توقع خبراء اقتصاديون، أن تكون المكسيك هي الرابح الأكبر من الحرب التجارية المندلعة بين بكين وواشنطن. وأوضحوا أن المكسيك تملك الفرصة لتصبح أكبر مصدر لأجهزة التلفزيون المسطحة إلى السوق الأميركية.
حيث إن هذه الشاشات تندرج ضمن آلاف المنتجات الصينية، التي تستهدفها الرسوم الجمركية المقترحة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وفي نفس الوقت، يمكن للمزارعين المكسيكيين أن يحتلوا مكان منافسيهم الأميركيين في سوق اللحوم الصينية، التي تعد أكبر الأسواق في العالم، وذلك بعد أن فرضت بكين رسوماً جمركية إضافية على 106 من السلع الأميركية المستوردة، ومنها اللحوم.
واشترى المستهلكون الأميركيون العام الماضي من الصين شاشات بقيمة 3.9 مليارات دولار، ومن المتوقع أن حصة المكسيك في سوق الشاشات بأميركا ستنمو بسرعة على حساب الصين، في حال طبقت إدارة ترامب التعريفات الجديدة ضد المنتجات الصينية. كذلك لدى المكسيك فرصة للتمدد في السوق الصينية للحوم، بشرط أن تنجح في إبرام اتفاق سريع مع الصين بشأن تزويدها بمنتجات هذه اللحوم.
وتأتي مكاسب المكسيك التجارية تزامنا مع الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية مع الصين والاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت الإدارة الأميركية عزمها على فرض تعريفة جمركية بقيمة 50 مليار دولار على صادرات الصين إلى الولايات المتحدة من الإلكترونيات والآلات وعدد من المنتجات الأخرى.
يجرى إعداد قوائمها رداً على سرقة الصين حقوق الملكية الفكرية لعدد من الشركات الأميركية!، وتضم القائمة الأميركية 1300 منتج تخضع لمراجعة أخيرة خلال 30 يوماً قبل أن تدخل حيز التنفيذ،.
وقد جاء القرار الأميركي بعد يوم واحد من فرض الصين جمارك جديدة على بضائع أميركية قيمتها 3 مليارات دولار معظمها صادرات زراعية تشمل الفاكهة والنبيذ واللحوم، وقد أدانت وزارة التجارة الصينية القرار الأميركي الأخير باعتباره إجراء حمائياً تدينه الصين وترفضه وتؤكد استعدادها للرد الفوري عليه.
وعلى امتداد الشهور الماضية شغلت سياسة الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية جديدة على واردات أميركا السلعية من مجموعة الدول الصناعية التي تمثل شركاءها الأساسيين مثل الاتحاد الأوروبي والصين أسواق العالم، وتسببت في اضطراب واسع رغم توجه الولايات المتحدة الآن إلى التفاوض مع شركائها الأوروبيين.
وتمثل الحرب التجارية بين أميركا والصين والاتحاد الأوروبي تحدياً كبيراً للرئيس الأميركي ترامب الذي وعد أنصاره بأن يصلح سياسات أميركا التجارية لتحقيق مصالح العمال الأميركيين الذين تتقلص فرص العمل أمامهم بسبب المنتجات الأرخص ثمناً القادمة من الصين والاتحاد الأوروبي.
وكان قرار الرئيس ترامب رفع التعريفة الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم قد أحدث ضرراً بالغاً لعدد من الدول الأوروبية في مقدمتها ألمانيا، أهم الأطراف الأوروبية تصديراً للصلب إلى الولايات المتحدة، وزاد من حدة الأزمة تغريدات الرئيس الأميركي على تويتر التي أعلن فيها أن الحرب التجارية شيء حسن لأنه يمكن للولايات المتحدة أن تكسبها بسهولة.
وليس الألمان فقط هم المتضررون من سياسات ترامب التجارية الجديدة، ولكن الفرنسيين الذين يخشون من أن يؤدي تطبيق التعريفة الجمركية الأميركية الجديدة إلى إغلاق فرص عمل كبيرة في أوروبا بما يؤثر سلبياً على أحوال القارة الأوروبية الاقتصادية.
وكما يقول الأوروبيون فإن سياسة واشنطن الحمائية لن تكون في مصلحة أوروبا التي سوف تفقد الآلاف من فرص العمل ما لم يظهر الاتحاد الأوروبي قوته، ويوحد جهوده في منظمة التجارة العالمية مع جهود الصين والبرازيل، ورغم أن البريطانيين هم الأكثر سيطرة على ردود أفعالهم تجاه القرارات الأميركية لكن ثمة مخاوف كبيرة من أن يكون لسياسات واشنطن تأثيرها على صناعة الصلب الإنجليزي.
ورغم اعتقاد كثيرين بأن الحرب التجارية عادة ما يكون أثرها السلبي أقوى على الطرف الذي يحقق فائضاً تجارياً، ويحتل فيها المدين مرتبة أفضل من الدائن.
وربما تُسفر عن خفض ضخم في حجم التجارة المتبادلة، يكون له آثاره السلبية على الاقتصاد الأميركي، فإن استمرار سياسة واشنطن في رفع التعريفة الأميركية وأثرها في رفع الأسعار بالنسبة للمستهلك الأميركي سوف يقلص بالضرورة حجم التجارة مع الصين، وربما يكون المتضرر الأكبر هو الولايات المتحدة.