكل من حزب الحصانة الذى يقوده بن جانتس رئيس الأركان الإسرائيلى السابق وحزب هناك مستقبل الذى يرأسه يائير لبيد أحد معارضى نيتانياهو الدائمين، اللذين يخوضان الانتخابات على تذكرة انتخابية واحدة سمياها الأبيض والأزرق اللونين المستمدين من ألوان علم إسرائيل، يمكن أن يهزم تحالف الليكود الذى يقوده نيتانياهو، وتؤكد استطلاعات الرأى العام الإسرائيلى أن تحالف بن جانتس ولبيد يمكن أن يفوز بأكثر من 36 من مقاعد الكنيست بينما يعجز تحالف الليكود الحاكم عن الحصول على أكثر من 26 مقعداً، وتضم قائمة جانتس ولبيد الانتخابية ثلاثة من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلى السابقين بما يعطيها قوة دفع كبيرة هم جابى أشكنازى الذى انضم إلى التحالف الخميس الماضى وموشيه عالون رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق الذى انضم إلى حزب الحصانة الشهر الماضى إضافة إلى جانتس آخر رئيس أركان إسرائيلى، ويتمتع الثلاثة بسمعة طيبة فى أوساط الجيش والجمهور الإسرائيلى، وتمر إسرائيل الآن بحملة انتخابية عاصفة يتعرض خلالها نتيانياهو لضغوط قوية ليس فقط بسبب قوة منافسيه الجدد، ولكن لأن الانتخابات تنطوى على ورقة خطيرة وحاسمة تتمثل فى احتمال أن يعلن المدعى العام الإسرائيلى قراره الذى يحدد موقف نتيانياهو من قضايا الفساد الثلاث التى تم استجوابه بشأنها العام الماضى وتتهمه بتلقى الرشوة وهدايا فاخرة من بعض رجال الأعمال الذين تربطهم به وزوجته سارة صلات قديمة.
وما يزيد من صعوبة موقف نيتانياهو أنه جريا وراء أصوات اليمين الإسرائيلى وأملاً فى أن يجد المزيد من قوى اليمين التى تشاركه الحكم أعلن تحالفه مع ثلاث مجموعات من اليمين المتطرف أخطرهم مجموعة الحاخام المتطرف مائير كاهانا المصنف أمريكياً جماعة إرهابية، تم تجريمها عام 1994 بعد أن ارتكب أحد أنصارها باروخ جولد شتاين مذبحته الشهيرة عندما أطلق النار فجراً على عدد من المصلين الفلسطينيين فى الحرم الإبراهيمى وهم فى صلاتهم ساجدون وقتل 29 فلسطينياً، وقد تسبب تحالف نيتانياهو مع أنصار المتطرف كاهانا فى أزمة شديدة باعدت بين الليكود واليهود الأمريكيين الذين اعتبروا ذلك أشبه بالتحالف مع جماعة كوكس كلان العنصرية ويثير الاشمئزاز والغضب ويؤكد للجميع أن نيتانياهو لا يتورع عن القيام بأى عمل من أجل البقاء فى السلطة، وبرغم ردود الأفعال الغاضبة فى أوساط اليهود الأمريكيين خصوصاً جى إستريت المعروفة باعتدال مواقفها التى رأت فى انضمام أنصار كاهانا إلى الليكود خروجاً على كل القيم اليهودية والصهيونية خاصة أن نيتانياهو لم يجد ما يُبرر ضم هذه المجموعة الإرهابية سوى الحرص على ألا يضيع صوت يهودى فى معركة فاصلة مع اليسار الذى يشكل من وجهة نظره خطراً على الهوية اليهودية ويمكن أن تضم القائمة العربية الموحدة التى تحظى بتمثيل واسع فى الكنيست يضم 13 نائباً، ويستخدمها نيتانياهو فى حملته الانتخابية ضد تحالف جانتس ولبيد حزب شاس الدينى الذى يرى أن اعتراف جانتس بالزواج المدنى وتساهله فى تسيير المواصلات يوم السبت خروجاً على الهوية اليهودية.
والواضح من إصرار نيتانياهو على ضم مجموعات اليمين المتطرف أن الليكود فى حاجة ملحة إلى شركاء جدد بعد أن تغيرت خايطة التحالفات الحزبية، وفقد بعض الشركاء الذين انضموا إلى تحالفات أخرى وضعفت قدرته على إنشاء تحالف حاكم، لكن ما من شك أن انضمام الجماعات المتطرفة خاصة جماعة كاهانا إلى الليكود سيكون له أثر خطير فى الرأى العام فى الداخل والخارج لأن انضمام هذه المجموعات المتطرفة يغير هوية الليكود وطبيعته، والواضح أيضاً أن قطبى التحالف الجديد، جانتس ولبيد، نجحا فى تسوية كل مشاكلهما واتفقا على تقاسم فترة رئيس الوزراء بحيث يتولى جانتس رئاسة الوزراء لمدة عامين ونصف العام هى نصف فترة الحكم يعقبه لبيد، لكن السؤال المهم الآن: هل تكون حكومة جانتس عوناً لإقامة السلام مع الفلسطينيين أم أن وجود ثلاثة من رؤساء الأركان السابقين فى الحكومة سوف يجعلها أكثر تشدداً فى قضايا الأمن والحدود؟!.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الأهرام