بقلم : مكرم محمد أحمد
فاز ائتلاف النصر الذى يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادى على كل القوائم والتحالفات فى الانتخابات العراقية الأخيرة, وحصد 41 مقعداً فى البرلمان العراقى الذى يضُم 329 نائباً، وفى مفاجأة من النوع الثقيل العيار حصل تحالف الزعيم مقتدى الصدر (سائرون) على المركز الثانى, وحصد 37 من مقاعد البرلمان، وجاء تحالف الحشد الشعبى الأكثر موالاة لإيران بزعامة هادى العامرى فى المرتبة الثالثة وحصد 34 مقعداً، وتراجع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نورى المالكى إلى المرتبة الرابعة بعد أن حصل على 34 مقعداً، والواضح أن الانتخابات العراقية تعكس فى صورتها الأخيرة الفشل المزدوج للنفوذين الإيرانى والأمريكى فى العراق، كما تعكس عزوف العراقيين الشديد عن المشاركة وتدنى نسبة الحضور إلى أقل من 45 فى المائة ,وهى أعلى نسبة عزوف عن التصويت منذ أول انتخابات متعددة الأحزاب جرت فى العراق عام 2005, تعكس غضب العراقيين من أداء الطبقة السياسية خلال السنوات الـ15 الماضية, وانعدام الثقة فى نواب البرلمان المنتهية ولايتهم وحجم الاستياء الشعبى البالغ من الفساد الذى طال الطبقة السياسية, وعبر عن نفسه فى خسارة أسماء سياسية بارزة فقدت مقاعدها البرلمانية، يتردد أن بينهم سليم الجبورى رئيس البرلمان العراقى الذى ينتمى للسُنة, ونائبه الشعبى همام حمودى, وعديله حمود وزيرة الصحة ومعظم الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء السابق نورى المالكى, الخاسر الأكبر فى الانتخابات العراقية.
وقد حصل تحالف مقتدى الصدر (سائرون) على المركز الأول فى عشر محافظات عراقية, بما كرس زعامة الصدر الذى يقود إحدى الميليشيات المهمة التى حاربت القوات الأمريكية خلال فترة احتلالها العراق، ويعارض الصدر هيمنة إيران على العراق، ويعلن دون موارية رفضه فساد الطبقة السياسة، ويستطيع أن يحشد ملايين المتظاهرين من أنصاره الفقراء فى شوارع بغداد، وبرغم أنه ينتمى لطائفة الشيعة فإنه الأقل تعصباً, وقد ضم تحالفه فى الانتخابات الأخيرة الشيوعيين والعلمانيين والمُستقلين وكل من يُعارض هيمنة أمريكا وإيران على العراق وهو صديق لكل من السعودية ومصر, ويستمد الكثير من سلطته من عائلته، ووالده محمد صادق الصدر الذى اغتيل عام 1999 لتحديه صدام حسين ,ولا يعرف بعد إن كان حيدر العبادى ومقتدى الصدر يستطيعان تشكيل تحالف حاكم خاصة أن الأمريكيين لا يغفرون للصدر أنه قاد انتفاضتين ضد الوجود الأمريكى فى العراق، صحيح أنه طلب من ميليشياته «جيش المهدى» أن تتحول إلى منظمة إنسانية لكنه لا يزال يحرص على صورة الزعيم المتمرد صديق فقراء العراق.
ومع أن الانتخابات العراقية جاءت بعد خمسة أشهر من تحرير مدن العراق من سيطرة داعش فى حرب شرسة خاضها الجيش العراقى تحت قيادة رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، سوف يدخل مرحلة سياسية جديدة، وأن الإقبال على أول انتخابات برلمانية بعد تحرير مدن العراق سوف يشهد إقبالاً ضخماً، إلا أن الناخبين العراقيين عزفوا عن المشاركة فى موقف احتجاجى واضح, بسبب فساد الطبقة السياسية واستمرار سيطرة الوجوه القديمة ونظام الانتخابات العراقية الذى يحمله الكثير من العراقيين مسئولية الفشل فى جذب الناخبين إلى الصناديق، لأنه يلزم المرشحين الجدد الانضمام إلى قوائم الأحزاب التى يتصدرها عادة المحترفون السياسيون بما يجعل نجاحهم جد محدود قياساً على أوضاع الفاسدين الذين يتصدرون القوائم!، ولهذا السبب جاءت فتوى المرجعية الشيعية الأعلى على السيستانى التى أكد فيها (أنه لا سبب دينياً يلزم الناخب بالمشاركة فى الانتخابات) عكس ما كان يؤكده فى مناسبات سابقة.
وقد استطاع الأكراد رغم صدامهم مع السلطة المركزية فى بغداد أن يحافظوا على تقدم حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى بزعامة مسعود البرزانى الذى فاز بثمانية مقاعد، وإن كانت أعمال العنف والاحتجاجات فى كركوك التى يسكنها خليط من الأكراد والتركمان والعرب وتمتلك 12 مقعداً فى البرلمان قد سيطرت على المدينة وعطلت الانتخابات بما جعل رئيس الوزراء حيدر العبادى يطلب إعادة فحص الصناديق المطعون عليها وسرعة إعلان نتائج التحقيق على الرأى العام.
نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع